أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


ماذا بعد تأمين دمشق؟

حسان الحسن-

لاريب أن نجاح الجيش السوري وحلفاؤه في تأمين العاصمة دمشق ومحيطها وريفها بالكامل، وتطهيرها من الإرهاب، سيكون له تأثير مهم من الناحيتين العسكرية والمعنوية على مجريات الواقعين الميداني والسياسي في سورية .

من هنا، فان الأنظار ستكون الان مشدودة إلى تحركات القوات السورية في مرحلة ما بعد تطهير العاصمة و ريفها، وسط تساؤلات عن وجهة التحرك المقبلة لهذه القوات، في ضوء تأكيد القيادة على الإستمرار في عمليات مكافحة الإرهاب حتى إجتثاثه عن الأراضي السورية بالكامل، بالتوازي مع المضي في العملية التفاوضية الآيلة الى حل الأزمة الراهنة، من خلال التمسك بالحل السياسي، فهذان المساران لا يتعارضان، ولا يمكن الحديث عن حلٍ سياسي حقيقي في وجود الإرهابيين أو في كنفهم .

عسكرياً من المؤكد أن تأمين العاصمة، سيقضي نهائياً على الهدف الذي أوكل تحقيقه الى مختلف المجموعات المسلحة المجهزة بكافة انواع الامكانيات العسكرية واللوجستية، والتي انتشرت في الجنوب السوري، وهي عبارة عن خليط مسلح من “الجيش الحر، جبهة النصرة، داعش” وسواهم ، وهذا الهدف كان يتلخص بالسيطرة على العاصمة دمشق كهدف اساسي لهؤلاء المجموعات الارهابية، بالاضافة للعديد من الاهداف الثانوية الاخرى ومنها : قطع طريق “الشام- درعا”، التقدم نحو نقاط الجيش في المناطق المطهرة من الإرهاب في القنيطرة او في درعا ، او محاولة التقدم على طريق العاصمة باتجاه الكسوة ، ومحاولة ربط مواقع تمركزها جنوبا مع اماكن سيطرة الارهاببين السابقة في ارياف العاصمة دمشق .

وهكذا، يمكن القول حاليا بعد تحرير كامل الوسط في محيط العاصمة، ان تلك المحاولات الارهابية قد انتهت الان، والتي كانت بدأت منذ الشهر السادس في العام 2015، يوم أطلق المسلحون ما يعرف “بعاصفة الجنوب” في آخر المحاولة منهم ومن رعاتهم، لمحاصرة العاصمة، وفشلوا في ذلك، بعدما تمكنت القوات السورية من شلّ حركتهم، وقدرتهم على المبادرة، فباتوا بلا وظائف عسكرية – إستراتيجية .

من ناحية اخرى ، تتوقع مصادر ميادنية متابعة أن تكون وجهة الجيش العربي السوري المقبلة، نحو الجنوب، تحديداً في اتجاه درعا وبعض نواحيها الجنوبية الغربية حيث ينتشر مسلحو “داعش”، بالإضافة الى إكمال تطهير ما تبقى من البادية السورية من البؤر الإرهابية .

وعن توقيت بدء العمليات العسكرية المرتقبة، تشير المصادر الى أن هذا الأمر تحدده القيادة العسكرية، وذلك بعد الإنتهاء من مرحلة الإعداد للهجوم المتوقع، الذي قد يدفع المسلحين الى التفاوض على إنهاء وجودهم غير الشرعي في المناطق المذكورة، خصوصاً في درعا، مستبعدة أن يعاد “السيناريو” عينه الذي اعتمد مع نظرائهم في الغوطة الشرقية وسواها، أي الخروج نحو الشمال، ما خلا بعض المنتمين الى تنظيم “الأخوان المسلمين” و”النصرة”، الذين قد يغادرون الى إعزاز أو الى تركيا.

أما في شأن باقي الفصائل، فقد يدخلون في التفاوض لتسوية أوضاعهم بعد تسليم أسلحتهم، مقارنة مع اغلب العمليات المماثلة التي نفذها ورعاها الجيش العربي السوري مؤخرا ، فلا علاقة تربطهم بمسلحي الشمال، ودائما بحسب المصادر .

أماّ عن إمكانية تدخل الإردن وتقديم المساندة والدعم لمسلحي درعا، فتلفت مصادر عليمة الى أن هؤلاء المسلحين بالمبدأ ، لايزالون يتلقون دعما من السلطات الأردنية ، ولكن هذا الدعم هو بحدوده الدنيا ، على حد قولها، ولا تستبعد هذه المصادر أن يؤدي تقدم القوات السورية نحو درعا والبادية الى تأزيم العلاقات أكثر فأكثر مع عمان، كذلك الى إخراج الولايات المتحدة لمسرحية “كيماوي” جديدة في الجنوب السوري، والأمر مرهون بالتطورات، تختم المصادر .

سياسياً يؤكد مصدر معارض أن الروس يدفعون العملية السياسية قدماً في ضوء تحقيق الإنجازات المذكورة آنفا، ولكن لا يمكن ترجمة هذا الحراك الروسي، إلا من خلال جولات التفاوض، حيث تتوضح حينها الصورة، وما إذا كان لتأمين دمشق تأثير مباشر على مجريات العملية المذكورة، من خلال قوة حضور وفد السلطة في المفاوضات، وتمسّكه بشروطه، فبحسب المصادر ، لن تظهر تأثيرات العمليات العسكرية على الواقع السياسي، لان الدولة السورية قد اتخذت قرارا استراتيجيا يتعلق بالسير بالتسوية السياسية وبالتفاوض الصادق والواضح حتى تحقيق الحل السلمي من جهة، ومن جهة اخرى حتى إنتهاء الازمة الداخلية وعودة التوازن الى كامل الجغرافيا السورية .

المرده-