آمال خليل-
عن قصد أو عن غير قصد، تتوافر الأسباب التي تبرر المطالب المنادية بنزع السلاح والمسلحين من مخيم المية ومية. الفصائل الفلسطينية تخلق هذه الأسباب، من خلال اشتباكاتها التي تهدد أمن أهل المخيم والجوار. وبعد انتشار الجيش في الحي الغربي من المخيم قبل يومين، تجددت الاشتباكات أمس، لتعطّل الحياة في مدينة صيدا.
بشكل مباغت، تجددت الاشتباكات أمس بين حركتي «فتح» و«أنصار الله». بحسب شهود عيان، كان الأمين العام لأنصار الله جمال سليمان «يهم بالخروج من مسجد المخيم مع عدد من عناصره، عندما تعرض لإطلاق نار من مراكز قوات الأمن الوطني الفلسطيني» التابعة لفتح. سريعاً، تمركز الطرفان خلف الدشم وبدأ تبادل إطلاق النار بالرشاشات والقذائف الصاروخية والمتوسطة. وعلى رغم أن الانتشار العسكري للطرفين لم يتغير ميدانياً على الأرض، إلا أن شظايا الاشتباك العنيف وصلت إلى صيدا والصالحية وعين الحلوة و الغازية وحارة صيدا. حتى ساعات الليل الأولى، كان الاشتباك لا يزال مستمراً، قبل أن ينتقل إلى وتيرة متقطعة. سقط عدد من الجرحى في صفوف الأمن الوطني، إضافة إلى مدني أصابته رصاصة طائشة بينما كان يتنقل على طريق سينيق بين صيدا والغازية. وفي وقت لاحق، أصيب جنديان في الجيش اللبناني بشظايا قذيفة سقطت في النقطة التي استحدثها الجيش عند مدخل المخيم أول من أمس.
على وقع القذائف، تسارعت الاتصالات لوقف إطلاق النار. أولى الاجتماعات عقدت في مكتب إمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود شارك فيها ممثلون عن الفصائل الفلسطينية وحزب الله وحركة أمل الذين تواصلوا مع المتقاتلين لتثبيت وقف إطلاق النار، من دون تجاوب المتحاربين. المجتمعون انتقلوا في وقت لاحق إلى مكتب النائب أسامة سعد لمتابعة الاتصالات. بالتزامن، استضاف مسؤول استخبارات الجيش في صيدا العميد ممدوح صعب وفداً من ممثلي الفصائل الفلسطينية للضغط باتجاه وقف الاشتباك، من دون جدوى أيضاً.
ولاحقاً، عقد اجتماع في مركز حركة أمل في حارة صيدا بمبادرة من الرئيس نبيه بري الذي تلقى اتصالاً من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية (اتصل أيضاً بالرئيس سعد الحريري)، طالباً منه التدخل لوقف إطلاق النار. ومن المنتظر أن يعقد صباح اليوم اجتماع في مقر المجلس السياسي لحزب الله لمناقشة التوصيات التي صدرت عن الاجتماعات كافة: وقف إطلاق النار فوراً وسحب المسلحين وإعادة الحياة الطبيعية للمخيم ورفع الغطاء عن أي مخل بالأمن والتعاون الكامل مع الجيش.
مصدر أمني لبناني تحدث عن تباين في الموقف داخل فتح تجاه الاشتباك مع أنصار الله. قسم «دعم الهجوم على مربع أنصار الله للقضاء عليه وإخراج سليمان ومجموعته إلى خارج المية ومية». فيما قسم آخر أيّد «بقاء الوضع على ما هو عليه بعد الاشتباك الأخير وترك الأمور بيد الجيش الذي تعهد بضبط الأمن». التباين ظهر في عدم استجابة عدد من عناصر القوات لنداءات قائدهم اللواء صبحي أبو عرب عبر أجهزة اللاسلكي بوقف إطلاق النار. علماً أن القوات لم تحقق تقدماً نحو مربع سليمان باستثناء تمركزها السابق في مقر الشعبي الواقع قبالة حدود المربع، فيما استدعت تعزيزات من خارج المخيم.
تبادل الرسائل بالنار، وجد صداه في عين الحلوة. إذ استنفرت مجموعات تابعة للإسلاميين بلال العرقوب وبلال بدر ومناصري حمزة نجل سليمان الذي له ارتباط وثيق بإسلاميي عين الحلوة منذ أن قاتل في صفوف النصرة في سوريا. عناصر مقنعة تابعة لتلك المجموعات نفذت انتشاراً في المنشية والرأس الأحمر.
الاشتباكات أدت إلى نزوح عدد من سكان المخيم وأهالي بلدة المية ومية، فيما أعلنت كليات الجامعات اللبنانية والخاصة والمدارس في صيدا تعليق الدروس اليوم. واللافت أن اشتباك أمس، جاء بعد ساعات قليلة من زيارة قام بها وفد من البلدة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للمطالبة بإزالة التعديات عن أملاك أهالي البلدة، الأمر الذي يعني إزالة الجزء الغربي من المخيم، الذي نشأ بعد تسعينات القرن الماضي.
وشدد الرئيس عون على «ضرورة سحب السلاح والمسلحين من المخيم لانتفاء حاجته»، مطمئناً الأهالي بأن تسلم الجيش لحاجز الكفاح المسلح عند مدخل المخيم «خطوة من خطوات لاحقة ستريح الجميع وتثبت الأمن والاستقرار بيد الجيش اللبناني».
وكان الوفد قد طالب عون باستعادة أملاك أبناء المية ومية «التي يشغلها الإخوة الفلسطينيين في منطقتي عين الحلوة العقارية ومخيم المية ومية، لناحية دفع التعويضات وإزالة التعديات الحديثة وتحرير الأراضي والعقارات من رسوم الانتقال بين الورثة وتحديد لجنة خبراء من الدولة اللبنانية لتخمين قيمة التعويضات لرفعها إلى المحافل الدولية».
-الأخبار-