– أتى الى عالم السياسة لأنه “شغِّيل عند بيت الحريري”.. (أمين أبوراشد)
***
لن نتناول الآن، الظروف السياسية التي دفعت الرئيس السنيورة الى العزوف عن ترشيح نفسه للإنتخابات النيابية المقبلة، ولكن، لأن عزوفه يعني رحيله الى الأبد عن الحياة السياسية في لبنان، فلا نرغب أن يرتحل مظلوماً، هو الذي يعتبر نفسه قد حقق للبنان إنجازات منذ تولِّيه مهام وزير دولة للشؤون المالية حتى وصوله الى النيابة والى رئاسة مجلس الوزراء.
ولأن كلمة مظلوم تعني أن بريئاً قد أُلصِقت به تهمة ما، نرى من واجبنا أن نُطمئن الرئيس السنيورة أنه ليس مظلوماً، دون الحاجة للتطرُّق الى تفاصيل أدائه الوطني والسياسي، لأنه بات لدى الغالبية الشعبية اللبنانية رمزاً لكل ما هو غير شعبي.
وفؤاد السنيورة، أتى الى عالم السياسة لأنه “شغِّيل عند بيت الحريري”، وهو “محاسبجي” ثرواتهم وشركاتهم وعقاراتهم ومصارفهم، وهو مُهرِّب أموالهم من الضرائب، وهو مدير مصالحهم الخاصة لمصلحته الخاصة، ونتيجة هذه التبعية، لم يكوِّن لنفسه شخصية سياسية مستقلة، بل بقي منذ وزارة الدولة للشؤون المالية حتى رئاسة الحكومة وانتهاء برئاسة الكتلة البرلمانية لتيار المستقبل، لا يُعتبر أكثر من “تابع” لبيت الحريري.
لم يبنِ السنيورة لنفسه شعبية خاصة، لأن كل قراراته المالية والضرائبية هي غير شعبية، وإذا كانت القرارات غير الشعبية تهدف الى تعويم مالية الدولة، فإن فؤاد السنيورة أفلس الشعب وأفلس معه الدولة، و11 مليار دولار ما زالت لغاية الآن بذمته الواسعة وبحاجة الى تدقيق نالي شفَّاف والى تحقيقات قضائية، ولا نرى أي داعٍ للعودة الى كتاب “الإبراء المستحيل” الذي يُلخِّص ارتكابات نُسِبَت للسنيورة، لأن عصر الصفقات بدأ مع الرئيس الراحل رفيق الحريري ومع مملكة “سوليدير” تحديداً، إضافة الى كل العمليات المشبوهة التي حصلت تحت عنوان إعادة إعمار لبنان وكان السنيورة في قلب كل عملية.
إضافة الى أدائه السياسي والمالي، فإن الأداء الوطني لفؤاد السنيورة خاصة خلال عدوان تموز 2006 لم يكُن مشرِّفاً، إن لم نقُل أنه لامس حدود الخيانة، وإذا كان قد مَسَح أحمر شفاه كونداليزا رايس عن وجهه، فلن يمسح من عقول وقلوب اللبنانيين العمالة في مواقفه، ولن يمسح دماء الشهداء ودموع المفجوعين من الشعب اللبناني، دون الحاجة الى استعراض تفاصيل هذه المواقف التي اعتمدها هو وكل فريق الراقصين الإستعراضيين على ضريح الراحل رفيق الحريري من جماعة 14 شباط، والمُتاجرين بدمه سواء من خلال التلفيقات أو تركيب شهود الزور ووصولاً الى مهزلة المحكمة الدولية.
ختاماً، عذراً لأنك لا أسف عليك يا دولة الرئيس السنيورة، ولأنك لم ترحل مظلوماً بل أنت طليعة الظالمين وأنك رمز مآسينا…
في لقمتنا نرى الضرائب التي جرَّعتنا بها الفقر، وفي قلقنا على دولة مُفلِسة لا نرى سوى طيفِك الكابوس، وفي كل حقيبة سفر نودِّع وطناً كان يستحق دولة تشبه الوطن اللبناني العظيم والشعب الصابر على الوجع، وقدرُنا وضَعفنا وجُبننا هو الذي نصَّب علينا لصوص علي بابا على مدى أكثر من ربع قرن، ولا أسف لو نقصت مغارة علي بابا واحداً من ساكنيها…