هم الذين يخرجون عن عهودهم ويتراجعون عن اتفاقاتهم ويطعنون الحليف قبل الخصم
***
غداة بدء رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مهمة تشكيل الحكومة واستماعه أمس في الاستشارات النيابية غير الملزمة الى مطالب الافرقاء كافة، ومع العلم ان من حق كل فريق المطالبة بتمثيل حكومي يساوي حجمه النيابي، على ان لا تخرج هذه المطالب عن اعراف التشكيل، يرفع حزب القوات اللبنانية السقف، ليكمل منطقه الغريب بأنه يساوي بحجمه النيابي حجم التيار الوطني الحر، ويتحفنا بحسابات عجيبة ان 15 نائبا يساوي 29 نائبا ولذلك على الحكومة ان تضم وزراء للقوات يساوي عدد وزراء التيار، لا بل يذهبون بعيدا بسخافاتهم هذه ليطالبوا بنزع ما تبقى من قوة لدى رئيس الجمهورية بعد الطائف، وهي الحصة الوزارية فينكرونها على الرئيس القوي ويوافقون عليها مع الرؤساء السابقين الذين لا قوة تمثيلية لهم، فيستكملون بذلك ضربهم صلاحيات الرئيس بعدما وافقوا على اتفاق الطائف الذي نزع معظم صلاحياته.
إنه المنطق بالمقلوب لدى القوات، ولكن لا نستغربه، فهم الذين يخرجون عن عهودهم ويتراجعون عن اتفاقاتهم ويطعنون الحليف قبل الخصم، وهذا ما فعلوه مع التيار الوطني الحر في الحكومة السابقة بعد انقلابهم على ورقة النوايا، فشن وزراؤهم حملات تجني واتهامات بالفساد على وزراء التيار الوطني الحر وحاولوا عرقلة عمل وزراء التيار، مع التذكير ان لم يكن مضى على ابرام ورقة النوايا بين الفريقين إلا أشهر عدة، ليطعنوا بعدها بالظهر حليفهم المفترض سعد الحريري حين كان محجوزا في السعودية فحرضوا السعوديين عليه وضغطوا لإبقائه محجوزا اكبر فترة ممكنة، ليتسنى لهم فرض رئيس حكومة آخر مكانه، وهنا يكون مشروعهم منسجما مع المشروع السعودي لا بل هم أداة في هذا المشروع السعودي الاصل وقد بات واضحا ارتهان القوات للخارج.
اما ما يحصل اليوم في مطالبهم الحكومية فحدث ولا حرج، ومع انهم لا يتقنون اللطم وفاشلون في تقليد الرادود الحسيني، إلا انهم ينوحون على حق ليس ملكهم، وللتذكير ان الذي اعطى القوات في السابق 3 وزراء ونائب رئيس حكومة، مع ان حزب القوات كان لديه 8 نواب، ما يعني ان العهد اعطاهم اكثر مما يحق لهم، فاعتبروه حقا مكتسباً وباتوا يطالبون بزيادة هذه الحصة في الحكومة العتيدة مع ارتفاع عدد نوابهم، في حين ان الذي اوصل القوات الى هذا التمثيل في البرلمان 2018 هو قانون النسبية لجبران باسيل، أما الاهم والذي لا يجب ان ينسوه القواتيون، أن من نظّف ماضي القوات الاجرامي بورقة النوايا هو التيار الوطني الحر برئاسة العماد ميشال عون، فاوقفوا إذاً معزوفة العزل، وكونوا من الشاكرين.