– سياسة الدولة اللبنانية الخارجية نابعة من قرار سيادي..
لا يعير أهمية سوى للمصالح القومية العليا للوطن ولشعبه
بعدما دعت وزارة الخارجية والمغتربين السورية اليوم “المواطنين السوريين الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الارهابية الى مغادرة البلاد للعودة الى وطنهم الام، بعد تحرير العدد الاكبر من المناطق التى كانت تحت سيطرة الارهابيين”.، مشيرة الى ان “الحكومة السورية مسؤولة عن مواطنيها وامنهم وسلامتهم وتأمين احتياجاتهم اليومية من الحياة الكريمة”، شددت على “ضرورة ان تتحمل المنظمات الانسانية والمجتمع الدولى مسؤولياتهم فى هذا الخصوص، للمساهمة فى توفير متطلبات العودة الطوعية للمواطنين السوريين الى بلادهم، والى رفع الاجراءات القسرية احادية الجانب، غير المشروعة، التى فرضت على الشعب السوري”.
وفي حين تستمر المديرية العامة للأمن العام في تسجيل أسماء النازحين السوريين الراغبين في العودة الطوعية إلى وطنهم سوريا، وقد بلغ العدد حتّى الآن أكثر من 500 عائلة، عاد نحو مئة نازح سوري، منذ يومين، الى قراهم داخل الأراضي السورية عبر نقطة المصنع الحدودية. 67 نازحاً من مخيمات البقاع الأوسط اختاروا العودة طوعاً الى قرى ريف دمشق، بواسطة حافلتين استقدمتا من الداخل السوري لهذه لغاية، في حين أن 30 نازحاً دخلوا الأراضي السورية بسياراتهم السورية الخاصة المرخصة قانونياً، عبر نقطة المصنع الحدودية. هذه العودة كانت بتنسيق واضح بين الأمن العام اللبناني والسلطات السورية، حيث كان في استقبال العائدين عند نقطة جديدة يابوس ممثلون عن منظمات تابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري، وممثل عن اللواء ماهر الأسد، ورئيس لجنة المصالحة السورية أكرم جميلي.
إذا التنسيق الذي عاند بعض الافرقاء المعادين لسوريا حصوله بين الدولتين اللبنانية والسورية، يتم على قدم وساق، وكيف لا والعهد برئاسة العماد ميشال عون والدبلوماسية اللبنانية بقيادة الوزير جبران باسيل اتخذوا الخطوات العملية من دون انتظار الاجماع عليها لتشجيع عودة النازحين الامنة وليس الطوعية، على رغم معارضة صقور تيار المستقبل وعلى رأسهم وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، الذي بدل ان يعمل على إعادة النازحين الى وطنهم، تآمر مع المجتمع الدولي لإبقائهم في لبنان، هذا المجتمع الذي لجمته اجراءات الخارجية اللبنانية واليوم طالبته سوريا باحترام تعهداته والاستمرار بدعم النازحين ولكن في سوريا هذه المرة، لا في الدول المجاورة لمنعهم من العودة الى وطنهم والمساهمة في اعماره بعد انتهاء الحرب، في وقتٍ أدرك حتى اكثر المتطرفين ضد سوريا ان انتصار سوريا بحربها ضد الارهاب ومموليهم وداعميهم في العالم الغربي وفي الاقليم كما الخليج، تفرض على لبنان التعامل مع سوريا المنتصرة، وتصحيح العلاقات بالتالي بين الدولتين التي تصب في مصلحة الشعبين، لأن لبنان بأمس الحاجة الى اعادة ترتيب اولوياته وعلى رأسها الاقتصادية، فوطن الارز بالكاد يستوعب سكانه الاصليين الذين تهاجر نسبة كبيرة منهم الى مختلف اصقاع العالم منذ بداية القرن وتستمر هذه الهجرة التي تفرغ الوطن من عامل القوة لديه والمتمثلة بشبابه المهاجر، يضاف اليهم مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرتهم إسرائيل واحتلّت أرضهم،
يمكننا بالمحصلة القول ان عرسال كانت البداية التي اطلقت مسار العودة، وشجعت الكثير من النازحين على العودة الى قراهم السورية، حيث عاد 400 نازح سوري من عرسال إلى فليطا والقلمون الغربي السوريتين، تلتها عودات بأعداد ضئيلة صحيح ولكنه مسار سيستمر ويتصاعد في الايام والاشهر المقبلة، بسبب السياسة الرسمية اللبنانية التي اتخذت قرارها الحازم في هذا الاطار، وباتت قرارات الدولة اللبنانية وبخاصة في سياساتها الخارجية النابعة من قرار سيادي لا يعير أهمية سوى للمصالح القومية العليا للوطن ولشعبه.