– لينتخب اللبنانيون من يشاؤون ولكن.. (أمين أبوراشد)
***
تتبدَّل النتائج على مدار الساعة وفق مؤشرات مواقع التصويت الإلكتروني، لكن الثابت أن معظم المعاقل الإقطاعية العائلية، والإقطاعية السياسية تحت ستار حزب، قد انهارت أسوار مناعتها أمام الخروقات المتوقَّعة، نتيجة قدرة الخارقين على الفوز بالحاصل الإنتخابي، وبالتالي الفوز بالمقعد النيابي، حتى ولو جاءت نتائج الفرز كما كانت في العام 2009.
قبل الدخول في مناطق الإقطاع العائلي والسياسي، نبدأ من دائرة الشمال الأولى (عكار)، حيث انهار حلم “دولة الخلافة” المزعومة، بعزوف الإسلامي المتطرِّف معين المرعبي عن الترشُّح، وانسحاب “الخليفة خالد الضاهر” من السباق، ويبقى الإسلامي بربطة عنق أشرف ريفي في طرابلس، الذي قد يضمن الخرق لنفسه، لكن حدوده تبقى في زواريب طرابلس.
ومع انتفاء وجود الإقطاع العائلي والحزبي في دائرة الشمال الثانية ( طرابلس) باستثناء آل كرامي، فإن بداية الإنهيار النسبي للمعاقل العائلية تحت ستار حزبي، هي في دائرة الشمال الثالثة ( زغرتا بشري الكورة البترون) وتحديداً إقطاع آل فرنجية في زغرتا حيث المسمار الأوجع لهم عبر الفوز المؤكد لميشال معوض، ولن يكون لطوني فرنجية ووالده “سليمان الزغير” الحق بعد 6 أيار الإدعاء باحتكار تمثيل زغرتا، والإنهيار العائلي / الحزبي الثاني في هذه الدائرة هو في بشري مع تقدُّم مرشَّحَين مُنافِسين للنائب ستريدا طوق جعجع، هما إبن عمها ملحم جبران طوق وسعيد طوق، مما يؤكد أيضاً، أن بشري ستكون على الأقل مناصفة بين القوات والمعارضين لهم، لأن فوز أيٍّ من المنافِسَين سوف يكسر آحادية التفرُّد بالمدينة، وبالتالي في القضاء، وتتقاسم القوات الفوز وزعامة بشري عبر ستريدا، مع خصم لدود من عائلتها، وإقطاع يتضارب مع إقطاع.
وإذا كانت باقي أقضية دائرة الشمال الثالثة خالية نسبياً من التقليديين المُلتصقين على الكراسي، فهي ساحة صراعات حزبية، سواء في الكورة أو البترون، وبالإنتقال الى دائرة جبل لبنان الأولى، جبيل كسروان فإن الصراع هو بين إقطاعيي العائلات أنفسهم زوين والخازن ضد افرام والبون، ولو أن تشكيل اللوائح مزج بين العائلي والحزبي وأبرز وجود حزبي هو للتيار الوطني الحر في تحالفه مع افرام والبون، مما أثار حفيظة “شيخ المشايخ” فريد هيكل الخازن وضاعف من إفرازات سموم حقده، لأنه وحده “قلب كسروان”، وأي آخر هو “غرِيب”.
وبالإنتقال الى دائرة جبل لبنان الثانية (المتن) يبرز أفول نجم النائب ميشال المر، الذي بالكاد شكَّل لائحة مبتورة وبالكاد يستطيع الخرق، كذلك الحال بالنسبة لآل الجميل، حيث “يُناضل” النائب سامي الجميل ضد الفساد، ويُحاضر بالعِفَّة من مطامر النفايات حالماً بالخرق مع بداية انقراض إقطاع آل الجميل.
وبالصعود الى الشوف، ودمج القضاء مع عاليه ضمن دائرة جبل لبنان الرابعة، انتهى مسلسل تبويس اللحى بين “المير طلال” و “وليد بك” والمعركة “قايمة قيامتها” بين إقطاع إرسلاني وآخر جنبلاطي، لكن الخطر القادم على عرين زعيم المختارة / “شيخ الجبل”، فهو من الخرق المتوقَّع لوئام وهاب، ولا آحادية بعد اليوم في أعرق إقطاعية عائلية سياسية تحت ستار حزبي في تاريخ لبنان.
نمر مرور الكرام على بيروت الثانية، حيث إقطاعية المال الحريريّ، والخرق الذي سوف يُشكّله الثنائي الشيعي وفؤاد مخزومي في المعقل الأساسي للإقطاع الحديث، ومن بيروت الى دائرة الجنوب الأولى حيث تواجه “العمَّة بهية” أشرس مُنافِسَين، عبد الرحمن البزري وأسامة سعد، ولعل النكسات التي ستلحق بالرئيس الحريري في عكار وطرابلس أخفّ وجعاً عليه من بيروت الثانية وصيدا.
نُقفِل عائدين الى زحلة حيث دائرة البقاع الأولى، لنتوقَّف عند وريثة الإقطاع ميريام سكاف التي “تكثلكت” خلال يومين ليبقى بيت المرحوم إيلي سكاف مفتوحاً، وكل برنامجها الإنتخابي تختصره بعبارة “بيتنا مفتوح”، وكأن الناس بلا بيوت على قارعة الطريق وينتظرون رأفة ورحمة الست ميريام ونجليها اليافِعَين، الذين أعطتهما الكلمة في بداية مهرجان إعلان اللائحة، لترسيخ سلطة الإقطاع لدى الناخبين من هواة “الزحفطة” على ادراج قصور الإقطاع، والذين سيموتون جوعاً إذا لم يُفتح لهم “بيت سكاف” !!!
ما يعلمه أي ناخبٍ عادي، أن بعض الرموز الإقطاعية التي ذكرنا، هي وريثة أراضٍ وأموالٍ حرام، والسلطة على خلق الله جزءٌ من الإرث الذي جعل هذه الرموز وصيَّة على مُقدَّرات “الفلاحين” تحت مسمى بيوتات سياسية، وهي الوصيَّة على لقمتهم وعلى كرامتهم وعلى مستقبل أولادهم، ولذلك،
لينتخب اللبنانيون من يشاؤون ولكن، إذا لم يستثمروا عقولهم وذاكرتهم وعذاباتهم عبر صناديق الإقتراع، ودقَّوا أصواتهم كما المسامير في نعوش كل الإقطاعيين، فعلى لبنان السلام…