عَ مدار الساعة


الرئيس عون: الحريري استمع الى مطالب الافرقاء بما يكفي وعليه المبادرة لتأليف الحكومة ونحن بانتظاره

– طلبت دعم سويسرا للنازحين إلى المناطق الآمنة في بلادهم وعدم ربطها بالحل السياسي
– متمسكون بمبادرة السلام العربية واحترام حقوق الشعب الفلسطيني ومن بينها حق العودة..

***

قمة لبنانية – سويسرية في قصر بعبدا وتوافق على تعميق العلاقات الثنائية..

توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الاتحاد السويسري الان بيرسيه على ضرورة تفعيل العلاقات الثنائية التاريخية على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون بين البلدين في المجالات كافة، بما يخدم مصالحهما المشتركة.

وجدد الرئيس عون التأكيد على موقف لبنان المتمسك بعودة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة في بلدهم، وترحيبه بالمبادرة الروسية التي تصّب في هذا الاتجاه. وطلب من الرئيس الضيف ان تكون بلاده الى جانب هذه الخطوة وعدم ربطها بالحل السياسي الذي قد يطول التوصل اليه.

وأكد رئيس الجمهورية تمسك لبنان بمبادرة السلام العربية وضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني ومن بينها حق العودة، وادانته “قانون القومية الدينية” الذي اقرّه الكنيست الاسرائيلي والذي يتناقض مع مسار التاريخ، ورفضه اي مساس برمزية مدينة القدس ومكانتها الانسانية والدينية الفريدة.

بدوره، اكد الرئيس بيرسيه مواصلة بلاده مساعدة لبنان من خلال دعم السكان المحليين وكذلك النازحين، الى حين توفر ظروف عودتهم الطوعية الآمنة وبكرامة، معتبرا ان المطلوب في هذه المرحلة اظهار نوع من البراغماتية وايجاد حلول قابلة للتطبيق والنجاح في الجمع بين الشروط الضرورية لتأمين عودة النازحين في افضل الظروف وعدم تجاهل التوصل الى حل سياسي. وقال:” نحن مقتنعون في سويسرا ان محادثاتنا الثنائية وتبادل الافكار المشتركة هي في غاية الاهمية في هذا الاطار، كما ان الدور الذي يجب على المجتمع الدولي ان يضطلع به هو ايضا مهم”.

ورأى ان من الواجب ان يكون هناك نقاش حول المبادرة الروسية المتعلقة بعودة النازحين، “والمكان الوحيد الذي يجب ان يجرى فيه هذا النقاش هو داخل المؤسسات الدولية”.

Image may contain: 4 people, people smiling, people standing

وعن مبادرة رئيس الجمهورية جعل لبنان مركزا لحوار الاديان والحضارات، اكد جهوزية سويسرا لتعميق البحث بشأنها مع لبنان “ولدينا مصلحة للقيام بذلك”، مشيرا الى التوافق مع الرئيس عون على “تعميق المباحثات حولها على المستوى الثنائي، ومن ثم نرى ما هي المبادرات التي يمكن ان ندعمها في هذا الاتجاه على الصعيد المتعدد الاطراف”.

مواقف الرئيسين عون وبيرسيه جاءت خلال المحادثات اللبنانية-السويسرية التي جرت قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا، واعقبها مؤتمر صحافي مشترك .

الاستقبال الرسمي
وكان الرئيس السويسري وصل وقرينته الدكتورة Muriel Zeender Berset إلى القصر الجمهوري عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، يرافقهما رئيس بعثة الشرف وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، حيث كان في استقبالهما رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى السيدة ناديا الشامي عون. واقيمت للرئيس الضيف مراسم الاستقبال الرسمي التي بدأت بعزف النشيدين الوطنيين السويسري واللبناني، ثم استعرض الرئيسان عون وبيرسيه ثلة من حرس الشرف.
بعد ذلك، صافح الرئيس السويسري أعضاء الوفد اللبناني وهم: وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الوزير تويني، سفيرة لبنان في سويسرا السفيرة رلى نور الدين، مدير عام رئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدبلوماسية السفير شربل وهبه، رئيس مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الاستاذ رفيق شلالا، والمستشار في وزارة الخارجية اسامة خشاب.

ثم صافح الرئيس عون أعضاء الوفد الرسمي السويسري وهم: سفيرة سويسرا في لبنان Monika schmutz Kirgöz، ومدير شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية السفير Wolfgang Amadeus Bruelhart، والسفير Urs Von Arb من وزارة الدولة لشؤون الهجرة ، والمستشار الدبلوماسي في الرئاسة السويسرية السفير Térence Billeter، ومدير مكتب الرئيس السويسري السيد Michael Brändle، ومديرة الاعلام في الرئاسة السويسرية السيدة Nicole Lamon، والمستشارة في رئاسة الجمهورية Véronique Haller.

المحادثات
وتوجه بعد ذلك الرئيسان عون وبيرسيه إلى “صالون السفراء” حيث عقدا جلسة محادثات ثنائية أعقبتها محادثات موسعة بحضور الوفدين الرسميين اللبناني والسويسري.

المؤتمر الصحافي المشترك
وبعد انتهاء المحادثات الموسعة، عقد الرئيسان عون وبيرسيه مؤتمرا صحافيا مشتركاً، استهله الرئيس عون بكلمة جاء فيها:
“سُعدت اليوم بلقاء السيد رئيس الاتحاد الكونفدرالي السويسري الان بيرسيه Alain BERSET، في مستهل الزيارة التي يقوم بها والسيدة قرينته الى لبنان. وكان اللقاء مناسبة عبّرت له فيها عن الامتنان لمحبته للبنان، وللتقدير الذي يكنّه للإسهامات اللبنانية في بلاده، وهي مصدر اعتزاز لنا.

وابلغت فخامته انّ ما يجمع بلدينا اكبر بكثير من التشابه في الطبيعة والمساحة والموقع الجيوستراتيجي، ليصل الى التمسك باحترام التعددية وحق الاختلاف والتنوع، كما الى الدفاع عمّا يصون كرامة الانسان وحقوقه. وكان لثبات لبنان في هذا التصميم الى جانب ارساء اقتصاد منفتحٍ حرّ، يدعمه قطاع مصرفي متقدم، أن دعي سويسرا الشرق. ومن هذا القبيل، وقفت سويسرا دوماً إلى جانب لبنان وقضاياه العادلة، فاستضافت مشكورة مؤتمرين للحوار الوطني اللبناني، الأول في جنيف العام 1983 والثاني في لوزان العام 1984.

وقد اطلعت فخامة الرئيس الضيف على مطلب لبنان، الذي اطلقته من على منبر الامم المتحدة، في ان يكون مركزا دوليا لحوار الاديان والحضارات، متمنيا دعم بلاده في تحقيقه.

على الصعيد السياسي، تطرقنا في الحديث الى اهمية الانتخابات النيابية الاخيرة، كونها جرت للمرة الاولى على اساس النسبية، وشارك فيها المتحدرون من اصل لبناني، وكان من بينهم ابناء الحضور اللبناني في سويسرا. وأطلعت فخامته على انّ العمل ينصبّ اليوم على تشكيل حكومة جديدة على اساس معايير تعكس صحة التمثيل الذي ارسته نتائج هذه الانتخابات.

واطلعت فخامة الرئيس الضيف على ان الورشة الأبرز التي تنتظر لبنان تتمثّل في وضع “الخطة الاقتصادية الوطنية” وما اقرّه مؤتمر “سيدر” موضع التنفيذ، ومحاربة الفساد. وعرضنا لضرورة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الموقعّة بين البلدين، وتشجيع حركة التبادل، لا سيما وأن سويسرا هي الشريك التجاري السابع للبنان، ولبنان هو الشريك الخامس لها في المنطقة.

وتطرّقنا الى الوضع الاقليمي، حيث جددتُ التأكيد على موقف لبنان المتمسك بعودة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة في بلدهم، وترحيب لبنان بالمبادرة الروسية التي تصّب في هذا الاتجاه. وطلبت من الرئيس الضيف ان تكون بلاده الى جانب هذه الخطوة وعدم ربطها بالحل السياسي الذي قد يطول التوصل اليه.

وأكدت للرئيس الضيف ان لبنان متمسك بمبادرة السلام العربية وضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني ومن بينها حق العودة، وان لبنان يدين “قانون القومية الدينية” الذي اقرّه الكنيست الاسرائيلي والذي يتناقض مع مسار التاريخ، كما يرفض اي مساس برمزية مدينة القدس ومكانتها الانسانية والدينية الفريدة.

وانطلاقا من عمق الروابط التي تجمعنا، توافقنا على ضرورة تفعيل علاقاتنا الثنائية التاريخية على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون في ما بيننا في المجالات كافة، بما يخدم مصالحنا المشتركة.
اجدد الترحيب بالرئيس الضيف واتمنى له طيب الاقامة في الربوع اللبنانية” .

كلمة الرئيس السويسري
ورد الرئيس السويسري على كلمة الرئيس عون، بكلمة جاء فيها:
“يطيب لي بداية ان اعبّر عن عميق سعادتي لأن اكون في بيروت اليوم. واني ممتن لكم، فخامة الرئيس لحرارة استقبالكم لي ولقرينتي والوفد المرافق. ويسعدني ان ازور بلادكم للمرة الثانية، بعد زيارتي في العام 2009 كرئيس لمجلس الشيوخ. وكما ذكرتم، فخامة الرئيس، فإن لبنان وسويسرا بلدان صديقان، تربطهما صداقة عريقة ولديهما مجتمعات غنية بتنوعها التي اتاحت لنا ان نقيم علاقات وطيدة بين بلدينا. ان علاقاتنا الثنائية ترتكز على ارث عريق، ولقد شهدت تعميقا مطردا خلال السنوات الماضية، من خلال حوار سياسي متواصل منذ العام 2016، وحوار حول مسائل النزوح منذ ربيع العام 2018.

واليوم، قام ممثلون من بلدينا بتوقيع اتفاقية الغاء تأشيرات الدخول، بصورة متبادلة، للحائزين على جواز سفر دبلوماسي. ويسعدني ان تكون سويسرا من اولى الدول الاوروبية المبادِرة الى توقيع هكذا اتفاقية مع لبنان، الأمر الذي سيتيح لنا التقارب اكثر.

تناولت محادثاتنا الاوضاع السياسية والاقتصادية، وكذلك الأزمة السورية وموجات النزوح. وسويسرا مدركة لحجم التحديات الهائلة التي يواجهها لبنان نتيجة الوضع في سوريا. وهي تحيي روح التضامن والسخاء التي اظهرها الشعب اللبناني والسلطات اللبنانية من خلال استقبالهم للنازحين السوريين وتأمين حمايتهم.

وان من بين الاسباب التي دفعتني للقيام بهذه الزيارة هو التعبير عن دعم سويسرا للبنان في هذه المرحلة الصعبة التي يجتازها بلدكم. وسويسرا كانت في طليعة الدول التي اخذت في عين الاعتبار ليس فقط مسألة النازحين واحتياجاتهم، ولكن ايضا وضع الدول المضيفة لهم. واننا سنواصل مساعدة لبنان من خلال دعم السكان المحليين وكذلك النازحين، الى حين توفر ظروف عودتهم الطوعية الآمنة وبكرامة. واظن انه من المطلوب في هذه المرحلة اظهار نوع من البراغماتية وايجاد حلول قابلة للتطبيق. ولقد تبادلنا الافكار بشكل مفيد للغاية في هذا الاطار. من الواجب النجاح في الجمع بين الشروط الضرورية لتأمين عودة في افضل الظروف وعدم تجاهل التوصل الى حل سياسي، وذلك في اطار براغماتي يتيح الاطلاع على كيفية سير الامور على الأرض. ونحن مقتنعون في سويسرا ان محادثاتنا الثنائية وتبادل الافكار المشتركة هي في غاية الاهمية في هذا الاطار، كما ان الدور الذي يجب على المجتمع الدولي ان يضطلع به هو ايضا مهم.

وانه لمن المفيد ان نقول اننا، حين ننظر الى هذه المسألة من الخارج، فنحن لا نعتبرها لبنانية صرف، كما لا نعتبرها مجرد مسألة اقليمية لا تعنينا، بل هي مسألة شاملة، نتطلع الى ان نساعدكم في شأنها، ونحن كنا على الدوام الى جانب لبنان، ونتمنى مواصلة السير في هذا الاتجاه، كما ندعم الجهود المبذولة لحلها على صعيد متعدد الاطراف.

كذلك، فلقد تناولت محادثاتنا علاقاتنا الاقتصادية المشتركة الزاخرة بطاقات علينا العمل على توطيدها. وهذا يحتاج الى استقرار وشفافية، من الجهتين. ونحن على يقين ان حالة اللاستقرار السياسي على الصعيد الاقليمي لها ارتدادات على الاقتصاد اللبناني. ونحن على استعداد للعمل معا من اجل توفير افضل الظروف لتحقيق مزيد من التبادل الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات. من هنا، فإن مسائل استقرار التشريع وحماية الملكية الفكرية هي بالغة الاهمية.

لقد ذكرتم فخامة الرئيس مسألة الحوار بين الاديان، ونحن جاهزون لتعميق البحث بشأنها معكم. ولدينا مصلحة للقيام بذلك مع لبنان الذي نتشارك واياه منذ زمن بافكار وحوار. كما اننا على استعداد لنقل خبراتنا المشتركة على الصعيد المتعدد الاطراف، وحاضرون لنقل خبرتنا في مجال اللامركزية والحيادية. وهذا ما نقوله لدول اخرى، ما يفسح المجال امام تبادل الافكار ومواجهتها بشكل ايجابي مثمر، يهم كلانا.

لقد جدد بلدانا اليوم التزامهما تعميق اواصر الصداقة التي يرتبطان بها منذ زمن طويل، واغتنام المجالات المفتوحة امامنا على الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية. واني اتمنى الافضل للبنان، خصوصا مع تشكيل الحكومة الجديدة عقب اجراء الانتخابات النيابية الاخيرة، وذلك للتمكن من مواجهة التحديات التي تحيط به. واسعدني بالأمس ان اغوص في الثروة الفكرية الرائعة لبلدكم، بمشاركة فنانين لبنانيين بارزين. واود ان اقول، انه بالنسبة لي و لسويسرا فإن لبنان يبقى نموذجا فريدا حقا في هذه المنطقة من العالم.

واني اشكركم فخامة الرئيس على دعوتكم لي واللقاء الذي خصصتمونا به، واهنىء نفسي بجولة المحادثات التي اجريناها.

حوار
بعد ذلك دار حوار بين الصحافيين والرئيسين عون وبيرسيه، فسئل الرئيس عون عما ينتظر من سويسرا “البلد الحيادي” لتسهيل عودة النازحين السوريين، فقال: “حتى لو كانت سويسرا بلدا حياديا، فإن مسألة النازحين لها طابع انساني يستدعي التزاما لحلها. ولبنان استقبل من النازحين ما يوازي نصف عدد سكانه، اضافة الى اللاجئين الفلسطينيين. من هنا وجوب وجود مثل هذا الالتزام. ان المجتمع الدولي يساعد النازحين فلمَ لا يقوم بذلك في بلادهم لاعادة بنائها ولا يمكن البقاء في اطار حيادي.

وسئل الرئيس بيرسيه عمّا وعد الرئيس عون بما يمكن لسويسرا ان تقدمه لتسهيل عودة النازحين السوريين، فاجاب: “ان الحيادية التي طورناها في سويسرا في ظروف لم تكن سهلة لا تعني اللامبالاة، بل الالتزام الانساني بالعالم، في اطار يتيح لنا التعاطي مع مختلف الافرقاء نصبّ فيه طاقاتنا في التحاور والوساطة. وهذا هو البعد الانساني لسويسرا الذي نعوّل عليه. ان الحرب في سوريا كان لها ثقل كبير خصوصا لناحية العدد الكبير من النازحين، وهذا يؤثر بشكل بالغ على لبنان. والسؤال بالنسبة لنا هو: ما هي الشروط التي تتيح العودة الطوعية في افضل الظروف؟ هذا لا يعني ان على جميع النازحين ان يعودوا دفعة واحدة، او ان يتم التعاطي مع كافة مناطق العودة وفق الطريقة عينها. لذلك قلت بايجاد الرابط بين البراغماتية في التعاطي على الارض والبحث عن حل سياسي يؤمن الاستقرار على المديين المتوسط والبعيد، من دون الربط الحتمي بين هذا وذاك، او فرض شروط متبادلة تكبّل المسألة. ان الرسالة التي نحملها هي اننا نقف الى جانب لبنان، فنحن اصدقاء منذ زمن وبامكاننا ان نقول لبعضنا البعض ما نريد، ومقتنعون ان دور المجتمع الدولي مركزي ولا يجب علينا ان نضعفه بل ان ندعمه، وعلينا ان نناقش ونتبادل الافكار لأننا مقتنعون ايضا انه من دون الاطار المتعدد الاطراف ومن دون الدعم القوي للمجتمع الدولي لن يكون من الممكن تصور وضع مستقر لعودة النازحين. ونحن بامكاننا المساعدة من خلال التزامنا في وضع خبراتنا الى جانب لبنان بشكل ثنائي كما وفق الاطار المتعدد الاطراف. ان سويسرا ملتزمة بشكل ناشط على الارض، فنحن من ابرز المساهمين في العمل للسيطرة على مسألة النازحين وندعمهم كما ندعم المجتمعات المضيفة لهم، لأننا نرى جيدا ان هذه المسألة مرهقة ايضا للبنان.

وسئل الرئيس بيرسيه عن موقف بلاده من المبادرة الروسية وقابليتها للتحقق، فاجاب: “ان كل مساهمة في هذا الاطار هي بناءة، وكل خطة توضع على الطاولة تبني، فهي تدفع للبحث عن حل يكون قابلا للحياة ويؤمن الاستقرار، ويدفع باتجاه ايجاد البراغماتية المطلوبة والحل الدائم. وفي المقابل، فإنه من الواجب اعطاء هذه المساهمة الركيزة المطلوبة إذ من الممكن ان تتطور او تدخل عليها تعديلات. ومن الممكن ان تكون هناك افكار اخرى، ربما افضل، وربما اكثر قابلية للتطبيق. من هنا، فإن من الواجب ان يكون هناك نقاش حولها، وفي الختام، فإنّ المكان الوحيد الذي يجب ان يجرى فيه هذا النقاش هو داخل المؤسسات الدولية. ونحن واعون لذلك. وفي هذا الاطار، يمكننا ان نلتزم بموجب خبراتنا وصداقتنا للبنان بمحاولة ايجاد حل دائم وقابل للتطبيق يدعمه المجتمع الدولي. وتعرفون ان لدينا في جنيف مركزا مهما للغاية لنشاطات الامم المتحدة ونحن متعلقون جدا بوجوب احترام قواعد دولية ثابتة يمكن الاعتماد عليها، وتتضمن ما يجب القيام به، والاطلاع على ما تحقق من ذلك. ومن الطبيعي ان نؤيد كل جهد يتيح ايجاد حل سياسي، وفي الوقت عينه العودة الطوعية بكرامة للعائدين.

سئل الرئيس عون: ان عودة النازحين السوريين الى بلدهم تحتاج الى وجود حكومة في لبنان لتأمينها وتحقيق التواصل. اليوم، وفيما نسمع الكثير نقلا عن زوار رئيس الجمهورية، نريد ان نسمع من الرئيس شخصيا اين اصبحت الحكومة؟
اجاب الرئيس عون: ان التعددية الطائفية والحزبية، كما تعلمون، تخلق الكثير من المشاكل عند تأليف الحكومة. واليوم نحن نستمع الى مطالب الاحزاب والطوائف، وهي مزيج من اثنين وعلينا ايجاد التوافق حولها. وفي هذه المرحلة، ان رئيس الحكومة المكلف هو من سيشكل الحكومة، اما في المرحلة النهائية فهناك صلاحية رئيس الجمهورية بأن يطلع ويوافق كي يوقع مرسوم التشكيل. حتى الان نحن في المرحلة الاولى، ويبدو ان رئيس الحكومة استمع الى المطالب بما يكفي وبات عليه ان يأخذ المبادرة ويؤلف، ونحن بانتظاره.

سئل الرئيس عون: هل استطلعتم الرئيس بيرسيه، بحكم التشابه بين لبنان وسويسرا لجهة التنوع والتعدد، في موضوع تأليف الحكومة، وهل تفاجأتم بتشديده وتركيزه على اللامركزية الادارية؟

اجاب: لم نتطرق الى مسألة النظام، لكننا تناولنا التعددية والاختلاف بالنوعية بالنسبة للشعب السويسري الذي ينتمي الى ثلاث قوميات ويتميز بثقافات مختلفة منبثقة من انتمائه الاساسي. وقد حيينا هذا التنوع والتفاهم الحاصل بين القوميات المذكورة واثبات ابنائها امكان التعايش سويا في سويسرا ومحافظتهم عليها بلدا متميزا بنجاحه وصناعته وغير ذلك من المجالات. ونحن باستطاعتنا القيام بذلك، الا ان الامر يستلزم المزيد من التطور. لذلك نقترح ان يكون لدينا مركز عالمي للحوار بين الديانات والحضارات والاعراق، لان الحروب لا تندلع الا اذا وجد اناس يرغبون بالقتال، ذلك ان تحفيز الشعوب للحرب يكون انطلاقا من احدى هذه الاسباب، بمعنى اما ان تكون عرقية او دينية او حضارية. من هنا بامكان هذا المركز ان يساعد على تطوير ثقافة السلام التي هي غايته.

وختم: ان لبنان المقيم الذي ينتمي ابناؤه الى مختلف المذاهب الاسلامية والمسيحية، بالاضافة الى لبنان المنتشر في العالم وبين كل الحضارات باستطاعته ان يكون الاول في ادارة هذه الحوارات.

وسئل الرئيس بيرسيه عن موقف بلاده من اقتراح الرئيس عون جعل لبنان مركزا لحوار الاديان والحضارات، فاجاب: “لقد توافقنا على تعميق المباحثات حول هذا الموضوع، بداية على المستوى الثنائي. ان المبادرة التي طرحها الرئيس عون كانت العام الماضي من على منبر الامم المتحدة، وقد اسعدتنا للغاية لأننا مقتنعون ان هناك الكثير فيها يمكننا ان نناقشه ونطوره معا. وقد توافقنا على القيام بذلك اولا على الصعيد الثنائي، ومن ثم نرى ما هي المبادرات التي يمكن ان ندعمها في هذا الاتجاه على الصعيد المتعدد الاطراف. نحن في اطار حوار ممنهج يبدأ اليوم وسيتعمق تباعا، وسعداء بهذه المبادرة التي تبدو لنا منتجة للغاية للمستقبل.

سجل الشرف
وبعد انتهاء المؤتمر الصحافي، التقط الرئيس عون وضيفه وعقيلتيهما صوراً تذكارية في صالون السفراء، ثم دوَّن الرئيس السويسري في سجل الشرف الكلمة التالية:
” لقد تأثرت كثيرا وتشرفت بالاستقبال الحار الذي خصصتموه لي في زيارتي للبنان.
تتقاسم سويسرا ولبنان الكثير من القيم المشتركة، وتاريخا كان في بعض المرات مضطرباً. مستندين الى غنى التنوع، نعمل على الحفاظ على قيم الحرية والتسامح. أتمنى ان يكون مستقبل العلاقات بين لبنان وسويسرا مشعاً”.

الغداء الرسمي
واقام رئيس الجمهورية مأدبة غداء رسمي على شرف الرئيس السويسري وعقيلته، حضرها إلى أعضاء الوفدين اللبناني والسويسري، عميد السلك الدبلوماسي السفير البابوي جوزف سبيتيري، ورئيس لجنة الصداقة النيابية اللبنانية- السويسرية النائب انور الخليل وعميد السلك القنصلي العام في لبنان جوزف حبيس وعدد من السفراء والامين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي وعدد من الشخصيات الاقتصادية والسياسية وكبار الموظفين في رئاسة الجمهورية.
وشرب الرئيس عون نخب الرئيس الضيف وبلاده بفرادتها وتعدديتها.

ورد عليه الرئيس بيرسيه بشرب نخب لبنان المتنوع والغني بحضارته وثقافته ونبوغ ابنائه.