أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الحكومة لن تتشكل إلا على قاعدة الغالب والمغلوب- نسيم بو سمرا

-إنتصار محور”البريكس”يعزّز قوة الرئيس عون من خلال الحد من التدخلات الخارجية

***

في ظل الاشتباك الاميركي ـ الايراني، وسط استمرار المناوشات العسكرية في الشمال السوري، تجري مناوشات من نوع آخر على الساحة اللبنانية، على خلفية تشكيل الحكومة، قد تصل الى حد الاشتباك في المرحلة المقبلة، في حال أصر بعض الافرقاء السياسيين على القفز فوق نتائج الانتخابات النيابية التي حدّدت الاحجام بشكل لا يقبل الجدل لأنها جاءت على أساس مبدأ النسبية، وهو مبدأ لا يلغي أحدا مهما بلغت نسبة تمثيله إلا في حال فشل في تخطي العتبة الانتخابية، كما انه لا يعطي القدرة لأحد على حصد كل شيئ ولا يسمح لفريق واحد بالهيمنة على طائفته، ولذلك كل المطالب المبالغ فيها اليوم في التشكيلات الحكومية المتداولة، والتي تتخطى المنطق وفق النتائج التي أفرزتها الانتخابات، لن توصل الى حكومة، في حال لم تراعِ مبدأ المعيار الموحد على الجميع بمن فيهم الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية، كما المستقبل الذي أيضا لا يحق له احتكار التمثيل السني في الحكومة بحسب ما حصده من مقاعد نيابية، وهي عملية حسابية لا تختلف عن التفريق بين من يملك 15 نائبا مثل كتلة القوات اللبنانية و 30 نائبا أي الضعف الذي حصل عليه التيار الوطني الحر، لتنسحب هذه المعادلة على الحزب الاشتراكي الذي يشارك التمثيل الدرزي مع النائب طلال ارسلان بحصول الاخير على 32 بالمئة من نسبة اصوات الدروز في الجبل، ما يعطيه الحق بحسب القانون النسبي بالتمثل في حكومة وحدة وطنية.

أمّا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبحسب ما يحفظ له العرف من حق في التمثيل الوزاري، فضلا عن ان الحكومة لا تتشكّل بمعزل عن موافقته على تركيبتها، فهو حسم الجدل من ناحية عدم قبوله بأي تشكيلة وزارية تتعدى على حصّته، أو تشكيلة تحصر التمثيل الدرزي بالحزب الاشتراكي، لما يحدثه ذلك من خطر على الحكومة نفسها في حال قرّر جنبلاط اسقاط الحكومة بانسحاب وزرائه منها، ما يفقدها الميثاقية، او من جهة حصول القوات اللبنانية على عدد من الوزراء يفوق حجمها التمثيلي، ما يضرب بعرض الحائط رأي الشعب اللبناني الذي أبداه في الانتخابات النيابية.

إنّ عدم تقديم الرئيس المكلف تشكيلة حكومية للرئيس العماد ميشال عون حتى اليوم، في ظل الجدل حوله اسبابه، يؤكّد ان العقد تتخطى الساحة المحلية لتصل الى الاقليم، المؤثر على المسار السياسي في لبنان طالما ان بعض المسؤولين لدينا، لا يملكون القدرة على قول كلمة “لا” للإملاءات الخارجية وبخاصة إذا جاءت من السعودية، ما يدل على أن لبنان لا يتمتع بسيادة كاملة حتى الان، وفي هذا السياق جاء موقف رئيس التيار الوطني الحر الوزير والنائب جبران باسيل في شأن فك اسر لبنان من الاعتقال بقوله ان في حال استمر المسار السياسي على حاله “فسنقوم بعملية سياسية وشعبية لفك أسر لبنان من الاعتقال السياسي”، فباسيل هو رجل قرار أما هم فيتخبطون ويترددون في اتخاذ القرار والنتيجة في النهاية “لا قرار” فمراوحة وجمود وإضرار بالمصلحة الوطنية العليا، غير ان لا مراوحة ولا جمود في ظل الرئيس القوي الذي سيأخذ المبادرة في الوقت المناسب حفاظا على لبنان ومصالح شعبه، وقد تأتي هذه المبادرة “بحسب المراقبين لصالح حكومة أكثرية، على قاعدة “الغالب والمغلوب.

في هذا السياق، يدرك الرئيس عون التوازنات في الداخل، إلا انه ايضا يقرأ جيداً التوازنات الاقليمية والدولية الجديدة والتي تميل الى انتصار محور على آخر، ما يعزّز قوة الرئيس في الحكم، لما تشكّله هذه التوازنات من الحد من قدرة التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية؛ هي توازنات بدأت تجلياتها في سوريا وتنتهي عند البوابة السورية أيضاً، وهو محور تقوده روسيا والصين ويضم الهند ومجمل منظومة دول “البريكس“، وفي الاقليم إيران، التي تسود بينها وبين “البريكس” اتفاقات وتفاهمات سياسية واقتصادية، لذلك ترى هذه الدول في العقوبات الاميركية على ايران ما يلحق أضراراً بمصالحها مع طهران، وبناء عليه لن يرضى هذا المحور بعدم تثمير الانتصارات التي حققتها على الولايات المتحدة، بعد عقود من الهيمة الاميركية على العالم، لصالح ضبط الايقاع الاميركي- الاسرائيلي، على توقيت النظام الجديد الذي سيسود العالم في العقود المقبلة.