حسان الحسن-
بعد إسقاط الدفاعات الجوية السورية لطائرة “أف “16 الإسرائيلية المعادية التي كانت تشارك في عدوان على مطار الشعيرات في محافظة حمص، لم تتطور الأمور نحو مواجهة كبرى في سورية والمنطقة، نتيجة إتصالات سريعة بين الجانبين الروسي والأميركي، خصوصاً أن هذا العدوان إستهدف الجنوب الغربي من البلاد، أي العمق السوري، الواقع ضمن منطقة العمليات الجوية للقوات الروسية، فكان القرار السوري بإسقاط الـ “أف 16″ .
ولم تكن المرة الأولى في هذه المرحلة التي تستهدف فيها الدفاعات الجوية السورية الطيران المعادي ، ففي تشرين الأول الفائت تصدت الدفاعات الجوية السورية لطيران إسرائيلي ، كان قد اخترق المجال الجوي السوري عند الحدود اللبنانية في منطقة بعلبك ، وقيد أُصيبت إحدى طائراته إصابة مباشرة وأرغمته على الفرار كما جاء في بيان صادر عن الجيش العربي السوري في حينه .
هذا الأمر يؤكد أيضاً، وحدة الجبهة بين مكونات محور المقاومة، خصوصا ان الاستهداف الناجح للقاذفة ” اف 16″ تزامن مع اشكالية حدودية خلقتها “إسرائيل” في محاولة للتعدي على السيادة اللبنانية ، من خلال المباشرة ببناء حائط اسمنتي على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة يهدد تجاوز ثلاثة عشر نقطة كان قد تحفظ عليها لبنان، مع الادعاء الكاذب بامتلاك اسرائيل لقسم كبير من البلوك رقم 9 في المياه الاقتصادية الخالصة للبنان .
يذكر أن الصاروخ الذي أصاب المقاتلة الإسرائيلية وأدى الى تدميرها، هو طراز “سام 5” أو ما يعرف بـ “أس 200″، وهو روسي قديم الصنع، حصلت عليه دمشق في العام 1982، و وتعقيباً على ذلك، علقت مصادر سياسية سورية بالقول: ” لا مصلحة لأي طرف فاعل على خط الأزمة السورية، بانفجار الأوضاع في شكلٍ دراماتكيٍ بين سوريا والكيان الإسرائيلي، لأن ذلك، قد يؤدي الى إشعال المنطقة برمتها، خصوصاً في ضوء إستعداد محور المقاومة مجتمعاً لصد اي عدوان يستهدف أراضي دول هذا المحور.
وفي ما يتعلق بالتطورات الميدانية الأخيرة، خصوصاً في ضوء ورود معلومات تدوالتها بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، عن إمكان قيام الجيش العربي السوري بهجوم على مواقع الإرهابيين في الغوطة الشرقية لدمشق، والدخول الى مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي، حيث تنفذ تركيا راهناً عملية عسكرية، تستهدف حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب الكردية، تلفت مصادر ميدانية متابعة الى أن الجيش سيبدأ بالانتشار في الأخيرة يوم الأثنين ، أما في شأن الأوضاع في “الغوطة فلاتزال متوترة ، في إنتظار إنعقاد لقاء أستانة أواخر الجاري، وما يصدر عنه من قرارات، ليتسنى فهم توجه الأوضاع إذا كانت آيلة نحو التصعيد أو الحل السياسي في المنطقة المذكورة، ودائما بحسب المصادر نفسها .
في سياق متصل، تجري عملية تفاوض بين الحكومة السورية وتنظيم “جيش الإسلام” الوهابي من أجل إطلاق معتقلين لدى الجانبين، ما يعطي مؤشراً ولو بسيطا الى تقدم الحلول السياسية على العسكرية، رغم إنخراط الأخير مع المليشيات الإرهابية في مواجهة القوات السورية، وإستهداف المناطق الدمشقية وسواها بقذائف الهاون، ربما لتداخل الجبهات بين مختلف “فصائل الغوطة”، ودائما برأي المصادر .
بالإنتقال الى شرق البلاد، تحديداً الضفة الشرقية لنهر الفرات، من الواضح أن الولايات المتحدة تمنع الجيش العربي السوري وحلفاءه من الإقتراب من المناطق الواقعة شرق نهر الفرات، وقد يستمر الوجود الأميركي غير الشرعي في تلك المنطقة لغاية الوصول الى حلٍ سياسيٍ للأزمة السورية، في الوقت الذي أدى التصعيد الأميركي الأخير، الى إطالة أمد هذه الأزمة ، لاسيما من خلال تهديد وحدة الأرض عبر دعم الإنفصاليين الأكراد، واستهداف القوات السورية، كما حدث في ريف دير الزور الشمالي الشرق في الآونة الأخيرة .
وفي هذا الصدد، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة بالسعي للتواجد العسكري في سوريا إلى الأبد عبر تأسيس شبه دولة بالارتكاز على الأكراد.
وأكد لافروف في حديث صحافي أن وحدات القناصة الأمريكيين، والوحدات الخاصة الأخرى ، موجودة على الأراضي السورية في شكل غير شرعي، ودون تلقي أي دعوة رسمية من دمشق، أو تفويض من مجلس الأمن الدولي بذلك.
وقال لافروف: “لا شك في أن للولايات المتحدة استراتيجيا معينة، أعتقد أنها تتلخص في رغبة الإبقاء على عسكريها في سوريا إلى الأبد، كما هو الحال الآن في العراق وأفغانستان، في انتهاك لكافة الوعود التي قطعتها في السابق ” ، وكان قد لفت الدبلوماسي الروسي الى أن الولايات المتحدة تسعى إلى تشكيل سلطات محلية شبه رسمية، معتمدة بذلك على الأكراد .
وتعقيباً على ذلك، ترى مصادر في المعارضة السورية أن بقاء الإحتلال الأميركي في سورية، مرتبط بالصراع مع الروس على النفوذ في المنطقة، وحيث لا يبدو ان هناك افق لنهاية هذا الاحتلال قبل التوصل الى إتفاق بين الجانبين يفضي الى حل الأزمة ، يبقى الحل الانسب على حد قول تلك المصادر ، هو مقاومته ومواجهته و طرده من خلال حركة مقاومة وطنية شعبية شاملة .
-المرده-