قبل ايام اندلعت تظاهرات في ايران احتجاجا على ارتفاع السلع والمحروقات في البلاد. وقد ترافق ذلك مع حملة اعلامية غربية ضد الجمهورية الاسلامية تندد بما سمته القمع ضد مطالب الشعب الايراني. لكن المدقق في الامور يجد ان هذا يأتي من ضمن سياق اميركي للتصعيد ضد ايران خصوصا بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران وضغطها على الشركات الاوروبية للانسحاب من السوق الايراني بعدما كانت قد بدأت تستثمر في هذا السوق عقب توقيع الاتفاق في اواخر عهد الرئيس باراك اوباما.
وتأتي الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة للضغط على الشعب الايراني لينقلب ضد نظام الحكم. وقد ادت العقةبات التي اعادت واشنطن فرضها على ايران الى ارتفاع الاسعار بشكل كبير والى تراجع قيمة العملة الايرانية في مقابل الدولار. وقد القى وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بالمسءؤولية على القادة الايرانيين وما اعتبره تورطهم في النزاعات الاقليمية في الشرق الاوسط وصرفهم اموالا طائلة في سورية والعراق واليمن والتي ادت الى اندلاع الازمة. وتساند واشنطن في هذه الحملة كل من اسرائيل وحكام الخليج العرب.
في المقابل فلقد بدأت القيادة الايرانية باتخاذ اجراءات جذرية لمواجهة الاوضاع المتفاقمة عبر اعادة النظر بالخطة الخمسية التي كانت قد اطلقت في العام 2016 حين كانت العقوبات قد رفعت عن طهران، والتي كانت قد لحظت تراجع الدولة عن الكثير من الانشطة الاقتصادية التي كانت تتولاها لعقود طويلة. ومن ضمن التعديلات على الخطة وقف التداول الحر في السوق واعادة ضبط المالية العامة وسعر صرف العملة التي كانت قد حررت قبل عامين.
وما يمكن ان يحد من اثار الحرب الاقتصادية الاميركية هو ان الاقتصاد الايراني لم يكن قد حرر الا بجزء يسير منه فيما كانت الدولة قد بقيت تسيطر على معظم القطاعات الاقتصادية. كذلك فان البنية الاقتصادية الايرانية التي كانت قد شكلت منذ اربعة عقود لتتحمل الضغوطات الخارجية يمكن لها ان تفعل من جديد لتعطي حصانة للاقتصاد الايراني. كذلك فان الكثير من الشركات الصينية والروسية ابدت استعدادها للحلول محل الشركات الاوروبية التي انسحبت من السوق اليارنية نتيجة الضغوط الاميركية. كما يمكن لايران ان تعود الى نظام المقايضة الذي كانت تعتمده لعقود عدة مع دول تحتاج النفط الايراني مثل الصين والهند.
هذا يفسر لماذا تمكنت القيادة الايرانية من اعادة ضبط الامور وتهدئة الاحتجاجات. والتوقعات تشير الى امكانية استيعاب ايران للضغوط الاقتصادية الغربية.
-وكالات-