حسين مرتضى-العالم-
تعود العشائر السورية اليوم إلى المشهد السياسي من اوسع ابوابه، انها بوابة مقاومة الوجود الاميركي والتركي والفرنسي وحتى ان كان سعوديا في الاراضي السورية.
مقاومة اطلقتها اكثر 70 عشيرة وقبيلة سورية من الطوائف المختلفة وبحضور العديد من الشخصيات الرسمية والشعبية.
جاء ذلك في البيان الختامي لفعاليات المؤتمر الشعبي الجماهيري الذي أقيم تحت عنوان “العشائر السورية ضد التدخل الأجنبي والأميركي في الداخل السوري”.
وقال البيان الختامي، أن العشائر “ترفض وجود او دخول قوات عسكرية من اي دولة دون موافقة الحكومة السورية والتنسيق معها، وسنعتبرها قوات معادية وسنتصدى لها”.
وأكد على تمسك العشائر بوحدة الاراضي السورية، مشيراً إلى أن “بشار الاسد هو الرئيس الشرعي لسوريا، وذلك يتغيّر فقط عبر صناديق الاقتراع”، وأن الشعب السوري وحده مخوّل عن صياغة دستور بلاده.
يأتي هذا المؤتمر في ظل الحراك السياسي والعسكري الراهن، انطلاقاً من أن البنية العشائرية هي بنية تنظيمية وسياسية في آن واحد، مع العلم ان الحرب التي دارت رحاها في سورية بيّنت ضياعاً وتشتتاً في صفوف أبناء القبائل والعشائر بالذات في الشمال والشمال الشرقي السوري، هذه القبائل العربية في سورية تشكل ثقلاً بشرياً، وعلى مستوى الجغرافية التي ينتشرون فيها، ما دفع العديد من ابنائها الانخراط الى جانب الدولة السورية في حربها ضد الارهاب، ولعب معظم زعماء العشائر المعروفة بولائها للدولة دوراً إيجابياً منذ بداية الأزمة، وجاء امس القرار النابع من الايمان بوحدة سورية، ورفض اي وجود اجنبي غير شرعي على اراضي البلاد، انطلاقاً من الواجب الانساني والوطني والاخلاقي، والذي يحرم بقانون العشائر الركون لاي محتل، والتاريخ يشهد على ما قدموه في مواجهة الاحتلال الفرنسي وما قبله.
اما من الناحية الاستراتيجية، فإن البادية ومناطق انتشار العشائر تشكل خزاناً بشرياً واقتصاديا هاماً، حيث تنتشر العشائر السورية في مناطق الجزيرة السورية والبادية، وتشكل ما يمكن تسميته بالحصن الجغرافي، انطلاقاً من الجنوب في درعا والسويداء، مروراً بالوسط حيث ريف حماة وحمص وحلب والرقة، وصولاً إلى الجزيرة العليا التي تتكون من محافظتي دير الزور والحسكة.
وهذا ما يشكل جدارا امنا وحماية لوسط سورية حتى الحدود العراقية، ومنطلقاً لعمل المقاومة ضد الاحتلال الاميركي والفرنسي والتركي لمناطق في سورية، بما يمثله من عمق جغرافية يساعد على عمليات التأمين والمناورة واتساع مساحة الحركة العسكرية، ويهدد بشكل واضح التواجد الاميركي الذي يمتد من حدود العراق حتى حدود تركيا، في مقطع عرضي للخريطة السورية، ويؤسس لحرب استنزاف طويلة الامد مع المحتل، كون اصحاب الارض اعرف بها منه، ولديهم القدرة والحماسة لانهاء تواجد اي قوات احتلال، كما واجهوا الارهاب بمختلف تسمياته والوانه.
العشائر العربية في سورية هي بمثابة خيمة كبيرة، استطاعت بعد جهد من زعمائها ان تحتضن جميع مكونات هذه الشريحة الهامة من السوريين، بعد محاولات عديدة لتوحيد جهود القبائل عبر مبادرات انطلقت لتنظيم القبائل، بدأتها قبيلة طي، بالإعلان عن تشكيل مجلس قبيلة، عمله الأساسي توطيد العلاقات مع كل أبناء المجتمع، ودعم انضمام أبنائهم الى صفوف الجيش والقوات الرديفة.
وأتت بعده محاولة قبيلة الجبور إحدى أكبر القبائل في الجزيرة السورية لملمة العشيرة، وتأسيس مجلس لها، إلا في محاولة يمكن تسميتها “لم شمل العشائر”، كون المرحلة حساسة وتحتاج الى تكاتف جهود الجميع للحفاظ على وحدة البلاد، وجاء توحيد هذه القبائل ضمن صندوق المقاومة، مقاومة الاحتلال الاميركي والفرنسي والتركي، ما يعني ان مرحلة الحراك السياسي السلمي في وجه هذه الاحتلال قد انتهت، وبدأت مرحلة المقاومة الشعبية التي ستستنزف هذا التواجد.