كشفت صحيفة “فورين بوليسي” أن إسرائيل سلحت ومولت بشكل سري خلال السنوات الأخيرة 12 فصيلا مسلحا معارضا على الأقل جنوب سوريا بهدف منع سيطرة “داعش” والقوات المدعومة إيرانيا على المنطقة.
وأوضحت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم الخميس، استنادا إلى معطيات حصلت عليها من أكثر من 20 قياديا أو عنصرا في هذه الفصائل المسلحة، التي بلغ عدد مقاتليها آلاف الأشخاص، أن “عمليات التوريد، التي تم وقفها في يوليو العام الحالي، شملت البنادق الهجومية والرشاشات ومنصات إطلاق القذائف المدفعية وعربات النقل”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مررت الأسلحة والمعدات العسكرية للمسلحين عبر 3 بوابات تربط بين هضبة الجولان المحتلة وسوريا، مبينة أن هذه الممرات هي تلك التي استخدمتها إسرائيل لنقل المساعدات الإنسانية إلى سكان الجنوب السوري الذين يعانون من الحرب الأهلية منذ 7 سنوات.
وما عدا ذلك خصصت إسرائيل، حسب ما نقلته “فورين بوليسي” عن مسلحين وصحفيين محليين جنوب سوريا، أجورا “للمقاتلين المتمردين” حيث قدمت لكل منهم 75 دولارا أمريكيا في الشهر، كما منحتهم أموالا إضافية لشراء الأسلحة في السوق السوداء السورية.
وقالت الصحيفة إن عمليات التمويل والتسليح هذه جرت مقابل منع سيطرة عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي أو القوات المدعومة من إيران على المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية، لافتة إلى أن هذه المساعدات أثارت توقعات لدى “المتمردين” بأن إسرائيل ستتدخل لمصلحتهم في حال محاولة الوحدات العسكرية الموالية للرئيس السوري، بشار الأسد، التقدم في جنوب سوريا.
وبحسب تقرير الصحيفة، هذا هو بالضبط ما حدث في الصيف الماضي في المنطقة، إلا أن إسرائيل لم تتدخل عندما شنت القوات السورية هجوما واسعا على المنطقة، الأمر الذي جعل المسلحين “يشعرون بأنهم خذلوا “.
وقال أحد المقاتلين في فصيل “فرسان الجولان” المسلح لـ”فورين بوليسي” في هذا السياق: “هذا درس عن إسرائيل لن ننساه أبدا، إنها غير مهتمة بالناس، وغير مهتمة بالبشرية، كل ما يهمها هو مصالحها الخاصة”.
وفي تطرقها إلى كمية المساعدات، التي قدمتها إسرائيل للمسلحين، ذكرت الصحيفة أن الأسلحة والأموال التي جرى تسليمها لهم محدودة ، “مقارنة مع الدعم الذي منحته الدول الأخرى المتورطة في الحرب المستمرة منذ 7 سنوات، مثل قطر والسعودية وتركيا والولايات المتحدة”.
وأشار التقرير إلى أن القياديين في المجموعات الناشطة جنوب سوريا اشتكوا من قلة المساعدات الإسرائيلية حتى في ذروة كثافة هذا الدعم للمسلحين بداية العام الحالي.
ولفتت الصحيفة إلى أن توسيع إسرائيل رقعة تأييدها للمسلحين جرى في سياق تغييرات كبيرة في سياساتها العامة بسوريا والتي أصبحت أكثر عدوانية بسبب انتشار النفوذ الإيراني في البلاد، وبدأت القوات الإسرائيلية منذ أوائل 2018 التوغل بشكل أعمق في الأجواء السورية لتوجيه ضربات إلى ما وصف بالمواقع الإيرانية أو التابعة لـ”حزب الله” هناك.
لكن على خلاف الدول الأخرى التي دعمت فصائل المعارضة المسلحة في سوريا، لم تبذل إسرائيل، حسب الصحيفة، جهودا كبيرة من أجل توحيد هذه القوات، مراهنة على العلاقات التي أقامتها مع قادة منفصلين للمجموعات وجهت مساعداتها لهم مباشرة.
ومن بين هذه الفصائل جماعة “فرسان الجولان”، التي تتمركز في قرية جباتا الخشب بمحافظة القنيطرة، و”لواء عمر بن الخطاب”، المتمركز في بلدة بيت جن جنوب محافظة ريف دمشق قرب منطقة جبل حرمون.
وتسعى إسرائيل إلى إخفاء المعلومات حول دورها في المواجهة بين القوات الحكومية والمجموعات المسلحة جنوب سوريا، ورفضت السفارة الإسرائيلية في واشنطن التعليق على معطيات “فورين بوليسي”.
وعلى الرغم من أن تقرير الصحيفة يسلط مزيدا من الضوء على دعم إسرائيل للمسلحين جنوب سوريا، إلا أن هذه الحقيقية تم تأكيدها من قبل عدد من وسائل الإعلام بينها الأمريكية والإسرائيلية.
والثلاثاء الماضي نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” مقالا تحت عنوان “جيش الدفاع الإسرائيلي يؤكد: إسرائيل زودت المتمردين السوريين بأسلحة خفيفة”، أشارت فيه إلى أن العسكريين الإسرائيليين اعترفوا لأول مرة بتقديمهم الأموال والأسلحة والذخائر للمقاتلين الذين ينشطون بالقرب من الحدود مع إسرائيل.
لكنها حذفت التقرير المنشور على موقعها الإلكتروني تلبية لتوجيه من الجيش الإسرائيلي “لدواع أمنية”.
وسبق أن أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلا عن مصادر بين المجموعات المسلحة جنوب سوريا أن إسرائيل قدمت دعما بالسلاح والأموال “للمتمردين” الناشطين في المنطقة.
-روسيا اليوم-