عَ مدار الساعة


أمام قيامتك، نعيش رجاء القيامة من عتمة قبورهم

– المسيحيون حاجة إسلامية، وهم أدوات فاعلة لا أدوات استعمال (أمين أبوراشد)

يسوع،
لسنا نتناول قيامتك بمعناها الديني، بل بعُمقها الإيماني أيها المخلِّص، ربما لأنك خشبة خلاصنا يا مَن عُلِّقت على خشبة فداءً للبشر، ولو أن الحجر الذي تدحرج من على قبرِك، ما زال جاثماً على صدورنا في مقبرة شرقٍ تكفيري تحكمه شياطين من العصر الحجري.

نعم، نحن الساجدون أمام عظمة قيامتك يا سيدي، نجِد أنفسنا أقوياء بإيماننا، وباتت درب الجلجلة مسيرة حياةٍ ارتضيناها لأننا رُسُل، ولأننا أبناء حضارة مشرقية مُستدامة رغم المحيط الجاهلي في شرقٍ ملعون.

نُردِّد مع دموع الفرح “قام في اليوم الثالث” وفي الألفية الثالثة بعد ميلادك، ونحمل شموع الرجاء، ونستلهم من نورِ قبرِك القُدرة على المواجهة ونقول لهؤلاء التكفيريين:

أنتم لم تقرأوا مصحفاً شريفاً يحتضن النبي عيسى، ولم تقرأوا سورة مريم في قرآنكم، وأنتم لم تقرأوا حتى تاريخ رسولكم الكريم الذي احتضن المسيحيين بذمتّه لأنهم من أهل الكتاب، ولا أنتم أكثر إسلاماً من الخلفاء الراشدين الذين اختاروا المسيحيين مستشارين وكَتَبَة في الدواوين، ولا أكثر علماً بدِينكم ممَّن توالوا على الحكم في حقبات الدول العباسية والأموية والفاطمية التي عهدت إلى المسيحيين بأرفع المناصب لإدارة الدولة، وأن المسيحيين أصل الشرق وعلّة وجوده وحضارته، وأن “النصارى” أهل ثقة وكفاءة وكانت لهم وستبقى لمسات التطوّر منذ عهود الخلافة وانتهاء بالدول الإسلامية الحديثة المؤمنة بواجب الوجود المسيحي.

نحن نعترف أن المسيحيين بعد الفتوحات الإسلامية باتوا في الصف الثاني وهذا أمرٌ واقع، لكن قدراتهم العلمية والثقافية، أهّلتهم لأن يكونوا عناصر أساسية فاعلة وليسوا أدوات استعمال، ولن نعود الى الوراء لنسرد إيجابيات تاريخهم الناصع ضمن البيئة الإسلامية، وما واجهوه من دروب جلجلة متواصلة رغم عطاءاتهم، وأن عدم سعيهم للتقدّم الى الصفّ الأول، فلأن هذا بات من الممنوعات تبعاً للواقع الديموغرافي من جهة، والظواهر التكفيرية التي نَمَت كالفطريات وما زالت تنمو في كل بيئة فقيرة جاهلة في هذا الشرق، وتعتبر المسيحيين مجرّد مخلّفات صليبية من جهة أخرى.

ويتجاهل هؤلاء الجَهَلة ظاهرة “سبت النور” التي يشاهدها ويشهد عليها المسلمون قبل المسيحيين، عندما ينبعث النور الإلهي من قبر السيد المسيح، وتتناقله المشاعل الى كافة أرجاء الدنيا مُعلنة رسالة المحبة المسيحية المشرقية، كما ويتناسون خطى بولس الرسول على أرض سوريا حاملاً كلمة السلام التي ينحرها اليوم شياطين لا دين لهم.

أيها الجهلة المُتأسلمون:
نحن المسيحيين كنا وسنبقى حاجة إسلامية في هذا الشرق، منذ الخلفاء الراشدين وصولاً الى ظاهرة تخلُّفكم اليوم، وإذا كانت بعض الأنظمة التكفيرية تستخدمكم لمُقارعة الغرب أو حتى لمُقارعة المسلمين المؤمنين، فنحن لن ترتضي أن نكون “فرق عملة” لحروب تكفيرية، ورغم عذاباتنا ورغماً عنكم، سنبقى على دين المسيح رُسُلاً، ونبقى إرساليات حضارية ومدارساً ومعاهداً وأديرة رهبانٍ وراهبات، وسنبقى نور المسيح في عتمة ظُلماتكم رغم ظلمكم، ويا ويلكم متى كفر المسيحيون بكم، ويا ويل هذا الشرق لو هجره المسيحيون…