– نداء راهب لكل شبابنا المقيم والمغترب تحت كل سماء
***
ما همني لأي حزب تنتمون اذ في النهاية جميعُنا في سفينة واحدة او نرسب او نعوم. او يتدثّر لبنان عباءةَ البقاء او يتلاشى ويندثر.
أُعلي ندائي مستلهما ما ورد على لسان البطريرك الماروني يوحنا الحاج القاضي في مذابح 1860 الذي رفض مقولة “لا غالب ولا مغلوب” بل بالعكس هناك غالب ومغلوب، والذي توفي والقديس شربل في نفس ليلة الميلاد، نقلاً عن كتاب سلسلة البطاركة للخورأسقف يوسف داغر يقول: “اذا كانت عظامي تفيد الكنيسة المارونية، إِنبشوا قبري وخذوها مشاعيل تضيء لأجيالنا القادمة”.
ان هذا الكلام ينخر نخاع العظام عند اصحاب الشهامة والكرامة والاصالة والعنفوان.
باسم الشهداء الميامين الذين نذروا حياتهم وضحوا بذواتهم و”ماتوا لنبقى”، طوال معارك الحرب اللبنانية الشرسة، وسفكوا دماءَهم لديمومة وطن الآباء والأجداد، ساهرين الليالي على متاريس الدفاع في الجبال والسهول والبطاح والسفوح متكبدين أنكد التضحيات في سبيل استمرارية الكيان. نخب رجالنا وشبابنا وبناتنا والنساء، الذين تجندوا للدفاع عن النفس ضد لاجئين غرباء نزلوا أرضنا و استظلوا سماءنا وتنشقوا هواءنا وشربوا من ينابيعنا وأكلوا خيراتنا وفي آخر المطاف استباحوا حرماتنا وانتهكوا كراماتنا وصوّبوا سلاحهم على صدورنا فقتلوا من قتلوا وعوّقوا من عوقوا وخرّبوا وأحرقوا ودمروا وشرّدوا عيالاً وخطفوا اهلاً من جميع الأعمار وإلى الآن لم يعد من مفقودينا واحد. لم يتركوا فاحشة لم يرتكبوها يا عيبهم!
استحلفكم يا شبابنا اللبنانيين المنتثرين تحت كل كوكب، باسم هؤلاء الشهداء الفرسان الشجعان والابطال الاكارم الأجرياء – هؤلاء قِطعٌ منَّا فَِلذ اكبادنا – ان ترفضوا واقع الحال ولغة التجنيس والتوطين وتعملوا ما بالوسع لإنقاذ الوطن المفدى المهدَّد بالافلاس والهزائم والغرق. يريدون محوه عن الخارطة لأنه ذو وجه عربي فقط.
إنه من الغرابة والعجب بمكان أن نسمع أخباراً مزعجة عن التجنيس وكأنه مشروع للإطاحة بنا وببلادنا ولِتغيير الديموغرافيا أي طغيان عدد اللاجئين من فلسطينيين وسوريين على عدد المواطنين، نزحوا من اوطانهم وحلوا عندنا في لبنان الحاضن المضياف. والأخطر تكليف من كوشنير صهر الرئيس ترامب رئيس امريكا، ملك الاردن بمباركة عربية لتوطين جميع النازلين في لبنان من جميع الملل لقاء إيفاء الدين العام البالغ مئة مليار دولار أميركي. يا للهزيمة يا للعار! من الداخل والخارج اصوات الجزارين تتعالى ضد وطننا الحبيب لبنان.
دارت الحرب في لبنان مدى خمسة عشر عام باقذر وأوحش صورها ولم تحرك الولايات المتحدة ساكنا وأشلاء الضحايا كانت تُعرض على شاشات التلفزة فما هو الداعي اليوم لاستهداف لبنان بهذا الشكل الشنيع الزري؟ أهكذا تُحل القوى الكبرى مشاكل شعب على حساب شعب آخر؟ الا تعلم انها ستواجه انتفاضات ثورية أعنف من الماضي في حال استكمال هذا الموال موال التوطين والتجنيس السمج المُهين؟
أن مساحات الدول العربية شاسعة ونفطها كفيل باستيعاب كل المطرودين والمُغتصبين والمهجرين والنازحين من فلسطينيين وسوريين، فلماذا يستهدفون لبنان أصغر دولة بين الدول العربية ويرمون توطينهم فيها؟ فلتأخذ الدول العربية الحصص من مهجرين فلسطينيين وسوريين بالتساوي لأنها تستوعب أعدادا هائلة عوض أن يكون لبنان الصغير مكبَّا لها.
لا أرضه ولا وارداته ولا صادراته في بحبوحة ولا انابيب البترول تشفع فيه. ان لبنان قضية كل لبناني شريف وعريق الشموخ والشيم! انه وصية الشهداء بامتياز مفادها رفض كل طارق وطارق شرير! وكم نأبى ان يكون المسيحيون وحدهم في طليعة الرافضين وكأنهم رأس الحربة. إن هوية لبنان وقف على كل من يحملها، لذلك أدعو جميع الأطياف والشرائح اللبنانية للثورة والانتفاضة ضد التوطين والتجنيس وتحميل لبنان هذا العبء المقيت الثقيل.
على كل لبناني أن يحترم هويته وتاريخه وشهداءه وتراثه والانتماء، ان يشارك بالنضال عن إخلاص للخلاص من المتآمرين المجرمين.
ا.د. سيمون عساف