حقق الجيش العربي السوري والقوات المسلحة إنجازاً جديداً يضاف إلى سجلهم الزاخر في السيطرة على كامل الغوطة الشرقية، وإجبار الإرهابيين على مغادرة المناطق التي تحصنوا فيها لسنوات، في معركة استمرت ثلاثة أسابيع استطاع خلالها الجيش العربي السوري إتمام مهمة نوعية، فدمر كل التحصينات وخطوط الدفاع والأنفاق والخنادق التي كانت جهزت لها المجموعات الإرهابية واعتقدت أنها ستشكل سداً يحول دون تقدم الجيش في هذه المنطقة.
وما بعد استعادة كامل الغوطة لن يكون كما قبلها، وخاصة لأهالي وسكّان العاصمة دمشق السبعة ملايين نسمة الذين عانوا جميعهم من الإرهاب على مدار سبع سنوات، وكانت فرحتهم لا توصف مع توارد المعلومات عن انتصارات الجيش وتقدمه على كامل مساحة الغوطة الشرقية.
وبهذا النجاح تكون العاصمة السياسية للبلاد قد تحررت من إرهاب القذائف الذي كان يهدف إلى ممارسة الضغوطات على الحكومة السورية لتقدم تنازلات في مختلف الملفات السياسة، وكم من ساعة «صفر» أعلنت لاقتحام العاصمة؟ وكم من هجوم تم دحره على أبوابها؟ وكم سمعنا من عبارات تهديد ووعيد للقيادة وللسكان وبيانات وأفلام مصورة عن العديد والعتاد؟ كل ذلك لم يأت بأي نتيجة ميدانية كانت أم سياسية، وسط صمود استثنائي مارستهما الدولة والدمشقيون، رافضين كل عمليات الابتزاز السياسي، الذي كلّف آلاف الشهداء الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ، غادرونا تحت وطأة قذائف تساقطت على مدار سنوات على دمشق وضواحيها.
اليوم مع مغادرة الإرهاب إلى الشمال بالقرب من داعمه الأول تركيا، باتت دمشق مستقرة وآمنة وتفتح ذراعيها لاستقبال كل من غادرها طوال سنوات الحرب، وستعود مؤسساتها للعمل بظروف عادية دون أي تهديد كما كانت تفعل قبل الحرب، وستعود عجلة الاقتصاد إلى الدوران، ويعود مطارها إلى حركته الطبيعية والاعتيادية، بعد أن كان مهدداً طوال سنوات رغم أنه لَم يتوقف يوماً عن العمل، ولَم يتمكن الإرهاب من خنق العاصمة كما كان يخطط.
انتصار جديد يعيد التأكيد مرة جديدة على عزم وتصميم قواتنا المسلحة التي كلما قررت تحرير منطقة فعلت، وانتصار الغوطة سيسمع دويه في كل بقاع الأرض، لكون هذه المعركة بالذات، لم تكن معركة كباقي المعارك التي خاضها الجيش السوري، بل كانت معركة دولية استنفر خلالها مجلس الأمن طوال الأسبوعين الماضيين، وأصدر عشرات التصريحات المهددة بعمل عسكري في مواجهة دمشق، محاولاً إنقاذ الإرهاب الذي موله ودربه وسلحه وزرعه، ولَم ينجح، كل ذلك نتيجة صلابة القرار السوري وداعميه، وخاصة روسيا الاتحادية التي كانت ولا تزال تدعم سورية في معركة الاستقلال والسيادة واحترام القانون الدولي.
ساعات ونطوي صفحة الغوطة الشرقية وصفحة تهديد العاصمة، وساعات تفصلنا عن إخراج آخر إرهابي من ريف العاصمة الشرقي، والمضي نحو تطهير البقعة المتبقية في منطقة القدم والحجر الأسود والمخيم، لتعود وتنعم العاصمة بالأمن والأمان، وتتوجه قواتنا المسلحة نحو وجهتها المقبلة في مهمة تحرير كامل الأراضي السورية المحتلة من قبل إرهابيين، أو دول، خالفت واخترقت ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ونشرت قواتها على أراضينا دون موافقة الحكومة السورية، ما يجعل منها قوات احتلال وغزو، لا بد أن يتم التعامل معها عسكرياً وسياسياً.
وأمس اكتملت التحضيرات لإخراج قرابة ستة آلاف مسلح من عربين وزملكا وجوبر وعائلاتهم، ودخلت عصراً أولى الحافلات إلى أطراف بلدة عربين لإخراج المسلحين الرافضين للمصالحة وعائلاتهم، كما تم تحرير 8 مخطوفين فيها قبل بدء عملية الإجلاء.
وبخروج المسلحين، المتوقع أن ينتهي اليوم، من جوبر وعين ترما وعربين، يصبح الجيش مسيطراً على 90.5 بالمئة من مساحة الغوطة، ولا يبق أمامه سوى مدينة دوما التي تتحصن فيها ميليشيا «جيش الإسلام»، وسط أنباء عن مفاوضات لإجلاء من يرفض المصالحة من الأخيرة أيضاً.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصدر عسكري، تأكيده «القيام حالياً بمفاوضات بين الجانب السوري الروسي مع مسؤولين في مدينة دوما، لتدخل ضمن الاتفاقيات لتسوية أوضاعهم».
واستمر أمس خروج العائلات من ممر الوافدين، كما بدأت وحدات الهندسة بتمشيط مدينة حرستا، التي ظهرت فيها مستودعات ومصانع لقذائف الهاون، إضافة إلى أنفاق وتحصينات كانت تستخدم للتنقل وسط الغوطة الشرقية.
-الوطن-