أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


اعتداء الـ«تي فور»: من يرسم المعادلة الأخيرة؟

بدت الساعات التي تلت الهجوم الكيميائي المفترض على مدينة دوما، وكأنها الفصل المؤجّل و«المنتظر» من مسلسل الوعيد الأميركي ــ الأوروبي (وخاصة الفرنسي) المشترك، ضد الحكومة السورية، بتنفيذ ضربة عسكرية رداً على أي هجوم «مثبت». التهديد الذي امتد لأشهر طويلة، وترافق بتصعيد غربي غير مسبوق ضد روسيا، بلغ ذروة جديدة أمس، مع انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن على وقع دراسة البيت الأبيض لاحتمالات التحرك ضد دمشق. هذه الأجواء أتت عقب اعتداء إسرائيلي على قاعدة «T4» الجوية في ريف حمص، فجر أمس، عبر استهدافها بصواريخ من الأجواء اللبنانية، ما أوقع شهداء وإصابات في صفوف «الحرس الثوري» الإيراني والجيش السوري.

وبعدما احتل هذا الاعتداء صدارة التغطية الإعلامية بعد نفي أميركا وفرنسا لمسؤولية أيٍّ منهما عنه، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليلوّح بقرار سريع حول إمكانية «الرد على الهجوم البشع بالأسلحة الكيميائية». وقال خلال اجتماع مع حكومته أمس، إن التقييمات الاستخبارية جارية، وستتخذ إدارته «بعض القرارات الكبرى» بشأن سوريا خلال الـ24 أو الـ48 ساعة المقبلة. وعندما سئل عن عمل عسكري محتمل، قال: «لا شيء مستثنىً»، مبرراً ذلك بأن «هذا يتعلق بالإنسانية، ولا يمكن السماح بحدوثه… إذا كان الروس (مسؤولين عن الهجوم)، أو كانت سوريا، أو إيران، أو كانوا كلّهم معاً، فسنتحقق من ذلك». اللهجة العالية التي استخدمها ترامب ضد دمشق وموسكو وطهران، أتت في موازاة عقده اجتماعين مع كبار مساعدي الأمن القومي، أمس، إلى جانب اجتماع ــ كان مقرراً عقده سابقاً ــ مع القادة العسكريين الأميركيين حول العالم.

 

الكباش المتجدد حول هذه القضية حضر أمس في مجلس الأمن، إذ حذّرت روسيا من «تداعيات خطرة» في حال تعرُّض سوريا لضربة عسكرية. ودعا مندوبها لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، الدول الغربية إلى «التخلي عن خطاب الحرب»، مؤكداً أنه ما من أدلة على وقوع هجوم كيميائي في دوما. ولفت إلى أنه «حتى إبان الحرب الباردة لم نرَ هذه اللهجة من سبّنا واتهامنا» من قبل الدول الغربية، مضيفاً أن ما يجري في الملف السوري هو جزء من تصعيد تلك الدول ضد بلاده. وقال إن عسكريين مختصين روساً زاروا موقع الهجوم المفترض و«أخذوا عينات من التربة، ولم يجدوا أي إثبات على استخدام السارين أو أيٍّ من غازات الأعصاب». المندوب الروسي أعلن دعم بلاده للمشروع الذي طرحته السويد، والذي يقضي بإنشاء لجنة تحقيق مهمتها الكشف عن ملابسات الهجوم المفترض.

 

وجاء ذلك في وجه مقترح أميركي يتشابه في الطرح مع إضافة بنود تتعلق باتخاذ إجراءات بناء على نتائج التحقيق، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وأكد نيبينزيا أن دمشق وبلاده تضمنان وصول فريق التحقيق إلى مدينة دوما، للتحقق من الدلائل، مذكراً بتحذيرات بلاده من احتمال تنفيذ المسلحين لاستفزازات مفتعلة مماثلة. أما المندوبة الأميركية نيكي هيلي، فقد استهلّت حديثها بهجوم حاد تجاه روسيا، محمّلة إياها مسؤولية ما جرى من «انتهاكات» خلال العام الماضي، لكونها «أخذت أرواح الضحايا كرهينة وأضعفت صدقية الأمم المتحدة». وطالبت بتأسيس «آلية مستقلة ومحايدة للتحقيق الهجمات الكيميائية»، مهددة بأن «روسيا لن يمكنها عرقلتنا. وهناك اجتماعات تجري وقرارات ستتخذ… والولايات المتحدة ستردّ».

وجاء التصعيد الأميركي ضمن إطار حشد دولي واسع، مع دعوة كل من ساحل العاج وفرنسا والكويت وهولندا وبيرو وبولندا والسويد والمملكة المتحدة، إلى جانب الولايات المتحدة، لعقد الاجتماع الطارئ في مجلس الأمن. وتضمن ذلك تصريحات أوروبية تدين موسكو وتحملها مسؤولية الهجوم المفترض. بدوره، قال الكرملين إن الرئيس فلاديمير بوتين حذّر خلال محادثة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، من «الاستفزازات والتكهنات».

 

وأوضح المتحدث باسمه، ديميتري بيسكوف، في وقت سابق، أنه سيكون من غير المسؤول استخلاص أي استنتاجات قبل إجراء تحقيق. أما «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» فقد أعلنت أنها فتحت تحقيقاً وتراقب الحادثة عن كثب، وأجرت تحليلاً أولياً لتقارير الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية. وقالت إن «بعثة تقصي حقائق» تجمع حالياً مزيداً من المعلومات من جميع المصادر المتاحة لتحديد ما إذا كانت الأسلحة الكيميائية قد استخدمت.

 

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الهجوم الكيميائي المفترض يهدف إلى القيام بحملة شاملة ضد الحكومة السورية و«يستهدف موسكو وإيران». وجاء ذلك بعدما حمّل وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس، روسيا، مسؤولية الهجوم وذلك لـ«فشلها في القيام بواجباتها المتعلقة بالتأكد من أن سوريا تخلت عن قدراتها الكيميائية».

-الأخبار-