حسين مرتضى-
لم يكن طريق رجوع مدينة درعا وريفها الى كنف الدولة السوري بالامر السهل، بعد حرب امتدت هناك لسبع سنوات، وتركت خلفها شهداء وجرحى ومفقودين، لنصل الى هذا المشهد الذي نرى فيه الجنوب السوري يقترب من نهاية هذه الحرب، خصوصا ان اغلب المناطق التي دخلتها الدولة كان دون قتال، وعبر المصالحات والتسويات، التي رافقت التصعيد العسكري، ما يعكس المزاج الشعبي العام في جنوب سورية، الذي ساعد كثيراً بعودة الدولة، بمعارك موضعية محددة، حققت انتصارا كبيرا، وتحديدا بعد رفع العلم السوري فوق الجامع العمري لما له من رمزية كبيرة.
وبينما يقترب ريف درعا الجنوبي الغربي في مناطق تواجد “داعش” الارهابية من الحرب، تتجه أغلب مناطق ريف درعا الشمالية الغربية نحو التوقيع على اتفاقات تسوية تجنبها احتمالات المعارك، جاء ذلك بعد جولة محادثات حضرها وجهاء عن أبرز بلدات الريف الشمالي الغربي، تم التفاهم على بنود اتفاق على غرار ما جرى في الريف الشرقي والمدينة، وبعد دخول بلدات كفرشمس وكفرناسج وسملين وعقربا في سياق المصالحة، طريق المصالحات، تتجه بلدات إنخل وجاسم والحارة، بدورها نحو ذلك السياق .
استراتيجياً دخول الجيش السوري إلى درعا والجنوب السوري له دلالات كبيرة، هذه الدلالات من الناحية الجغرافية، تنحصر باخراج اللاعب الاقليمي والدولي من معادلة الحرب، نظرا لارتباط الجنوب بالأرياف الثلاثة وصولاً إلى ريف دمشق، والخط الذي كان مفتوحا من الغوطة الشرقية والغربية عبر داريا مرورا بريف دمشق الجنوبي الغربي، وصولاً إلى فلسطين، ومن دلالاته ايضا افشال الجيش للمخططات الاسرائيلية ومعها الامريكية والبريطانية، وحلم بعض الدول العربية على رأسها السعودية ما جعل هذا الحلم يتبدد مع هذا الانتصار.
والمفاجئ بالامر ان السرعة التي حقق فيها الجيش السوري هذا الانتصار والانجاز كانت تقاس بسرعة المصالحات التي كانت أسرع من العمل العسكري. عند دخول الجيش السوري إلى البلدات في ريف درعا اُستقبل من قبل الأهالي بكل فرح، فمثلاً عندما دخل إلى داعل كان الأهالي في مخيمات الأردن وبعد أقل من 24 ساعة عادوا إلى بيوتهم ومنازلهم، هذا ان دل على شيء يدل أنهم لم يكونوا في صف المسلحين أو مؤيدين لهم والأكثر من ذلك أنهم شعروا بالأمان فعادوا إلى منازلهم أي لم يكن هناك حاضنة للمسلحين، اضف الى ذلك ان الجيش السوري والقوى الامنية كانوا يعلمون بجميع تحركات المسلحين وقادتهم وكانت تبنى هذه المعلومات من قبل أهالي المناطق الذين كانوا يتعاونون مع الدولة. وأهالي حوران هم من طردوا الإرهاب.
القيادة السورية التي حسمت قرار معركة درعا، ركزت على عودة المناطق الى كنف الدولة ان كان بالمصالحات او بالعمل العسكري، والمهم بالامر هو طرد الارهاب كنتيجة نهائية، وساهمت التكتيكات والحنكة العسكرية كسبب رئيسي في عملية التقدم والانجاز والسرعة في هذه المصالحات، وكان يعطي الوقت الكافي للمصالحات ووقت مماثل للعمل العسكري ذلك لكي لا يستعيد المسلحون ترميم مواقعهم وترتيب صفوفهم او استغلال الوقت بعمليات عسكرية والالتفاف على عناصر الجيش السوري.
وكان القرار واضحاً ونذكر تماما انه حين أدرك الأمريكي وغير الأمريكي أن هناك قرارا من قبل الجيش السوري بالحسم في الغوطة الشرقية بدأت تتهاوى المناطق تباعاً، وقبل المعركة ب 24 ساعة الأمريكي حذر وهدد انه لن يقف مكتوف الأيدي اذا ما تقدم الجيش السوري نحو الجنوب السوري، الجيش تقدم وبعدها تغيرت التصريحات من قبل الأمريكي وأعلن أنه لن يستطيع أن يقدم للمسلحين وقادتهم أي شيء.
من جهة اخرى كان انجاز الجيش السوري تحت مجهر العدو الصهيوني العاجز عن نجدة من رباهم ورعاهم لسنوات، فيما عنترياته في الايام الاخيرة وتهديداته لسوريا وحلفائها دهستها ارادة الاهالي وطردهم للارهاب وعبر دبابات الجيش المتقدمة جنوبا لتحرير ما تبقى من قرى يسيطر عليها المسلحون، فكل التصريحات التي يطلقها نتنياهو سواء من فلسطين المحتلة او من روسيا على انه الحليف الأقوى لسوريا هي تصريحات المهزوم.