أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


زاسبيكين لـ«الأخبار»: صفقة القرن استسلام لإسرائيل .. الرهان على الخلافات الروسية- الإيرانية خاسر.. الجيش السوري سيستعيد الجنوب

فراس الشوفي-

يغيب السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبيكين عن لبنان حوالي شهرين، هي عطلته الصيفية. يرى زاسبكين أن الرهان على الخلافات الروسية- الإيرانية هي رهانات خاسرة، مؤكّداً أن الجيش السوري سيستعيد الجنوب.

 

ينتظر السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبيكين، وصوله صباح اليوم إلى موسكو لمشاهدة المباريات التي يخوضها فريق بلاده في كأس العالم لكرة القدم بفارغ الصبر. اليوم تبدأ العطلة الصيفية للدبلوماسي المخضرم، بعد عامٍ من العمل في لبنان والمنطقة. قلق زاسبيكين والدبلوماسية الروسية من التطوّرات المقبلة في المنطقة والعالم، لا تبددها متعة مشاهدة «المونديال» الذي تستضيف روسيا فعالياته لهذا العام.

 

على لسان السفير الكثير عن صراعات آتية، وأخرى مستمرة، لا سيّما في سوريا، تضفي على كلام الدبلوماسي بعض التشاؤم، لكن مع تأكيده عزم روسيا وحلفائها على المواجهة مع المحور الأميركي ــــ الغربي.

لا شكّ يسمع السفير الروسي الكثير عن رهانات حلفاء أميركا في المنطقة، على شقاق روسي ــــ إيراني على الأرض السورية. بالنسبة إليه، هذا «كلام للاستخدام الإعلامي ورهانات في غير محلّها». يقول زاسبيكين لـ«الأخبار» إن روسيا وإيران تربطهما مصالح جيوسياسية كبيرة جداً وتحالف عميق، ليس في سوريا فحسب بل في كل أوراسيا، عدا عن المصالح الاقتصادية المتشعبّة. أكثر من ذلك، يقول الدبلوماسي إن المعركة ضد الإرهاب لم تنتهِ في سوريا بعد: «صحيح أن داعش والنصرة والإرهابيين الآخرين تعرّضوا لهزائم كبيرة، لكن لا يزالون موجودين في مناطق برعاية أميركية، وبإمكانهم تهديد الاستقرار في سوريا وشنّ هجمات جديدة، والآن هناك معلومات جديدة عن أن الأميركيين أعادوا الدعم لبعض الجماعات الإرهابية، وكذلك لجماعة ما يسمّى بالخوذ البيضاء التابعين للنصرة».

لكن ثمة كلام صدر عن جهات رسمية روسية حول انسحاب القوات الإيرانية وقوات حزب الله من سوريا، ما ردّكم؟ يردّ زاسبيكين: «نعم، الموقف العام والوصول إلى التسوية النهائية في سوريا، يعني انسحاب جميع القوات الأجنبية، هذا موقفنا الكبير، لكن علينا أن نميّز، نحن نعتبر الوجود الأميركي والفرنسي بالدرجة الأولى احتلالاً، والوجود التركي هو خارج إرادة الحكومة السورية وهناك حوار مع الأتراك للانسحاب في المستقبل، أما إيران فوجودها شرعي بالتنسيق مع الحكومة السورية، وانسحابها كما قلت، سابق لأوانه طالما أن الحرب على الإرهاب لم تنتهِ. الأميركيون مستمرون بدعم الإرهابيين وبالاحتلال لذلك دعم حلفاء سوريا مستمر».

على اللبنانيين أن يطلبوا منا مساعدات عسكرية لا أن يكتفوا بالمساعدات الأميركية والغربية

الآن يحضّر الجيش السوري عمليّة عسكرية لاستعادة الجنوب السوري من الإرهابيين، هل تمّ التوصّل إلى تسوية في الجنوب وهل هناك ضمانات بعدم تدخّل إسرائيل لمصلحة الإرهابيين؟ يجيب السفير، إنه «عندما بدأ البحث في مناطق خفض التصعيد، جرى العمل مع كل الأطراف في الدول المحيطة لمكافحة الإرهاب وضمان مصالح الدول ومنع الخطر الإرهابي عنها، وإسرائيل تخاف من وجود حزب الله وإيران في الجنوب. نحن نقول إن الجيش السوري الآن بدعم من القوات الروسية يستعيد أرضه في الجنوب وإعادة بسط سلطة الدولة السورية، ولا مبرّر لإسرائيل للقيام بأي عمل من شأنه تعطيل مكافحة الإرهاب».

لكن إسرائيل تدعم الإرهابيين في الجنوب السوري، وهي التي تعتدي على القوات السورية. يردّ زاسبيكين: «نعم، إسرائيل تستغل وجود هؤلاء في حربها، لكن في النهاية سيتم ضرب الإرهابيين، ونحن لا نرى أن هناك حرباً ستحدث بين إيران أو حزب الله وإسرائيل، لأنه ليس من مصلحة أحد اندلاع حرب، هناك توازن ردع قائم».

أمر آخر تقوم به إسرائيل هو محاولة انتزاع الجولان المحتلّ من السيادة السورية والحصول على اعتراف أميركي بـ«السيادة» الإسرائيلية على الأرض المحتلة، ما رأيكم؟ بالنسبة للدبلوماسي الروسي، «روسيا تعمل وفق قرارات الأمم المتحدة وليس وفق الأهواء الأميركية والإسرائيلية. الجولان أرض سورية محتلة، ويجب أن تعاد إلى سوريا. إسرائيل الآن تعتبر أن هناك ضعفاً في سوريا بعد الحرب وفريق حاكم في أميركا يميل كثيراً إلى مصالحها، وتحاول استغلال هذا الأمر. لكن هذا يصعّب عمليّة السلام التي سنعود إليها في المستقبل في المنطقة وفق قرارات الأمم المتحدة. ولا يمكن أن تحدث ما دام هناك احتلال للجولان وللضفة وغزة ومن دون دولة فلسطينية على حدود الـ 1967 عاصمتها القدس الشرقية».

ما موقفكم من «صفقة القرن»؟ يجيب زاسبكين، «إسرائيل كما قلت تراهن على الضعف العربي، صفقة القرن هي استسلام وليس سلام، ونحن نعتقد بأن حسابات إسرائيل التي تصلح مع الدول العربية الأخرى لا تصلح في حالة سوريا ولبنان وفلسطين».

بالنسبة للسفير الروسي، فإن الصراع في سوريا إذا استمرت الولايات المتحدة بدعم الإرهابيين، سيستمر إلى وقت طويل. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، يعبّر السفير عن تشاؤم من النوايا الأميركية تجاه أوروبا: «للأسف، مصلحة الأوروبيين مع روسيا، لكن هناك دولاً لا تجرؤ على مواجهة أميركا. هم يريدون أن يمنعوا روسيا من أخذ مكانها في سوق الطاقة العالمية ويحاولون عرقلة خطوط الغاز والنفط، نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2، ولأجل ذلك قد تندلع مواجهات جديدة في العالم. يريدون أن يحرموا أوروبا من الطاقة وأن يأخذوا قدراتها المادية. الضغط سيزداد على الأوروبيين، ولكن للأسف كما قلت، هناك دول لا تريد المواجهة».

حسابات إسرائيل مع بعض الدول العربية لا تصلح في حالة سوريا ولبنان وفلسطين

يستاء السفير الروسي كثيراً من الحركة الدبلوماسية البريطانية والأميركية الهادفة إلى تغيير قواعد العمل في المنظمات الدولية. برأي موسكو أن «هناك محاولات للقضاء على المنظمات الدولية واستخدامها لمصلحة الأميركيين فقط، كما يحدث الآن في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. يريدون أن يجعلوا قرارات المنظمة خاضعة لموظفين بدل مجلس الأمن الدولي، والأسبوع المقبل سيشهد مناقشات داخل المنظمة لأجل هذا الأمر، والبريطانيون بالدرجة الأولى والأميركيون يقومون بحملة تسويق لفكرتهم تلك بين الدول الأعضاء، ومنهم لبنان، لذلك من المهم أن يبقى قرار المنظمة على مستوى دول ومجلس الأمن وليس على مستوى موظّفين. يجب أن تعلم الدول الأعضاء أن تحويل عمل المنظمة يضر بمصالحها ويجب التصويت ضد قرارات كهذه». ويعطي السفير مثالاً على ذلك، محاولات استغلال المنظمة لتلفيق تهم لسوريا وروسيا في مسألة الكيماوي في الغوطة وفي قضية العميل سكريبال، مؤكّداً أن روسيا وسوريا تخلّصت من أسلحتها الكيماوية ومع ذلك يحاولون الضغط، لكن «نحن نمنعهم من اتخاذ القرارات في مجلس الأمن ويجب أن يبقى الأمر كذلك».

ماذا عن لبنان؟ يتمنى زاسبيكين أن تتشكّل الحكومة في أسرع وقت، وأن يبدأ لبنان في شكل جدي البحث والتواصل مع الحكومة السورية لإعادة النازحين إلى بلادهم. يقيّم السفير لقاء الرئيس فلاديمير بوتين بالرئيس سعد الحريري بـ«الجيد»، مؤكّداً أنه من الضروري أن تعمل اللجان المشتركة اللبنانية ــــ الروسية على انتاج المشاريع وليس الاجتماعات فقط. وحول المساعدات العسكرية التي من الممكن أن تقدّمها روسيا للبنان، يؤكّد زاسبيكين أنه قريباً سيتسلّم لبنان بعض المساعدات العسكرية، و«نحن نساعد سوريا كثيراً ومن الممكن أن نساعد لبنان، لكن على اللبنانيين أن يطلبوا ذلك لا أن يكتفوا بالمساعدات الأميركية والغربية».

-الأخبار-