– كلمة في النظام: ( أمين أبوراشد )
***
أولاً: الكُتل النيابية الوازنة على مستوى لبنان التي زكَّت دولة الرئيس إيلي الفرزلي لنيابة رئاسة المجلس النيابي، عَكَست حجم هامته الفكرية والتشريعية والسياسية، والكتلة التي شاءت مواجهته ديموقراطياً عبر النائب المُنتخب أنيس نصار- مع حفظ الإحترام لشخصه – تُدرِك أن أي نائب حزبي لا يمكنه مواجهة قامة عابرة للقلوب والطوائف والمناطق على امتداد وطن، بمستوى إيلي الفرزلي.
ثانياً: هو نفسه هذا الفريق السياسي الذي أسقط أحلام المسيحيين بقانون ميثاقي من صياغة إيلي الفرزلي، والذي سُمِّي بالقانون الأرثوذكسي، قد هزمه إيلي الفرزلي عبر نضالاته لسنوات، لأن “قانونه” هو الذي أسَّس للقانون النسبي الحالي الذي رفع نسبة تمثيل النواب المسيحيين المُنتخبين من قواعدهم من 34 الى نحو 52 نائباً من أصل 64.
ثالثاً: تحلو لنا عبارة “إغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ما يفعلون”، لأن الرؤية المشرقية التي يمتلكها إيلي الفرزلي للدور المسيحي في الشرق عامة ولبنان خاصة، لا يمتلكها الكثيرون من دُعاة التمثيل المسيحي، فكيف لنا أن نشرح لهم أن انتخاب إيلي الفرزلي نائباً لرئيس مجلس النواب هو أعظم إنتصار ميثاقي في تاريخ لبنان المعاصِر؟ واسمعونا يا سامعين الصوت:
مركز نائب رئيس المجلس النيابي، كما نائب رئيس الحكومة، من حصة الطائفة الأرثوذكسية الكريمة، وهو منصب شرف رمزي، ولا دور لمن يشغل أحد المنصِبين بوجود رئيس المجلس ورئيس الحكومة، ولا أحد ملأ هذا الكرسي ورفع من قدر هذا المنصب سوى شخص إيلي الفرزلي الذي يوم كان نائباً لدولة الرئيس بري، كان يُمارس معظم الصلاحيات التنفيذية لرئيس السلطة التشريعية، نتيجة الثقة الكبيرة التي يُوليها الرئيس “المُشرِّع نبيه بري” لـنائب الرئيس “المُشرِّع إيلي الفرزلي”، خاصة في مهام رئاسة اللجان النيابية ودراسة واعتماد التشريعات.
وعندما يكون الرئيس نبيه بري أول المُبادرين الى دعم انتخاب الرئيس الفرزلي ليكون من جديد نائباً له، فإن نبيه بري قام بخطوة ميثاقية لم يسبقه إليها أحد: انتخاب أرثوذكسي ينوب عن رئيس مجلس النواب الشيعي بصلاحيات واسعة، سواء كان الرئيس حاضراً أو غائباً، وما على مَن لديهم الرغبة بتزكية “صَنَم” في نيابة رئاسة المجلس النيابي أو الحكومة سوى البحث عن غير المُشرِّع الحكيم والمُناضل العنيد والميثاقي الرفيع إيلي الفرزلي.
ختاماً، مع الهفوة الميثاقية التي ارتكبها تكتُّل “لبنان القوي” باعتماد ثأر “واحدة بواحدة” بعدم تسمية الرئيس بري لرئاسة المجلس، هي طعنة للتسوية الرئاسية التي ناضل من أجلها “الشقيق الشيعي” ممثلاً بسيِّد المقاومة مدة عامين ونصف لوصول فخامة الرئيس عون الى بعبدا، وكان من الأفضل للتيار الوطني الحر طيّ صفحة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية طالما أن الرئيس بري أعلن استعداده الكامل للتعاون المؤسساتي الكامل مع العهد، وكان فعلاً على عهده ووعده منذ ما بعد جلسة الإنتخاب وحتى تاريخه.
وإذا كان البعض في التيار الوطني الحر قد انزلق الى كبوة ميثاقية وأعلن التصويت بورقة بيضاء، وتُرِكَت الحرية لمن يرغب انتخاب الرئيس بري – ودولة الرئيس الفرزلي طليعتهم – فإن الرئيس بري لم يشأ أن يواجه “واحدة بواحدة” عبر دعم أي أرثوذكسي “صَنَم” ليكون نائباً له، بل سمَّى أقوى وأجرأ وأفعل، وأنبل وطني أرثوذكسي عرفه تاريخ السياسة اللبنانية ليكون شريكاً حقيقياً في رئاسة السلطة التشريعية، واستعادت الميثاقية اللبنانية وَهجَها، والمسيحيون من حقِّهم الشموخ بكل من يعترف بميثاقية حقوقهم التي نالوها بدعمٍ من الشريك الشقيق في المواطنة، وبفضل قامة وطنية تشريعية مسيحية أرثوذكسية عابرة للقلوب والعقول والضمائر إسمها إيلي الفرزلي، ومبروك لدولته التربُّع على عرش “الرئاسة الرابعة”…