– خطوات على تشكيل حكومة العهد الأولى كما أرادها فخامته
***
حبيب البستاني – قلما تحقق في تاريخ شعب ما استطاع أن يحققه هذا العهد خلال سنتين من تاريخ وطن، فمن وطن قابع تحت وطأة الإرهاب والتبعية والخوف من إرهابيي الخارج والداخل، إلى وطن حر مستقل خال من الإرهاب، وغير خاضع لمنطق الوصاية ومنطق داعش في آن معاً، قائد فذ رؤيوي استطاع اتخاذ القرار الشجاع غير عابىء بتهديدات الداخل ونصائح الخارج، فحرر الأرض معتمداً على جيش قوي يعرف مكامن قوته جيداً وهو ابن المؤسسة العسكرية ألذي يعرف ولاءها للوطن وهي تعرف مدى حبه لها، فنجح في واحدة من أشرس المعارك التي خاضها الجيش اللبناني منذ نشأته وحتى يومنا هذا، معركة فجر الجرود، فحقق النصر حيث فشلت كل جيوش المنطقة الكبيرة والمسلحة بأحدث أنواع السلاح من تحقيقه، ومن ثم استطاع تطبيق مقولة أن لبنان أكبر من أن يبتلع وأصغر من يقسم.
نعم إنه فخامة الرئيس ميشال عون
القائد القوي والرئيس المقدام الذي حقق في فترة صغيرة ما عجزت عن تحقبقه عهود على مدى عقود وعقود. فوضعت الموازنة التي غابت لأكثر من اثني عشر عاماً، وبدأ بتحقيق ما كان يعتبر حلماً لمعظم اللبنانيين، فبدأ بتنفيذ خطط بناء السدود لإعطاء الإكتفاء الذاتي من المياه العنصر الأساسي لاستمرار الحياة، وما تم تحقيقه يفوق كل ما سبق وتم إنجازه منذ فجر الاستقلال حتى اليوم عشرات المرات.
ومن ثم تم البدء بوضع خطط الكهرباء موضع التنفيذ بغية تأمين الطاقة للمواطنين وذلك بالرغم من وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية، وبالرغم من العصي التي كانت توضع في دواليب الخطط من قبل الصديق والخصم في آن معاً، ولكنه استمر غير عابىء بكلام من هنا وانتقاد من هناك.
وكان الإنجاز الأبرز وضع لبنان على قائمة الدول المنتجة للبترول وللمشتقات النفطية، على الرغم من تهديدات العدو الإسرائيلي الذي وللأسف الشديد لاقت صداها لدى بعض الأبواق الداخلية.
ولمع نجم فخامة الرئيس بطريقة معالجته الفذة لموضوع الغياب القصري لرئيس الحكومة، فتصرف بمهنية وجراة قل نظيرها واستطاع في ظرف أيام فرض وجهة نظره على العالم أجمع، ومن يومها أصبح البلد الصغير يعد له ألف حساب في المحافل الدولية والإقليمية.
العسكري المتمرس بالسياسة والديمقراطية
عسكري الهوى لبناني الهوية ولكنه أكثر ديمقراطية من ديموقريطوس نفسه، فقد استطاع فخامة الرئيس من النجاح في وضع قانون انتخاب عصري يعتمد النسبية ويؤمن عدالة التمثيل لكل الشرائح اللبنانية إلى أية طائفة أو حزب انتمت. فمنذ الاستقلال ومنذ حكومات وعهود ما بعد الطائف، لم يستطع أحد من تغيير حرف من القانون الأكثري، حيث كانت تتم تكبير الدوائر أو تصغيرها بحسب مصلحة هذا الفريق أو ذاك، وحده الرئيس عون من بين كل الرؤساء استطاع قلب القانون الإنتخابي رأساً على عقب، والنجاح في إجراء انتخابات نيابية بالرغم من إصرار أكثرية الكتل والأحزاب السياسية على التمديد، فاستعمل كامل صلاحياته عل قلتها بعد الطائف، لإجبار المجلس النيابي على اتخاذ القرار بإجراء الإنتخابات ووقف مسلسل التمديد.
الإطلالة الدولية
بالرغم من المشاكل التي يتخبط فيها الوطن لم يتوانى فخامة الرئيس عن حمل هموم لبنان والعرب فكان المدافع الأول عن قضية فلسطين، ومن بروكسل إلى نيويورك نادى بعودة اللاجئين وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، وأعلن رفض لبنان للتوطين بمختلف أشكاله وطالب المجتمع الدولي بالعمل على تأمين العودة الآمنة للنازحين إلى سوريا. وقد لاقت مداخلات الرئيس إعجاب الهيئات الدولية والعربية، سيما وأن المطالب التي يحملها هي مطالب محقة ومشروعة.
تأليف الحكومة وفرض المعيار الواحد إستناداً إلى نتائج الإنتخابات
واليوم وفي حمأة تشكيل الحكومة العتيدة يبرز دور فخامة الرئيس كحام للدستور والساهر على احترام نتائج الإنتخابات، فما معنى أن تجرى انتخابات ولا تحترم إرادة الناخب، فجرت محاولات كثيرة لطي ذراع العهد والقفز فوق النتائج، وحاول البعض مد يده إلى خرج العهد ولكن الرئيس كان بالمرصاد لكل هذه المحاولات.
وها نحن اليوم على بعد خطوات من تشكيل حكومة العهد الأولى تماماً كما أرادها فخامته، حكومة وحدة وطنية ملتزمة بإجراء الإصلاح المنشود وحل مختلف المشاكل المزمنة للبنانيين، والعمل على عودة النازحين وإعطاء الأمل لكل الناس أنه قد أصبح لنا وطن، وطن مزدهر يتساوى فيه الجميع أمام القانون وينعم أبنائه بالأمن والطمأنينة.
* كاتب سياسي