تحية لضباط أبطال من الجيش في ذكرى اعتقالهم في27 آب 1992
***
في دراسة قام بها مركز كارنيغي للشرق الاوسط، تسلط الضوء على مرحلة صعبة من تاريخ لبنان وبالطبع من تاريخ الجيش اللبناني الذي كان بين عامي 1988 و1990 في صلب المعادلة الوطنية لأول مرة في تاريخ لبنان الحديث.
ويقول مركز “كارنيغي” بخلاصة دراسته الطويلة، أن بعد 13 تشرين 1990، تشكّل الجيل الثاني من العسكريين في المراحل النهائية من الحرب الأهلية. وقد لعب صغار الضباط الذين كانوا قادة سرايا تحت قيادة العماد عون في 1988-1990، على وجه الخصوص، دوراً هاماً في ذلك. العماد عون اعتمد عليهم أكثر من اعتماده على كبار الضباط… وكانت القيادة الجديدة للجيش تدرك الحاجة إلى إعادة العونيين إلى الجيش، ولكنها أرادت تأمين ولاء العونيين الثابت لها أولاً… وعلى الرغم من أنه جرى إرسال الضباط المعاندين إلى السجون السورية ليكونوا عبرة لغيرهم، كانت هناك حاجة إلى حلّ أكثر ديمومة. جاء ذلك عبر القانون الرقم 27 الصادر في 17 تشرين الثاني 1990، والذي سمح للضباط من الجيش والشرطة والأمن العام، وأمن الدولة بالتقاعد المبكّر من دون تكبّد خسائر مالية. كانت النتيجة هي المرسوم الحكومي الرقم 1111 الصادر بتاريخ 20 نيسان 1991، والذي قبل استقالة 221 ضابطاً 60 من المسلمين و161 من المسيحيين، وقد اضطر العماد ميشال عون وبعض الضباط المرافقين له مثل الوزيرين عصام أبو جمرة وإدغار معلوف، بصورة منفردة، إلى الذهاب إلى المنفى في فرنسا.
برّر الضباط العونيون الذين انضموا إلى القيادة الجديدة للجيش اللبناني بقيادة العماد اميل لحود، اختيارهم على المستوى الواقعي غير الإيديولوجي: فقد خسر العماد عون المعركة، وأصبح النظام السوري الآن أمراً واقعاً. كما برّر هؤلاء الضباط ولاءهم من الناحية المؤسّسية قائلين إن الجنود يتبعون أوامر قائدهم. لابل إن بعض العونيين السابقين لحقوا قائد الجيش العماد إميل لحود إلى القصر الرئاسي عندما انتخب رئيساً في العام 1998، باعتبار ذلك وسيلة للحفاظ على مكانتهم وتأمين الترقية.
وفي الختام تشير الدراسة الى ان فئة أخيرة من الضباط العونيين شملت الضباط المتشكّكين، وهم كانوا من الضباط الصغار الذين كانوا يقومون بأدوار قتالية أثناء قيادة عون. وعلى الرغم من أنهم استمروا بعد العام 1990، إلا أنهم اختلفوا مع التوجّه السياسي للقيادة الجديدة للجيش اللبناني، ونتيجة لذلك جرى تهميشهم بعد ذلك.
إذا هي تجربة مشرفة لهذه الفئة الاخيرة من الضباط (العونيين) المقاومين، ونوجّه في ذكرى اعتقالهم في مثل هذا اليوم في ٢٧ آب من العام ١٩٩٢، تحية إجلال وتقدير للضباط في الجيش اللبناني الجبار، هؤلاء المضحون بكل شيئ وهم الذين سبقهم رفاقهم الى الاستشهاد، مستعدون كل يوم للإستشهاد فداء عن شعب لبنان العظيم، وفي سبيل القضية، قضية الحفاظ على أرض لبنان المقدسة وهوية لبنان اللبنانية. فالاوطان غالية لدى شعوبها وبالحفاظ عليها يحافظ الشعب على عزّته وعنفوانه وعلّة وجوده، فكيف إذا كان هذا الوطن، لبنان؟
فالتحية لا بل كل التحايا للعميد المتقاعد أنطوان أبو سمرا، ولرفاقه من الضباط المقاومين، هؤلاء الابطال الذين أعتقلوا في هذا التاريخ، وكانت تهمتهم المشرّفة والبطولية: “مقاومة المحتل”، وتبقى هذه التهمة نيشان معلق على صدورهم، كما تبقى الذكرى محفوظة في وجدان كل المناضلين والمقاومين من شرفاء وطننا القوي، لبنان.
ومما كتبه اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، أحد الضباط المعتقلين في 27 آب 1992 ، العميد المتقاعد أنطوان أبو سمرا:
في الذكرى السادسة والعشرين للإعتقال… ٢٧ آب ١٩٩٢:
فعل ايمان
نؤمن بلبنان السيد الحر المستقل الديموقراطي العلماني
فعل ندامة
نندم على اعمال كان يجب القيام بها ولم نستطع ليس تقاعصاً انما للظروف القاهرة التي عشناها، ولا نندم على اي شيء قمنا به ومهما كان الثمن باهظاً.
فعل رجاء
نرجو قيامة الوطن من كبوته وبناء الدولة القوية صاحبة القرار وبريئة من الفساد والفاسدين والمفسدين.
فعل امل
نأمل نهضة الوطن ونراهن على وعي شعبنا وحسه الوطني ومن خلال ممارسة حقوقه القانونية وحصوله عليها دون منة من أحد.