حسان الحسن –
في هذه المرحلة الإنتقالية التي تشهدها الولايات المتحدة الأميركية بعد وصول ادارة جديدة بقيادة دونالد ترامب الى البيت الأبيض، إنشدت الأنظار الى الميدان السوري، خصوصاً الحلبي، وما ستؤول إليه الأوضاع هناك، وهل سيقدم الروس على تأمين دعم فعال للجيش العربي السوري ولحلفائه لاسترجاع الاحياء الشرقية من حلب في هذا الوقت الضائع قبل استلام الرئيس الاميركي الجديد؟ وهل سنشهد اي تغيير لعلاقة الادارة الجديدة مع الملف السوري بشكل عام؟ لاسيما وان ترامب صرح في اكثر من مرة اثناء حملته الانتخابية أنه مستعد للتعاون مع الرئيس بشار الأسد في مجال مكافحة الإرهاب، وهل سيمهد هذا التعاون في حال حصوله، الى بداية وصل ما انقطع بين واشنطن ودمشق، بالتالي إعادة تبادل التمثيل الدبلوماسي؟
في واقع الحال، لم يطرأ أي تغييرٍ ميداني اساسي في مختلف جبهات القتال بعد ان صد الجيش العربي السوري هجوما عنيفا على كامل الاحياء الغربية لمدينة حلب، وهو اليوم يتابع مع حلفائه تعزيز مواقعه وقضم مناطق سيطرة المسلحين واستعادة بعض النقاط التي خسرها أخيراً كضاحية الأسد ومنيان في جنوب غرب حلب مع استعداده الواضح للتقدم جنوبا وغربا اكثر والسيطرة على نقاط ارتكاز ستشكل قواعد انطلاق للاندفاع باتجاه خان العسل والمنصورة وخان طومان في اتجاه الزربة وطريق حلب دمشق الدولية..
الى ذلك، تتخبط المجموعات المسلحة في ما بينها على كامل جبهات المواجهة مع الجيش العربي السوري، بخاصةٍ “مسلحي حلب” وهم يعانون أزمة ثقة ايضاً، وكان آخر الصراعات بين تنظمي “نور الدين الزنكي” المنضوي في صفوف “الجيش الحر” و” تجمع فاستقم كما أمرت”، على خلفية اختطاف الأخير لما يسمى المسؤول العسكري لغرفة عمليات “فتح حلب”، المدعو ابو بشير معارة.
وفي السياق، تستبعد مصادر في المعارضة السورية قيام القوات الروسية باي مبادرة تقلب موازين القوى في الميدان في المرحلة الراهنة، تحديداً في حلب، قبل تسلم الإدراة الاميركية الجديدة مقاليد الحكم، وهي لا ترى اي تحريك لعجلة الحلول السياسية المرتجاة لحل الازمة الراهنة قبل شهر شباط المقبل.
في الغوطة الشرقية، وصلت القوات السورية الى بلدة الريحان، التي لا تبعد سوى 2 كليومتر عن مدينة دوما، المعقل الرئيسي “لجيش الاسلام”، التابع للمملكة السعودية، وهي تعمل على تثبيت نقاط وحداتها في محيط المدينة، ما دفع “جيش الإسلام” لإعلان النفير العام وحمل السلاح بهدف وقف زحف الجيش السوري والحؤول دون وصوله إلى معقل التنظيم.
وفي الغوطة الغربية، يسعى الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني لتأمين أوتوستراد السلام الذي يربط بين دمشق والقنيطرة، لا سيما أن المجموعات المسلحة لاتزال تسيطر على الجهة الشرقية منه في بلدة خان الشيح في “الغوطة” ما يهدد طريق الإمداد الحيوي للجيش العربي السوري بين دمشق والقنيطرة، من هنا يظهر حرص الجيش على تأمين هذا الاتوستراد لقطع طرق التواصل بين مناطق سيطرة المسلحين ولصد تقدمهم باتجاه ريف دمشق الغربي، وفي حال وصولهم إليه من الجهة الغربية تصبح المنطقة الممتدة من خان الشيح الى جبل الشيخ تحت سيطرة “النصرة” إضافة إلى سيطرتهم على مناطق واسعة في القنيطرة، وذلك بحسب ما ترى مصادر ميدانية.
وتشير هذه المصادر من جهة اخرى الى انه تم إحباط الهجوم “التكفيري- الإسرائيلي” المشترك على منطقة حضر في القنيطرة في الجنوب السوري، حيث كانت اكثر المعارك ضراوة تدور عند سفوح جبل الشيخ بين الجيش السوري ووحدات الدفاع الوطني من جهة ومجموعات مسلحة تابعة لـــ”جبهة النصرة “و”الجيش السوري الحر” من جهة أخرى والتي تحظى بدعمٍ “إسرائيلي” مباشر، والهدف كان دائما وما زال انتزاع بلدة الحضر ومحيطها من سيطرة الشرعية السورية وربط اماكن سيطرة المسلحين في منطقة بيت جن جنوب غرب خان الشيح بمنطقة جنوب القنيطرة في جباتا الخشب على تخوم المناطق المحتلة من الجولان السوري.
وفي آخر التطورات في محافطة الرقة في الشرق، تؤكد مصادر سياسية سورية أن حملة “غضب الفرات”، التي شنتها القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة لتحرير الرقة من “داعش”، ليست سوى حركة إنتخابية دعائية لمصلحة الحزب الديموقراطي الأميركي سبقها الزمن الان بعد انتخاب مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، وبالتالي هي سوف تضعف ولن تحقق اي نتيجة قبل تحرير الموصل، ودائما برأي المصادر التي ترى أن الأولوية اليوم للقوات السورية هي السيطرة على مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي لقطع الطريق على مخطط تركيا والفصائل التابعة لها من التوجه نحو الرقة.
وتبقى الانظار مشدودة الى العلاقات المستقبلية بين سورية والادارة الجديدة في الولايات المتحدة الاميركية، وهل ستشهد المنطقة اي تغيير في سياسة الاخيرة ناتجة عن تداعيات الزلزال العالمي بعد فوز ترامب، وتعتبر المصادر أن استراتجية الأخير تجاه دمشق لاتزال غامضة، وليس بوسعه تخطي المؤسسات الأمنية والعسكرية التي خططت للحرب على سورية بين ليلة وضحاها على حد قول المصادر التي ترجح أن يكون التنسيق بين واشنطن ودمشق في مجال مكافحة الارهاب، والذي أعلنه ترامب في حملته الانتخابية عبر موسكو وليس بشكل مباشر.
المصدر: المردة