حديث جيو-ستراتيجي عن كيانية لبنان ودوره وعيشه على حدود الخطر الدائم..
– لبنان دولة يؤكدها الجغرافيا والتاريخ، وقد ذُكر قبل سورية أقلّه بـ 1500 سنة..
***
مقتطف من حديث الباحث الإستراتيجي نبيل خليفي لقناة الـ”MTV”: (شباط 20 – 2018)
السؤال الذي طرحه شارل مالك، يقول: إنّ القضية تبدأ بالنظرة الى لبنان..
كيف ننظر الى لبنان؟؟
- هل هو كيان قائم بذاته؟؟
- هل هو كيان شرعي؟؟
- هل هو جزء من كيان آخر؟؟
واي آخر..
سوري ، عربي ، إسلامي..!!
قبل التفاصيل التي نكثرها في لبنان، لنوحّد النظرة الى لبنان، ونعرف ما هو دوره ونوعه… !!
السؤال الأساس هو التالي، وهذا السؤال مطروح من قبل سنة 1920..
هل أنّ النظرة الى لبنان أنّه مولود شرعي من أم شرعية هي الجغرافيا، واب شرعي هو التاريخ..!!
هل لبنان هو كيان شرعي نهائي، كما يؤمن به السياديون اللبنانيون، أم أنّه إبن غير شرعي إستولده الإستعمار، إستناداً الى إعلان “غورو”، كما يقول البعض، وبالتالي هو لا يمثّل لا حقيقة جغرافية وتاريخية، بل هو خطأ جغرافي وتاريخي.. من هنا البعض يتحدث من أنّ لبنان كيان مؤقت، ومرحلي وليس نهائي، وينبغي التخلص منه بحسب نظر أعداء الكيان والسيادة..
ولكن تقول العالمة الفرنسية “اليزابيت بيكار” لشؤون الشرق الأوسط، “قيام لبنان هو إسقاطٌ لمشروعين، سوريا الكبرى، وإسرائيل الكبرى”..
إذن هناك نظرتان مضادتان، وعلى ضوئهما، يُفهم كلام نبي لبنان “ميشال شيحا” الذي قال:
لبنان بلد يعيش على حدود الخطر الدائم.. ما دامه يعيش بين دولتين، كل واحدة تعتبر أنّ لبنان خطأ جغرافي وتاريخي…
لكن لبنان أكثر دولة في الشرق الأوسط، له تراث تاريخي، وهذا الأمر له إرتباط بالجغرافيا الخاصة بلبنان.. ولمن يضحك على الكيان اللبناني، إن الجنرال غورو أعلن قيام لبنان الكبير، نقول له: إسم لبنان وَرَد قبل إسم سورية بـ1500 سنة.. يا شباب فَرجونا دولكم، وينا؟؟
لبنان هذا البلد الصغير، هو على حدود الخطر الدائم، ومشكلته أنّ دولة حاجز لدولتين توسعتين.. وبالتالي لبنان ذات الحجم الصغير وشعبه متنوّع.. (وهذا الأمر ينطبق على كثير من الدول)
تاريخياً دول حاجز كلبنان، ولاوس، وأفغانستان، والنمسا، سويسرا، لوكسمبورغ، الأوروغواي، وبولونيا ، مصيرها في التاريخ بجاني دولتين جارتين إمّا يتقاسمانها، أو تستولي عليها إحدى الدول.. إذاً المحيط على الدوام يسعى الإنقضاض عليها.. ولبنان في هذا المجال، يمكنه إستذكار إستهداف اسرائيل للبنان في موسم الإصطياف.. لماذا؟
لأنّه ممنوع على لبنان أن ينمو لا سياسياً، ولا عسكرياً، ولا إقتصادياً؟ لأنّه في هذه الحال، ستعتبر دولة شرعية، والدول التي بجانبه لا يفيدها ذلك..
عادة هكذا دول في علم الجيو – استراتيجي، تسعى أخذ سياسة الحياد أو التحييد، ومع قول أنّ لبنان لا يمكنه الأخذ بمبدأ الحياد، كون إسرائيل على حدوده، إقترحت في كتابي “لبنان بين الحياد والتحييد والخيار الرابع”، تأليف لجنة لبنانية، ومن الجامعة العربية، ومن الأمم المتحدة، تضع نظام لتحييد لبنان، وطالبت ان تقول فيه: لبنان آخر دولة عربية تعترف بإسرائيل..
إذا إشكالية لبنان بالنظرة إليه.. المحيط لا يريد الإعتراف به.. ولبنان كأي دولة حاجز توقف توسّع الدول المحيطة..
يُسأل: هل يقبل شعبه بالتحييد أو الحياد؟؟
البعض لا يقبل، لأنه مصالحه لا تزبط.. ولكن معظم اللبنانيين يريد التحييد، ومصالحهم تفرض التحييد، والمنطقة كلهّا يفيدها تحييد لبنان، والعالم العربي يرتاح بتحييد لبنان.. كما العالم الشرقي والغربي يفيده ذلك…
لبنان ليس خطأ جغرافي وتاريخي، بل هو حقيقة جغرافية وتاريخية، وفي القرار 1559، الأمم المتحدة أشارت الى أنّ “لبنان الوطن والدولة هو كيان نهائي، بحدوده التاريخية لأنه حقيقة جغرافية وتاريخية، وأنّه دولة سيدة ذات سلطة واحدة على كافة الأراضي اللبنانية…”.
إن كان بالتحييد أو الحياد، على دوام يوجد منحيين، داخلي وخارجي.. وقبل كل شيء، يتطلب جرأة بقول الحقائق لا التكاذب.. بالنهاية يجب فصل العلم الجيوغرافي عن السياسة والفئوية والأحزاب.. وأنا كباحث جيو – ستراتيجي، أقسّم الدول بحسب علم الجغرافيا السياسية، وهذا الأمر يسبق النصوص التحليلية..
الشيعة
المشكلة أنّ البعض لا يريد تصنيف الدولة.. وأنا كمواطن لبناني، وكنت أستاذاً في النبطية، سبق وقلت ذلك لتلامذتي هناك، أنا وأعلمّهم تطور تاريخ العرب..
سُئلت من شاب شيعي (العميد علي حرب) في صف البكالوريا سنة 1964: لماذا سقطت الخلافة الأموية على يد أبو مسلم الخرساني ، وبدل أن يستلمها آل البيت (الإمام علي – عليه السلام) لماذا إستلمها العباسيون، وظلموا آل البيت بأكثر ممّا ظلمهم بنو أمية..؟؟؟
أجبته قائلاً: إنّ الشيعة، كانوا هم أكثر الفئات ثوروية في تاريخ الإسلام، ولكنهم على العموم، يكونون أوّل ضحاياها..
أنا كباحث، وأدرّس الأدب العربي، والشعر.. الشيعة تاريخياً كانوا خارج السلطة (لهذا السبب يسموّن أنفسهم بالمهمشين، والمستبعدين).. كانوا يعيشون أكثر في الخيال، منه في الواقع.. بينما السنّة كانوا في السلطة، وأكثر واقعية..
لهذا السبب عندما يقومون بالثورة، ويستلمون السلطة، يحسبون أنّ ما وضعوه بخيالهم قادرين على تحقيقة في الواقع.. وهنا تكمن مشكلتهم التاريخية، وهذا الكلام قلته سنة 1964..
الخطر الوجودي على إسرائيل
أنا بوعي تاريخي، وكوني باحث بالفكر، اتابع تطوّر القوة العسكرية، إن للعدو الإسرائيليي أو غيره.. ولا أنكر أبداً قدرات حزب الله العسكرية.. ولأني باحث في الجيوبوليتيك، والجيو استراتيجية، أقول:
إسرائيل الآن، هي خامس دولة نووية في العالم. وبالترتيب (روسيا، ثم أميركا، – فرنسا – الصين – اسرائيل – باكستان – الهند – كوريا الشمالية).. وأعود هنا الى كلام “مناحيم بيغن” في ردّه على الخميني أثناء عودته الى أيران وقوله: “إن هدف الثورة الإيرانية، هو محو اسرائيل عن خريطة العالم“.. أمّا ردّ بيغن مباشرة، فكان: “قبل أن تشرع في محو إسرائيل عن خريطة العالم، نكون قد جعلنا ايران مبعثرة بين زوايا العالم الأربع… وقصده أنّه سيستخدم القنابل النووية”..
يُسأل، ولكن حزب الله يُهدّد أنه يستطيع قصف مفاعل “ديمونا”، يقول نبيل خليفة:
هو قادر على فعل ذلك، ولكن لنميّز بين:
- حرب الخيار
- حرب اللا-خيار
في الجيوبوليتيك، عليك أن تعرف خصمك كيف يُفكّر؟؟
إسرائيل إذا عرفت أنّ حزب الله سيضعها في حرب اللا-خيار، (والذي يعني أنّه لا خيار الاّ بخوض الحرب الوجودية) ستكون مضطرة على خوضها لأنها حرب مصيرية.. كحرب اسرائيل في مواجهة مصر وسورية، وفي حينه هددت باستخدام السلاح النووي…
برأيي إذا ضُرب مفاعل “ديمونا” النووي، وشعرت أن حزب الله يؤثر على مصيرها كدولة (لا احكي السياسة بل العلم) عندها ستستعمل وسائل لم تستعملها من قبل.. أي أسلحة الحرب اللا-خيار، وقد تستعمل “ميني – قنابل نووية” في أماكن معينة.. وهذا الكلام أقوله على مسؤوليتي، لأني أشعر أنّ كافة اللبنانيين هم أخوة لي… وهذا الكلام تحليلي من شخص يتابع الفكر السياسي والإستراتيجي العسكري..
رصد Agoraleaks.com