تتسارع التطورات الميدانية والسياسية والاستراتيجية مؤخرا في سورية في شكل عام وفي جنوبها في شكل خاص وحيث تشهد المنطقة تبدلا واسعا لمفاصل السيطرة بين الدولة والارهابيين، يبدو أن إعادة تفعيل إتفاق “فك الإشتباك” الموقع بين دمشق و”الكيان الإسرائيلي” في العام 1974، هز الوسيلة الأنجع، لترتيب الوضع الأمني على حدود سورية الجنوبية مع هذا الكيان في المرحلة الراهنة، خصوصاً بعد التقدم اللافت للجيش السوري في ريف القنيطرة ودرعا، ودخول عشرات البلدات في مصالحات مع الدولة، وبعد فشل قوات الاحتلال تشكيل ميليشيا مشابهة لما جرى في جنوب لبنان قبل التحرير في العام 2000 .
فعلى رغم الدعم الواسع الذي قدمه العدو الاسرائيلي للمسلحين التكفيريين في الجنوب السوري منذ بداية الحرب على سورية ، جاء تقدم الجيش السوري وصموده ليفشل كل هذه المحاولات، وحيث حاول عملاء وأدوات “إسرائيل” الاستنجاد واللجوء لراعيتهم، تلقوا نفس المصير الذي تلقاه العملاء ذاتهم عند انتصار المقاومة في جنوب لبنان.
وفي شريط فيديو بثته وكالة «رويترز» في الأيام الفائتة، ظهر المئات ممن تعامل مع الاحتلال، يتقدمون نحو السياج الحدودي، لكن عمالتهم لم تشفع لهم وأمرهم أحد جنود الاحتلال بالعودة، وكانت أظهرت لقطات فيديو مسرب من قبل العدو ، احد جنود الاخير وهو يصيح باللغة العربية عبر مكبر للصوت، قائلاً لهم: “ابتعدوا من مكانكم … عليكم العودة إلى بيوتكم… ونحن نعرف كيف نساعدكم ” .
وفي السياق، تحدثت معلومات صحافية عن إقدام القوات السورية الى التقليل من وجودها العسكري في منطقة “فك الإشتباك”، وقد يكون ذلك تمهيداً، لإعادة العمل بالإتفاق المذكور أعلاه، لأنه يفرض تحديد عدد معين من الجنود، والعتاد العسكري، غير أنه لم يعد ساري المفعول، بعد المحاولة الفاشلة للإحتلال إنشاء شريط حدودي في المنطقة المذكورة، تنتشر فيه المليشيات التكفيرية المدعومه منه، عندها بدّل الجيش السوري وحلفاؤه قواعد الاشتباك مع العدو .
وفي الغضون تتابع وحدات الجيش إنتشارها في محافظة القنيطرة، تحديداً في منطقة شمال- غرب الجولان، بحسب ما تفيد مصادر ميداينة، وتؤكد عدم وجود أي قوات إيرانية على الحدود مع فلسطين المحتلة .
وفي الصدد نفسه، إعتبرت مصادر سياسية معارضة، أن سقوط معاقل المليشيات المسلحة في الجنوب، جاء بعد إنتهاء دور العامل الدولي الاستراتيجي في هذه الحرب، ليأتي كما يبدو القرار الأميركي بالإنسحاب من سورية، والذي من الممكن ان يُنَفّذ في تشرين الثاني المقبل، وتترك حينها الساحة للروس بشكل كامل على حد تعبير المصادر .
وعن الإعتداء الإسرائيلي على مطار النيرب العسكري شرق مدينة حلب وربطه بالتطورات في الجنوب، ترى المصادر ألا علاقة مباشرة بينهما، وقد يكون وقع هذا الإعتداء، أثر معلومات وصلت الى العدو عن وجود قوات إيرانية في المطار، أو أسلحة دفاع جوي وما شاكل، خصوصاً في حمأة الإشتباك بين “إسرائيل” وإيران التي تسعى بدورها الى إفشال ما يعرف بـ “صفقة العصر .
وفي سياق إستكمال بسط سلطة الدولة السورية على كامل أراضيها، ترجح مصادر سياسية عودة كل من عفرين ومنبج في ريف حلب، والطبقة في ريف الرقة، والقامشلي وسواها في محافظة الحسكة الى كنف الدولة في وقت قريب، بترتيبات روسية- تركية، أثر القرار الأميركي المرتقب بالانسحاب من سورية .
و حيث تؤكد المصادر أن أنقرة لن تسمح ببقاء هذه المناطق تحت سلطة الأكراد، بدأ وجهاء العشائر بالبحث عن تسويات تمكن الجيش السوري من دخول تلك المناطق الشمالية والشمالية الشرقية، كما تعالت صرخات الأهالي المنددة بالوجود الأميركي في الشرق السوري بشكل عام .
وتختم المصادر : ” في ما يتعلق بإدلب، فان البحث في شأن إستعادتها مؤجل في المدى المنظور، ولديها وضع إستثنائي، كونها تحوي عشرات آلاف المسلحين، في إنتظار تبلور تفاهم إقليمي ينهي هذا الوضع الشاذ “.
-موقع المرده-