حسان الحسن-
قد تكون في الفترة الاخيرة خفت حدة المعارك الميدانية في سوريا، بين الجيش العربي السوري وحلفائه من جهة، وبين خليط المسلحين الارهابيين او غير الارهابيين من جهة اخرى، والسبب إنجازات الدولة السورية في تحرير العديد من المناطق من قبضة المسلحين، عسكريا او بالتسويات، ولكن ما يجري اليوم من حراك عسكري حساس في جنوب سورية وفي شرقها، يوحي بان الدولة على الطريق الجدي لاستكمال سيطرتها على كامل الجغرافيا السورية.
فما يحدث بداية نحو الجنوب السوري، يشكل الحدث الميداني الأبرز في الجارة الأقرب في المرحلة الراهنة، حيث يستعد الجيش السوري للقيام بعملية عسكرية ترمي الى تطهير محافطتي درعا والقنيطرة من المجموعات الإرهابية المسلحة، بعدما إستمر في حشد قواته في المنطقة المذكورة في الأسابيع الفائتة.
الى ذلك وصلت الى ميناء طرطوس قطع بحرية روسية محملة بالإسلحة والذخائر، لتقديم الدعم اللوجستي اللازم للقوات السورية العازمة على تطهير جنوب البلاد، بالاضافة الى أن الطيران الحربي الروسي يستهدف مواقع المسلحين في درعا، ويركز غارته على المنطقة الممتدة بين بصرى الحرير وأذرع، وتؤكد مصادر ميدانية أن هذه الغارات، لاتزال في إطار المناوشات، ولم تتطور حتى الساعة الى قصفٍ تمهيديٍ لهجوم القوات السورية المرتقب على “حوران”.
في المقابل توافرت معلومات صحافية عن تقديم القوات الأميركية صواريخ مضادة للدروع للمجموعات المسلحة، عبر الشطر الثاني من الحدود، من داخل الأردن، تحسباً لأي هجوم يشنه الجيش السوري، لاستعادة أراضيه من المسلحين، ولكن تبقى في إطار المعلومات لا أكثر، في حين رفضت مصادر ميدانية تأكيد صحة هذه المعلومات أم نفيها، لافتةً الى أن المعلومات العسكرية ليست معلنةً، كما يتحدث بعض الإعلام .
وعن إمكان تفادي حدوث معركة، بالتالي إحتمال توصل القوى الدولية المؤثرة في الأزمة السورية الى تسوية سياسية تنهي البؤر التفكيرية المسلحة في الجنوب، على غرار ما حدث أخيراً مع الفصائل المسلحة التي كانت منتشرة في ريف حمص الشمالي، تؤكد مصادر سياسية سورية أن هذا الأمر، يخضع لحسابات دولية وإقليمية، خصوصا بين الروس والأميركيين، لما للمنطقة من موقع جغرافي حساس، كونها قريبة من الإردن والإراضي الفلسطينية المحتلة، ولا معلومات عن إتفاق من هذا النوع حتى الساعة، بحسب المصادر المذكورة.
هذه المصادر المذكورة تعتبر أن عودة الجنوب السوري الى كنف الدولة، يشكل نقطة تحول مهمة لمصلحة دمشق، وقد تمهد لإعادة فتح معبر نصيبين مع الإردن، وعودة الوضع إلى ما كان عليه ما قبل سقوط إتفاق “فشك الإشتباك 1974″ مع العدو الإسرائيلي في العام 2011 ، عند بدء الأزمة الراهنة، خصوصا بعد فشله في إنشاء شريط حدودي مماثل للذي أنشأه في جنوب لبنان، إبان حقبة إحتلاله للأراضي اللبنانية.
وفي سياق التطورات الميدانية أيضا، البعيدة عن الجنوب السوري ولكن المتربطة معه بطريقة قوية،وسع الجيش السوري حدود سيطرته في البادية على حساب ” داعش “، وحرر مئات الكيلومترات من التنظيم الارهابي، وذلك تزامنا مع التحضير لمعركة الحسم جنوبا، مستهدفا المعابر الحدودية التي يسيطر عليها المسلحون في الجنوب، الامر الذي اكدته تلك المصادر عينها ، حيث تم تحرير ما يزيد على 4500 كلم مربع من البادية السورية بعد عمليات واسعة ضد “تنظيم الدولة” في أرياف دمشق وحمص ودير الزور .
الى ذلك، إندلعت مواجهة برية هي الأولى من نوعها بين الجيش السوري والقوات الأمريكية التي تتخذ من التنف في أقصى الجنوب الشرقي لحمص على الحدود السورية العراقية الأردنية قاعدة لها، بعد تصدي الجيش السوري لثلاث عربات أمريكية كانت تتقدم باتجاه إحدى نقاط الجيش عند منطقة الهلبة جنوب شرق تدمر وبعد قيام الجيش السوري بالتصدي للعربات واستهدافها، عندها قام الطيران الأمريكي بقصف نقطة عسكرية تابعة للجيش السوري في جبل الغراب شرق مدينة تدمر بحوالي 150 كلم بالقرب من الحدود السورية العراقية.
وعن الدور الذي تؤديه قاعدة “التنف”، خصوصا في تقديم الدعم والمساندة “لداعش”، تعتبر المصادر السياسية المذكورة آنفا، أن الهدف الأساس منها، هو تأمين موقع للأميركيين على الحدود السورية- العراقية- الأردنية، الى جانب دورها في دعم المجموعات الإرهابية، فهذه القاعدة كانت في السابق نقطة مراقبة نفطية على المثلث الحدودي المذكور .
وهكذا، يمكن القول ان الميدان السوري نحو المزيد من الاستقرار، والدولة السورية نحو المزيد من فرض التوازن الطبيعي على كامل جغرافيتها كما هو مفترض، وبالمقابل، تنحسر يوما بعد يوم سيطرة الارهابيين ورعاتهم على تلك الجغرافيا، ليعود الوضع الى طبيعته و تستكمل الاطراف السورية جميعها، مسيرة البناء والمصالحات والتسويات.
-المرده-