عَ مدار الساعة


أن تكون إعلامياً.. رندلى جبور… (Video)

جمعية تراث ووطن بالذكرى الأولى لمعركة فجر الجرود: الوطن لم يعد حدوداً بل صار كل السماء وكل الأرض ولو كان صغيراً جداً فيهما

***

كلمة نقيبة الإعلام المرئي والمسموع الإعلامية رندلى جبور في الغداء الذي أقامته جمعية #تراث_ووطن بمناسبة الذكرى الأولى لمعركة #فجر_الجرود

مرحبا

في كتب الجغرافيا وكنّا بعدُ صغاراً، تعرّفنا على لبنان المساحة الجغرافية والحدود والمناخ المعتدل والسلاسل الجبلية والتضاريس والبحر والأنهار والينابيع، وكان وطننا جميلاً في تلك المعلومات التي اكتسبناها عنه.

ولكنني عندما تنشّقت الوطنية الحقة وأدمنتها، صار لبنان بوجداني شيئاً آخر… صرت أراه صرخةَ كرامة وسيادة في وجه محتلّ أو غاصب… صرت أتلمّس حقيقة أنه وقفٌ لله على الارض… صرت أشعر بأنه مساحة روحية وحضارية لا جغرافية وحسب… صرت أضيئه نذراً في كنيسة ومسبحة صلاة على الطرقات وفي التظاهرات… تحوّل الوطن في عيوني إلى قضية… تاريخه بطولات وحاضره نضالات ومستقبله تأملات.

الوطن لم يعد حدوداً بل صار كل السماء وكل الارض ولو كان صغيراً جداً فيهما. الوطن لم يعد درس جغرافيا بل صار درس حياة…

الوطن لم يعد خبراً عابراً بل صار المبتدأ وصار كل الجمل والعبارات..

وصارت الاغنية الوطنية قصة اندفاع ودفاع عنه.

وصارت القصيدة حكاية عنفوان، وصرت معنية بكل حدث فيه، بكل دمعة وقطرة دم تسقط على ترابه من قلب شهيد.
واكتشفت في ما بعد عندما غرقت في عالم الإعلام، أنه لا يمكنك أن تكون إعلامياً حقيقياً في لبنان إلا إذا كنت تحمل رسالة هذا الوطن.

ولا يمكنك أن تكون إعلامياً، إلا إذا كرّست ذاتك للنضال من أجله.

ولا يمكنك أن تكون إعلامياً إلا إذا أخذت مواقف تخدم الوطن والمواطنين فيه، وتقدّس الجيش وأبطاله وشهداءه.

ولا يمكنك أن تكون إعلامياً إلا إذا كنت صانعاً لرأي عام وطني متنوع حر وموحد، مناضل هو أيضاً.

ولا يمكنك أن تكون إعلامياً إلا إذا رفضت المال حين يُعرض عليك مقابل بيع انتمائك الصافي. لا يمكن أن تقبض مالاً حراماً لتعيش فيما غيرك دفع حياته كاملة من أجل أن تعيش أنت.

ولا يمكنك أن تكون إعلامياً إلا إذا كنت متشبعاً من التراث لأنه كلما عرف الإنسان تراثه وماضي أجداده كلما أصبح أكثر اهتماماً بالوطن واستعداداً للدفاع عنه.

ولا يمكنك أن تكون إعلامياً إلا إذا كانت عدّة جدّك القديمة وأغنية جدتك المحببة إلى قلبها جزءاً منك وتحافظ عليها كأنها جزء من ذاكرة وطن.

ولا يمكنك أن تكون إعلامياً إلا إذا سعيت إلى تجديد نابع من العقل ولكن من دون أن تميت قلبك.

ولا يمكنك أن تكون إعلامياً إلا إذا ساهمت بتنمية الوجود المادي والمؤسساتي من دون أن تلغي الابعاد الروحية للماضي.

ولا يمكنك أن تكون إعلامياً إلا إذا عشت كل تفاصيل الحاضر في وطنك من دون أن تتنكّر للتراث.

التراث الماضي، والوطن المستقبل، وأنت الحاضر أي صلة الوصل بينهما.

لا يمكنك أن تكون إعلامياً إلا إذا كنت التراث وكنت الوطن. المحافظ على الإرث الحضاري والمتطلع إلى الإصلاح والتغيير في آن معاً.

على كل إعلامي أن يكون مواطناً أولاً وبذلك يصنع من كل إنسان وطناً قائماً بذاته. كلنا الوطن وللوطن… فانطلقوا لبنائه قوياً ولا تسهموا في جعل المجتمع يدخل في سن اليأس الجماعي. كونوا مدمنين على حب الوطن والتراث وتقدير الشهداء وحمل القضية التي من أجلها استشهدوا.

https://www.youtube.com/watch?v=XX3UtV8swgE&feature=youtu.be