فيما تتصاعد الاعتداءات الاسرائيلية على مواقع سورية مختلفة، فإن لهجة التهديدات الاسرائيلية بالقيام بعملية عسكرية واسعة تصاعدت ايضا في ظل مطالب اسرائيلية اميركية بسحب مقاتلي حزب الله اللبناني والحرس الثوري الايراني من المنطقة الواقعة جنوب العاصمة السورية دمشق والذي تعتبره اسرائيل تهديدا لامنها. كذلك ترافق هذا التصعيد مع اعلان الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق النووي مع ايران واعادة فرضها عقوبات اقتصادية عليها.
هذا ينذر بتصعيد التوتر في منطقة الشرق الاوسط خصوصا بعد اعادة تشكيل فريق الحرب في الولايات المتحدة والذي كان اخر عضو فيه هو جون بولتون الذي كان من العنناصر الدافعة لغزو العراق في العام 2003 والذي يدفع باتجاه اعتماد سياسات تصعيدية في مواجهة خصوم الولايات المتحدة. وتقوم الاستراتيجية الاميركية الجديدة على تحييد الولايات المتحدة وضرب النفوذ الايراني في منطقة غرب الفرات وحصره في منطقة شرق الفرات. من هنا يمكن لنا ان نفهم التصريحات الاسرائيلية المطالبة بخروج القوات غير السورية من سورية وهو ما لاقى صدى في الولايات المتحدة.
ويهدف التصعيد العسكري المرتقب الى اعادة قلب الاوراق والتوازنات في سورية والتي اصبحت في غير صالح الولايات المتحدة بعد تحرير الجيش العربي السوري لمنطقة الغوطة الشرقيةومنطقة جنوب العاصمة السورية من جميع العناصر المسلحة المعارضة للحكومة ما أمن العاصمة السورية بشكل كامل ومكن الحكومة من احكام سيطرتها على معظم الاراضي السورية جنوب وغرب الفرات.
من هنا فان التصعيد المرتقب قد يأخذ شكل ضربات اميركية متفرقة توجه لقوات الجيش السوري كما حصل قبل اسابيع قليلة في منطقة دير الزور، كما أنه قد ياخذ شكل اعطاء الضوء الاخضر لاسرائيل للقيام بعملية عسكرية واسعة بعمق خمسين كيلومترا جنوب العاصمة دمشق اضافة الى اعتداءات ضد المقاومة في لبنان بهدف اضعاف حزب الله الذي اصبح يشكل بوابة لايران للدخول الى عدد كبيير من الساحات العربية.
وتحضيرا لهذا التصعيد سعت الولايات المتحدة الى الضغط على روسيا عبر افتعال الازمة الدبلوماسية بينها وبين بريطانيا والدول الاوروبية الاخرى بذريعة تسميم موسكو لعميل روسي مزدوج في بريطانيا، كما انها استهدف جنودا روس في سوريةما ادى الى سقوط عدد كبير منهم قتلى في المديان. وقد دفع هذا بموسكو الى التحسب للتصعيد المرتقب عبر اعلان وزير خارجيتها انه يجب انسحاب جميع العناصر غير السورية من منطقة جنوب دمشق ما ادى الى غضب المسؤولين الايرانيين ودفع بالرئيس السوري بشار الاسد الى زيارة روسيا ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، وقد تبع ذلك سلسلة زيارات من قبل مسؤولين روس الى سورية مع ابقاء موسكو على موقفها لجهة انسحاب عناصر حززب الله وايران من منطقة جنوب دمشق.
هذا دفع بالرئيس السوري الى الاعلان في مقابلة اجريت معه ان سورية تتحضر لتحرير منطقة شمال شرق الفرات من القوات المناهضة للحكومة بقيادة صالح مسلم ومن القوات الاميركية التي تمركزت في تلك المنطقة من دون وجه حق قائلا ان الاميركيين اتوا الى العراق من دون وجه حق وخرجوا وهم سيخرجون من سورية. وقد ردت وزارة الدفاع الاميركية بانها ستواجه هذه التصريحات للرئيس السوري باللجوء الى القوة.
اذن تتجه المنطقة الى تصعيد ميداني يهدف الى عزل حزب الله وايران عن الميدان السوري تحضيرا لمباحثات الحل السياسي للازمة السورية. وتسعى الولايات المتحدة من ذلك الى اقامة وضع في سورية مناسب لها ولاسرائيل. فهل تنجح في هدفها، ام ينجح الحلف الايراني السوري الذي اقيم في العام 1980 في افشال المخططات الاميركية كما سبق وفعل في العام 2006 وقبله في العام 2000 والعام 1996 والعام 1993؟
-أخبار 961-