تخيّل البعد العاشر من خلال نملة تسير على جريدة..
لنبدأً بنقطة .
مثل النقطة التي نعرفها من علم الهندسة، ليس لها حجم، ليس لها أبعاد، مجرّد فكرة تمّ تخيلها ليتمّ بواسطتها تحديد الموقع في نظام ما..
نقطة ثانية، يمكن أن تستخدم للدلالة على موقع مختلف، ولكنها أيضاً ليس لها حجم محدد..
. .
لكي ننشيء البعد الأول، كل ما نحتاجه هو خط يصل ما بين أي نقطتين..
- ——————–●
الأشياء آحادية البعد ولها طول فقط وليس لها عرض ولا عمق أيضاً..
البعد الأول (خط)
لو اخذنا الآن خطاً آحادياً البعد، ورسمنا خطاً يقطع الأول، فاننا نكون قد دخلنا البعد الثاني، لأن الأشياء التي نمثلها الآن لها طول وعرض.. ولكن ليس لها عمق.. ولكي نساعد أنفسنا على تخيّل الأبعاد الأعلى سنقوم بتمثيل شيئاً ثنائي البعد، وقد تمّ تكوينه باستخدام خط ثاني تفرّع من الخط الأول..
والآن لنتخيّل سباق لكائنات ثنائية البعد تسمّى “مسطّحات”؛ فماذا سيكون الوضع إذا كنت مسطحّاً تعيش في عالم ثنائي البعد؟
الكائنات الثنائية البعد لها فقط طول وعرض، كأفراد العائلة الملكية الموجودة على “اوراق اللعب”،
ودعونا نتخيّل أنّ الكائن المسطّح لا يمكن أن يكون له جهاز هضمي، لأنّ أنبوب جهازه الهضمي أو التنفسّي من فمه الى بطنه، سيقسمه الى جزئين..
وفي مسعى للمسطحين لمشاهدة عالمنا الثلاثي الأبعاد، سيكونوا قادرين فقط على ملاحظة الأشكال في المقاطع العرضية ثنائية البعد، وعند مرور “بلون” خلال عالم المسطحين سيبدأ يراه المسطحين كدائرة صغيرة؛
كدائرة جوفاء، والتي لسبب غير مفهوم تزداد لحجم معين،
ثمّ تنكمش لتعود الى نقطة قبل أن تختفي من الوجود..؛ ونحن الكائنات الثلاثية الأبعاد سنبدو غرباء جداً بالنسبة للمسطحين..
البعد الثاني (الإنفصال أو التفرّع)
تخيل البعد الثالث هو السهل بالنسبة لنا.. لأنّ كل لحظة من حياتنا هي ما نحن موجودون فيه.. الجسم الثلاثي البعد له طول وعرض وارتفاع،
ولكن ها هي طريقة أخرى لنصف بها البعد الثالث:
لو فرضنا أنّ هناك نملة تسير على جريدة موجودة على طاولة، سنعتبر أنّ النملة واحدة من الكائنات المسطحّة، لأنها تسير على طول في عالم الجريدة ثنائي البعد..
ولو تمّ طيّ الجريدة الآن من منتصفها.. فاننا سنتيح للنملة باسلوب سحري طريقة تستطيع بها الإختفاء من نقطة والإنتقال فورياً الى نقطة أخرى..
ونستطيع أن نتخيل ما قمنا به، بأن نأخذ شيء ثنائي البعد، ونطويه الى البعد الأعلى والذي يكون بعدنا الثالث،
ومرة أخرى من الملائم لنا أثناء تخيلنا للأبعاد الأعلى لو نفكّر في البعد الثالث على هذه الطريقة: فانّ البعد الثالث هو ما نطوي فيه أو خلاله، ولكي نقفز من نقطة الى اخرى في الأبعاد الأدنى..
..
البعد الثالث (طيّه)
الأبعاد الثلاثة الأولى يمكن أن نصفها بهذه الكلمات: طول وعرض وعمق، ولكن ما هي تلك الكلمة التي يمكن بها أن نشير بها الى البعد الرابع؟
لا توجد غير إجابة واحدة، “المدّة”
إذا فكرنا أين كنّا منذ دقيقة ماضية وأين نحن الآن، الخط الذي نستطيع أن نرسمه من “حالة اللحظة الفائتة” الى “حالة اللحظة الحالية” سيكون ذلك الخط في البعد الرابع..
وإذا اتيح لك ان ترى نفسك في البعد الرابع ستكون مثل “افعى طويلة متموجّة”،
في أوله ستجد جنينك وفي آخره ستجد جثتك.. ولكن لأننا نعيش من لحظة الى أخرى في البعد الثالث، فاننا نشبه الكائنات المسطحّة ثنائية البعد، فانّه مثل ذلك الكائن المسطّح الذي لا يستطيع أن يرى سوى المقاطع العرضية ثنائية البعد من الأشياء التي في البعد الأعلى.. ونحن ككائنات ثلاثية الأبعاد لا نستطيع أن نرى سوى المقاطع العرضية ثلاثية البعد من أنفسنا ذات الشكل رباعي البعد..
البعد الرابع (خط)
أحد اهم الخصائص من كون البعد الواحد أنّه مكدس فوق الآخر.. وأنه في الأبعاد الأدنى لا يمكن لنا أن نعي بحركاتنا في الأبعاد الأعلى.. والمثال لبسيط على ذلك: لو أننا صنعنا شريط “موبيوس”، ونأخذ شريط طويل من الورق ونقوم بلفّه ولضق طرفيه، ثم قمنا برسم خط على طوله، فانّ خطنا سيكون في النهاية على جانبي الورقة، قبل أن يلتقي بنفسه مرّة أخرى، وهنا يبدو أنّ شيئاً مذهلاً، الشريط له وجه واحد فقط، ولذلك فانه يمثل شيء ثنائي البعد،
وهذا يعني أنّ الكائنات المسطّحة ثنائية البعد أثناء حركتها على طول ذلك الخط لذي رسمناه من بدايته وصولاً حتى نهايته لن يشعروا مطلقاً بأنهم غادروا البعد الثاني، وفي الواقع انهم كانوا يدورون ويلتفون في البعد الثالث، بينما هم كانوا يشعرون أنهم تحركوا في خط مستقيم..
البعد الرابع (الوقت)
الوقت نشعر به كخط مستقيم، وهو يتحرك من الماضي الى الحاضر.. ولكن ذلك الخط المستقيم في البعد الرابع هو في الحقيقة..
مثل شريط “موبيوس” ملتف ومنطو في البعد الأعلى، وعلى ذلك فانّ ذلك الثعبان الطويل المتموّج والذي يمثلنا عند أيّ لحظة معينة، سنشعر به يتحرك في خط مستقيم في الوقت “البعد الرابع”، ولكنها ستكون في الواقع في البعد الخامس، لأنّ المسارات المتعددة التي تتفرع الى أي لحظة مطلوبة، من تلك التفرعات ستتأثر باختياراتنا.. والحظ وأعمال الآخرين..
تخبرنا ميكانيكا الكم بأنّ الجسيمات تحت الذريّة، والتي يتكون منها عالمنا تنهار معاملاتها كموجات احتمالية بفعل الملاحظة،
ونحن في الصورة التي نرسمها لأنفسنا هنا تسمح لنا البدء بأن نرى كيف نسببّ في انهيار الموجة اللاتحديدية للإتجاهات المستقبلية المحتملة التي يتضمنها البعد الخامس في خط البعد الرباعي والذي نعيشه، وهو الوقت.
البعد الخامس (خط)
ماذا يحدث إذا أردت أن تعود الى طفولتك وأن تزور نفسك؟ يمكننا تخيل أننا نقوم بطي البعد الرابع خلال البعد الخامس، ثم نقفز عبر المكان والزمان الى ماضينا المنشود،
ولكن ماذا إذا أردت أن تذهب الى عالم على سبيل المثال، قمت فيه باختراع عظيم وأنت طفل، والذي سيجعلك الآن غنياً ومشهوراً..؟ يمكننا تخيّل إحتمالات نفسنا المعدودةـ رباعية الأبعاد والمتفرعّة من لحظتنا الحالية في البعد الخامس،
ولكن مهما فعلت لا يمكن الذهاب من هنا، فان خط الزمن الخاص بالطفل العظيم المخترع ليس خياراً متاحاً في حالتك الزمنية الحالية، “لا يمكنك الإنتقال الى هناك من هنا” ومهما تدخل الإختيار والحظ وأفعال الآخرين..؛
لا توجد سوى طريقتين فقط لتصل الى ذلك العالم، الأولى: وهي ان تعود بالزمن ثم نقوم طريقة ما بتغيير أحداثك المعاشة، بحيث تؤول الى أن تتوصل الى اختراعك،
ثم تبدأ تتحرّ: بالبعد الخامس، لكي ترى العوالم المحتملة التي من الممكن أن تنشأ، ولكن هذا سيأخذ وقتاً طويلاً، الطريقة المختصرة التي يمكن أن نسلكها، أن نطوي البعد الخامس خلال البعد السادس الذي يتيح لنا الإنتقال الفوري من وضعنا الحالي الى خط خماسي البعد الآخر.
البعد السادس (طيّه)
في طريقة وصفنا للبعد الرابع، تخيلنا أننا أخذنا الأبعاد الأدنى منه، وتصورناها على انها نقطة وحيدة، البعد الرابع هو خط والذي يستطيع أن يربط بين حالة العالم منذ لحظة مضت وحالته الآن، أو بأكبر صورة ممكنة هو الخط الذي يربط بين لحظة الإنفجار الكبير وإحدى تلك النهايات المحتملة لكوننا،
وبينما سنتناول الحديث عن البعد السابع، سنكون على وشك أن نتخيل خط والذي يمثل البعد السادس كما لو كان نقطة، ولكي نفعل ذلك علينا أن نتخيّل كافة خطوط الزمن والتي يمكن أن تبدأ من لحظة الإنفجار العظيم والممتدة الى كلّ النهايات المحتملة للكون..،
وهو المفهوم الذي نعبّر عنه بانه لا نهائي، او اللا نهاية، ونعاملها كا لو كانوا نقطة واحدة، نقطة في البعد السابع يمكن إعتبارها “اللانهاية” وهي كلّ خطوط الزمن المحتمل حدوثها، أو التي ستحدث منذ لحظة الإنفجار الكبير.
البعد السابع (خط)
عندما وصفنا اللانهاية كنقطة في البعد السابع، نكون قد تخيلنا جزء من الصورة فقط؛
لو اننا رسمنا خط سباعي البعد، يجب علينا أن نكون قادرين على تخيّل ما ستكون عليه نقطة “اخرى” لأن خطنا السباعي البعد لا بدّ أن يصل بين نقطتين لكي يكون خط، ولكن؟
كيف يمكن أن توجد أثر من ما لانهاية واحدة.. الإجابة هي: من الممكن أن تتواجد ما لانهايات أخرى مختلفة تماماً قد تمّ خلقها في ظروف أولية مختلفة، عن ظروف الإنفجار الكبير الخاص بنا ((ما لانهايتنا)) وهي ظروف أولية مختلفة يمكن لها أن تخلق عوالم مختلفة، حيث تكون القوانين الفيزيائية الأساسية مختلفة تماماً، مثل الجاذبية أو سرعة الضوء مختلفة عن قوانين عالمنا، والنتيجة تفرع خطوط الزمن من بداية كلّ كون الى النهايات المحتملة الخاصة بكل كون لتتكوّن ما لا نهايات منفصلة عن مالانهاية كوننا،
وهكذا الخط الذي سنرسمه في البعد السابع سيصل بين تلك النهايات ونهاية اخرى،
وبالرغم من امكانية جهلنا عما نستكشفه هنا، الاّ أنه إذا وجب علينا أن ننشأ فرع من ذلك الخط السباعي البعد، برسم خط الى ما لانهاية أخرى،
وسنكون بذلك نتحدث عن البعد الثامن..
البعد الثامن (انشقاق أو انفصال)
مما عرفناه سابقاً، فانّه إذا أردنا أن نقفز من نقطة الى بعد الى اخرى، فكل ما علينا فعله هو ثني تلك الأبعاد في البعد الأعلى، ولو نملتنا التي على الجريدة كانت في عالم المسطحين ثنائي البعد، ثم قمنا بطي ذلك العالم خلال البعد الثالث، فاننا سنتيح لها بطريقة سحرية الإنتقال من موقع الى موقع أخرى مختلف،
وحيث أننا الآن نتخيل البعد التاسع، فان نفس القواعد ستطبق، فلو أننا استطعنا لحظياً الإنتقال من خط ثماني البعد الى آخر، فان هذا سيحدث لأننا استطعنا طيّه عبر البعد التاسع.
البعد التاسع (طيّه)
سابقاَ ناقشنا البعد الأول، ويمكن القول أن البعد الأول جاء من اللابعد أو الصفر أو zero، والتي هي أحد المفاهيم الهندسية للنقطة، وتستخدم النقطة في تحديد الموقع في نظام ما، وكل نقطة ليس لها حجم، وقد جاء البعد الأول بأخذ نقطتين وتوصيلهما بخط، وعندما قمنا بتخيّل البعد الرابع، كم لو عاملنا مجمل الفضاء الثلاثي البعد في حالة معينة كما لو كان نقطة واحدة،
ثم قمنا برسم خط رباعي البعد من تلك النقطة الى اخرى والتي تمثل الفضاء في حالة اخرى، ونشير غالباً الى ذلك الخط الذي رسمناه بالزمن، ثم بالبعد السابع، عاملنا كل خطوط الزمن المحتملة والتي يمكن ان تنتج من لحظة الإنفجار الكبير كما لو كانت نقطة،
وتخيلنا رسم خط من تلك النقطة الى اخرى والتي تمثل أيضاً كل خطوط الزمن المحتملة الخاصة بعالم آخر مختلف تماماً عن عالمنا، والآن وبينما نتعرّف على البعد التاسع وجب علينا أن نتخيّل كل التفرعات المحتملة لكل خطوط الزمن المحتملة لكل العوالم المحتملة ونعاملها كنقطة واحدة في البعد العاشر..
حتى الآن هذا جيّد.. ولكن هنا نصدم بحاجز، لو أننا سنتخّيل البعد العاشر على ذلك المنوال السابق، بانه خط فانه يلزمنا نقطة اخرى لكي نرسم ذلك الخط، ولكن للأسف لقد نفذت حيلنا، فبمرور الوقت كنا قد تخيلنا كل خطوط الزمن الممكنة لكل العوالم الممكنة على انها نقطة في البعد العاشر، يبدو أنّ رحلتنا قد انتهت..
في نظرية الأوتار، يخبرنا الفيزيائيين، بأن اهتزاز الأوتار الفائقة في عشرة ابعاد هي من خلقت تلك الجسيمات تحت الذرية التي يتكون منها عالمنا، وتلك العوالم الأخرى المحتملة على السواء، وبعبارة أخرى، يمكن القول بأن كلّ الإحتمالات قد احتواها البعد العاشر، تلك الإحتمالات التي تُبيّن أنها حجر الزاوية التي تبنيناه أثناء تخيلنا للابعاد العشرة واحداً تلو الآخر.
البعد العاشر؟
https://www.youtube.com/watch?v=lLKSxkuqogs
الجزء الأول –
https://www.youtube.com/watch?v=TQhU3YXjf84
الجزء الثاني –