لن يقول أحد من التيار الوطني الحر ذلك لكن فليعلم الجمهور ذلك: لم يلحق أحداً هزيمة بالتيار أكثر من تلك التي ألحقها حزب هاكوب بقرادونيان به. أسقط الحزب بشكل كامل مقولة التزامه بتحالفاته وفعل أكثر بكثير من مجرد طعنة في الظهر لحليفه العوني. ولنبدأ من المتن حيث بلغ الحاصل الانتخابيّ 11300 صوت فقط، فيما كان يقدر أن يكون 13000 صوتاً. لماذا انخفض الحاصل؟ فلنذهب إلى ما ناله النائب هاكوب بقرادونيان: 7179 صوتاً تفضيلياً فقط. دعكم الآن من الأصوات التفضيلية الأرمنية التي جيرت للنائب ميشال المر، في خيانة واضحة يمكن بقرادونيان القول إنه لا يتحمل مسؤوليتها. ما يتحمل بقردونيان مسؤوليته هو أنه كان يفترض به تأمين ما لا يقل عن 11 ألف صوت للائحة المتن القوي وإذا به يؤمن 7000 فقط. من لا يفهمون القانون يمرون على هذه الواقعة مرور الكرام لكن عملياً كان هذا أحد الأسباب الرئيسية في انخفاض الحاصل الانتخابي، وانخفاض الحاصل سمح للقوات بأن تؤمن الحاصل وتفوز بمقعد كما سمح للكتائب بتأمين حاصلين بدل الحاصل الواحد.
ولا تقف الأمور هنا لقد جمع بقرادونيان 7179 صوتاً فيما كان الحاصل النهائي اللازم للفوز بمقعد 10671 صوتاً، أي أنه فاز بمقعده بفضل الصوت العونيّ.
وهنا كان يمكن القول إنه مجرد خطأ تكتيكيّ لكن تكرار الأمر نفسه في الأشرفية يؤكد أن ما حصل إنما حصل عن سابق تصور وتصميم. هل هناك من غمز الحزب لمنع التيار من تحقيق انتصارين استثنائيين في الأشرفية والمتن؟ لا أحد يعلم، لكن ما حصل يثير شكوكاً كثيرة.
ففي دائرة بيروت الأولى كان يفترض بالطشناق وفق التعهدات عشية الانتخابات أن يؤمن للائحة ما لا يقل عن عشرة آلاف صوت، لكنه أمن6544 صوتاً فقط لمرشحيه الثلاثة. وهذا كان أكثر من كارثي، فهو أدى إلى:
أولاً، خفض الحاصل الانتخابيّ على نحو مكن المجتمع المدني من الفوز بمقعد ولائحة الصحناوي والقوات والكتائب وفرعون من الفوز بثلاثة مقاعد بدل مقعدين فقط،
ولم تنتهي الكارثة التي ألحقها الطشناق بالعونيين هنا إنما فاز الطشناق بمقعدين بحكم القانون الانتخابي بدل الفوز بمقعد واحد بحكم الأرقام والمنطق: لقد أمن التيار الوطني الحر والأشقر 9940 صوتاً للائحة وفازوا بمقعدين، فيما أمن الطشناق 6544 صوتاً للائحة وفاز بمقعدين أيضاً.
وفي زحلة تكررت المهزلة؛ كان يفترض بالطشناق أن يحترم تحالفه السياسي على امتداد الوطن مع التيار الوطني الحر وتيار المستقبل إلا أن وجهة التصويت الأرمنية في زحلة تبين أنهم أعطوا لائحة الكتلة الشعبية لا اللائحة العونية فنال المرشح الأرمنيّ على لائحة سكاف 1845 صوتاً. لماذا فعل الطشناق هذا كله رغم الحرص العوني الدائم في الاستحقاقات الكبرى على احترام حقوق الطشناق؟ لا أحد يعلم. الأكيد أن أسطورة الالتزام الطشناقي والقوة واحترام التعهدات وغيره وغيره ولت إلى غير رجعة. كرر الطشناقيون ما فعلوه في الانتخابات البلدية حين خيبت أصواتهم كل الآمال العونية بزعزعة رؤساء بلديات المر في أكثر من بلدة، وأظهرت الصناديق أخيراً أن قدرة هذا الحزب على “التنخيب” تراجعت من 55 و60 بالمئة إلى 25 و30 بالمئة وسط الناخبين الأرمن.