أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


قطر 2022، أربع سنوات قادمة في منطقة الجزاء السعودية

– نقمة عُمانية كويتية ضدّ التسلُّط السعودي (أمين أبوراشد)

***

من أجواء مونديال روسيا 2018، نرصُد استحواذ قطر على الكُرة في استضافة المونديال القادم عام 2022، من خلال توقيته ما بين شهري نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول للإستفادة من الإعتدال المناخي، وتأهيل الملاعب لتتلاءم مع الحدث، وبناء المزيد من الفنادق لنُزلاء لن يشغلوها لأكثر من شهر. وليست الظروف المناخية ولا البُنيَة التحتية ولا الأهلية الإدارية هي التي أدخلت استضافة قطر للمونديال في موقع التجاذبات والأخذ والردّ، بل العوامل السياسية والأمنية الناجمة عن ما يُسمى الربيع العربي وارتداداته على دول الخليج التي تورَّطت في إشعال الحروب، وصَمَد مونديال قطر أكثر مما صمد مجلس التعاون الخليجي الذي تهاوى وبات خارج دائرة التأهُّل لأي دور في التصفيات الإقليمية.

أخطاء وقعت فيها السعودية في الهجوم على المرمى القطري خلال العامين الماضيين، الى حدّ محاولة إسقاط أميرها عن العرش، وإستهجن العالم قُدرة قطر على الدفاع خاصة في المجال الإعلامي وتسويق نفسها بلداً صغيراً مُعتدى عليه، لكن المسألة لا ترتبط بقوة الدفاع القطري، بقدر ما هي نقمة عُمانية كويتية ضدّ التسلُّط السعودي على دول مجلس التعاون وجرّ السعودية لدولة الإمارات والبحرين خلفها في التورُّط بالأزمة القطرية، وكان الإنقسام الذي قَصَم “ظهر البعير الخليجي”، وانفرط عقد تحالف التِيجان، لأن كل تاجٍ ملكي أو أميري باتت له ظروفه ومصالحه.

المُلفِت إقليمياً في الصراع السعودي القطري، أن كلا البلدين تورَّط من موقعه في مهزلة “الربيع العربي”، بدءاً من سوريا وانتهاء باليمن، ومع انهيار “غرفة عمَّان” التي جمعت كل أعداء سوريا، برز الصراع السعودي الإماراتي على موانىء جنوب اليمن، فكانت الغَلَبة للإمارات لغاية الآن ودفعت السعودية أثماناً في مناطقها الجنوبية خاصة عسير وجيزان مما كَسَر شوكة “عاصفة الحزم” وفَشِل محمد بن بن سلمان في تحقيق الوَهَم بنقل الحرب على اليمن الى الداخل الإيراني، لأن للكويت نظرتها الى ولي العهد السعودي أنه “الذئب الكاسر” ولأن لسلطنة عُمَان سُلطتها الخفيَّة الفاعلة التي تُشبه شخصية السلطان قابوس الرجل القوي الهادىء والفاعل الذي مدّ يد التعاون الإقتصادي الى إيران واحتضن قطر ومَنَع التمادي السعودي في حصارها وخنقها.

وإذا كان تاريخ العرب مع الغرب، منذ احتلال فلسطين، وانتهاء بكل المجازر التي تحصل على الأرض العربية، يشهد على النكبة الإنسانية في الثقافة الغربية، وأن مئات الآلاف بل الملايين من أبرياء العرب الذين تساقطت رؤوسهم لم يهزَّوا رمشاً دولياً، بينما كُرة قدم سوف تتدحرج على الملاعب الخضراء وسط صحراء، سوف تلجِم أي اعتداء على الدولة المُضِيفة من الآن ولأربع سنوات قادمة، وأن اللعب مع قطر من الآن وحتى العام 2022، سيجعل الكُرة بشكلٍ دائم في منطقة الجزاء السعودية، وتُحسَم المباراة بين الدولتين بخسارة سعودية مدوِّية ليس فقط أمام قطر، بل خسارة الدوري الخليجي الى الأبد، لأن لا قيامة بعد الآن لمجلس التعاون الخليجي الذي كانت تتزعَّمه السعودية وحاولت أن تجعل منه وحدة سياسية تُهيمن عليها، وقضى على أحلامها السلطان العُماني الهادىء الفاعل قابوس بن سعيد، الضامن لِلَجم التهوُّر السعودي من جهة، والمُناصر للحق الطبيعي لإيران بجيرةٍ هادئة لا يمسّ بها أحد من جهة أخرى، سيما وأنه كان أحد صائغيّ الإتفاق النووي مع إيران في إقرار حقوقها بتخصيب اليورانيوم وإنتاج الطاقة للأغراض السلمية.

ختاماً، الخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبته السعودية في رؤيتها الضيِّقة، أن إقرار إقامة المونديال في قطر قد تمَّ في العام 2010، وأنها أعجز من مواجهة كُرة بلاستيكية منفوخة بالهواء تحمل تغطية دولية، وحاولت بشتى الوسائل إسقاط قطر وفشِلَت، وباتت الأراضي القطرية من الآن وحتى العام 2022 وكأنها “حَرَم سفارة غربية” يُمنع اختراق أمنها والإعتداء عليها، والغرب الذي “تَفَرَّج” على السعودية في دعمها لإرهابٍ أسقط آلاف الرؤوس من أبرياء العرب، وتقاذَفَ مصائر بعض الدول العربية كما كُرة قدم، هذه المملكة المُترهِّلة باتت أعجز من أن ترفع رأسها بوجه كُرة قدم آتية الى قطر بعد أربع سنوات…