عَ مدار الساعة


شيخ الإقطاع في كسروان للتيار: “غرِيب ومِنتاكُل هبرة”؟!

– تمشيُخ فارغ” على الناس، وسارق الكهرباء، و”شافط” المرامل.. (أمين أبوراشد)

***

نحن لسنا في موضوع الهجوم الحاقد للمُرشَّح “الشيخ” فريد هيكل الخازن على التيار الوطني الحر، وعلى كل الأحزاب التي “تغزو” كسروان وترفض الإنضواء تحت العباءة الإقطاعية لأحفاد المشايخ و”المقاطعجيي”، خاصة أن ألقاب “شيخ” و”بيك” و “أفندي”، هي تسميات أنعمت بها الدولة العثمانية العَلِيَّة على من كانوا عملاءها المُخلصين الذين كانوا يجبون الضرائب لسلاطين بني عثمان من عرق ودماء الفلاحين في لبنان، وإذا كان آل الخازن “حُراس الصرح البطريركي” منذ انتقال المقرّ الى بكركي في كسروان، فهذا لا يعني، أن سارق الكهرباء، و”شافط” المرامل، وبلطجي الكازينو، جديرٌ بأن يكون حارساً لبكركي ولكسروان، وأنه ينضح زيت القداسة ويستحق تمثالاً الى جانب سيدة لبنان عليها السلام.

وإذا كان “فريد هيكل” يُعيِّر التيار الوطني الحر بأنه غريب عن كسروان، فإن ناخبيّ التيار هم أبناء كسروان، سواء انتموا لطبقة الفلاحين أو الأغنياء، لكنهم على الأقل شرفاء وأوادم كما كل المواطنين اللبنانين العاديين، لا يمتهنون السرقة، ولا “الشفط” ولا البلطجة، وشرف عظيم لهم أنهم لا ينتمون لطبقة المقاطعجيي الذين بنوا قصور “المشيخة” على عظام الفقراء، ولا ينهشون لحم الضعفاء، وليسوا غرباء عن كسروان ليمنعهم “الشيخ فريد” من أكل الهبرة بتعبهم وعرقهم وسمعتهم الشريفة.

ولأن “الشيخ فريد” معروفة عنه “شوفة الحال” الفارغة، ويعتبر أنه من نخبة أبناء “البيوتات السياسية”، فإننا نتذكَّر قوله عام 2005، أن فوز الدكتور فريد الياس الخازن مؤامرة من العونيين لإقفال البيوتات السياسية العريقة، فجاءه الرد من النائب الفائز “فريد الياس”: “نحن أيضاً من آل الخازن وعندنا بيوت ومش قاعدين عالطريق”!

لذلك، وبما أن كلمات، إقطاع ومقاطعجي، وشيخ وبيك وأفندي، هي نتاج الحقبة السوداء لخُدّاَم الإحتلال والإنتداب، نعرِض نموذجين مختصرين عن أصل وفصل المقاطعجي فريد هيكل الخازن، ونسرُد له واقعتين من تاريخ المشايخ الذين ينتمي اليهم في كسروان.

نقرأ لدى الأديب الكبير سلام الراسي ما نصُّه،
كتب نوفل الخازن سنة 1707 الى ملك فرنسا، ومما جاء في كتابه: “المرجو أن لا تمنعوا إحسانكم وأنعامكم العزيزة عنا، حتى نظل ناشرين بيرقكم وإسمكم على رؤوس الأشهاد في بلاد الشرق وجبل لبنان، لأننا دايماً مُلتَجِين الى باب سعادتكم ومُستظلِّين تحت كنفكم الحصين، نحن وطايفتنا الموارنة، لاننا عبيد باب سعادتكم على البعد والقرب”.

ومما جاء أيضاً في سيرة المقاطعجيي لدى المؤرخين، أنه في العام 1761 أحيلت الى نجل نوفل الخازن وذرِّيته، مقاطعة كسروان وبكفيا وغزير، بموجب براءة من السلطان سليم، وحاز من والي صيدا امتيازاً بأن لا تعطى خلعة الولاية على دير القمر الا على يده، لأنه كان يجبي الضرائب من الفلاحين بالتمام والكمال، وكان أمراء بلاد الشام وممثلو الدول الغربية، يحبونه كثيراً، وكانت كلمته نافذة في كل مكان.. وقد وصفه المؤرخ دي لاروك بقوله: “السيد أبو نوفل عميد هذه الأسرة وأمير الشعب الماروني، لذلك ميَّزه الكرسي الرسولي اعتباراً لتقواه واستحقاقه بلقب أمير، وجعله فارساً رومانياً مع ولديه السيدين أبي قنصوه وأبي نصيف، وهكذا، فإن المَلِك المُتمسِّك بعروة الدين ومشيخة البندقية، ميِّزاه أيضاً بإقامته قنصلاً لفرنسا والبندقية في سورية”، وجاء عنه في كتاب تقاليد فرنسا في لبنان ص 751: “لأبي نوفل مرجع الفخر بكونه صار قنصل بيروت الأول لأن الملك لم يرَ شخصاً أفضل من شخصه بالنظر الى اخلاصه في خدمة جلالته وحماية رعيته الفرنساوية”.

بناء عليه، إذا كان “الشيخ فريد هيكل”، يتباهى و”يَتَعَنجه” بإرثه الإقطاعي، فإن كسروان النهضة والحضارة والحداثة قد قامت على أكتاف كل أبناء كسروان، ومن العيب “التمشيُخ الفارغ” على الناس، وإذا كان لا بُدّ لجماعة “الدم الأزرق” أن يُحافظوا على نزعتهم في الإقطاع، فإن سيرة الخازنيين الأوائل، أرأف من سيرة الخازني الحديث، لأن أجداده كانوا محكومين من الباب العالي التركي ويستقوون عليه أحياناً بفرنسا، لكن زمن الأبواب العالية قد ولَّى، وزمن الإنتداب قد انتهى، وعلى كل “شويخ” أو “بويك” أو “فرخ أفندي” في هذا الوطن أن يتواضع، لأن ولاية المقاطعجيي على الشعب اللبناني يجب أن تنقرض، ومَن له كيس طحين عند كرام الناس البسطاء، فليتفضَّل ويسترجعه، وأبناء العائلات الشريفة سواء كانوا من آل الخازن أو سواهم من العائلات الكسروانية واللبنانية، من حقِّهم أن تكون لهم دولة ترعاهم، ولم يعُد من بينهم فلاح يطلب رضا مقاطعجي..