– تقرير خاص عن أبرز محطات الرئيس عون الوطنية بمناسبة عيده 83
***
ليس أصعب من أن تختصر مسيرة كرامة وبطولة ووطنية وفكر من 83 سنة..
ليس أصعب من أن تُلخّص وطناً في دقائق… ميشال عون، الوطن المولود في 18 شباط 1935، في حارة حريك، رسم وطناً في حلمٍ جماعي لم يستطع أحدٌ كسره، ومحطات تؤسس لغدٍ أجمل..
الرجل الذي دخل الى الكلية الحربية بصفة تلميذ ضابط في العام 1955، وتخرّج منها عام 1958، برتبة ملازم في سلاح المدفعية، شغل مهمات عدّة في الجيش اللبناني في كلّ المناطق، ولمع اسمه في العام 1976، مع إندلاع صدامات بين الجيش اللبناني وجيش التحرير الفلسطيني، حيث تمكّن من حماية المنطقة التي كانت لا تزال حرّة..
وأعاد فيما بعد تنظيم سلاح المدفعية بتكليف من وزارة الدفاع، ولمع إسمه أيضاً في عام 1980، حين منعت أفواج الدفاع المتمركزة على خطوط التماس بقيادته الجيش الإسرائيلي من التقدّم تجاه الضاحية.
في العام 1983، مع تشكيله اللواء الثامن، وتوليه قيادته، انتصر في أكثر من معركة، أبرزها سوق الغرب.. فما كان بعد البصمات التي طبعها الضابط المقدام ميشال عون على جبين الوطن والحرية والسيادة، الاّ أن عُيّن قائداً للجيش في العام 1984.
كان قائداً حقيقياً يقاوم في موقع الضعف. ويتسامح في موقع القوة.
في العام 1989، وقّع الرئيس أمين الجميل مرسوماً قضى بتعيين ميشال عون رئيساً لحكومة عسكرية إنتقالية، فشكّل عون حكومته، وهو المسكون بهاجس الحرية والسيادة والإستقلال.. والصارخ بأعلى صوته حين كان ثمن الصوت عالياً بأن الوجود خارج إطار الحرية هو شكل من أشكال الموت… وأن لبنان أكبر من يُبلع وأصغر من أن يُقسّم...
وجعل قصر بعبدا محجّة شعبية آمنت به فتدفق الناس يهتفون باسمه، ووقفوا الى جانبه في كلّ الإجراءات التي اتخذها لإستعادة الدولة من الميليشيات، ولتحريرها من أي وجود عسكري غير لبناني، كقراره تنظيم المرافئ غير الشرعية في العام 1989، ومن ثم إعلانه حرب التحرير في 14 آذار من عام 1989 مطالباً سورية رسمياً بسحب قواتها من لبنان.
كلهّم كانوا خاضعين، حين وقف ميشال عون باسم الشعب يُطلق ثورة حقيقية من أجل الوطن.. وفي العام ذاته رفض العماد عون إتفاق الطائف، وهو الذي صرخ “يستطيع العالم أن يسحقني لكنّه لن يأخذ توقيعي“.. ووقّع مرسوماً قضى بحلّ مجلس النواب، وقال للبنانيين “أنتم أصحاب القرار، ولا يعود لغيركم ان يمثلّكم بعد اليوم..”.
مواقف عون الرجولية أدّت به الى المنفى بعد 13 تشرين الأول 1990، التاريخ الأقسى في حياته، حين نفّذ الجيش السوري عملية عسكرية عنيفة، ولتجنّب حمام الدم فاوض العماد عون لوقف إطلاق النار، بواسطة السفير الفرنسي “رينيه الاّ” الذي طلب منه التوجّه الى السفارة وهناك تمّ إبلاغ عون أنه اصبح تحت حماية الدولة الفرنسية، ولم يعد بامكانه العودة الى القصر….
كان 13 تشرين يوماً حزيناً في تاريخ العونيين، ولكنه كان خسارة دون ندم وذلّ الرابحين.. وفي 30 أب 1990 غادر عون الى فرنسا ليبدا رحلة نفي وقهر وكيدية استمرّت 15 عاماً…
ولكن لأن عون وشعبه يؤمنون أنّ الهزيمة لا تأتي الاّ من داخل الإنسان رفضوا الإستسلام وبدأت مسيرة نضال مشرفّة بين عون في فرنسا وشعبه في لبنان. والحراك الشبابي والشعبي ومحطات الإعتقال والسجون والتنكيل تُوجّت بإعلان العماد العماد عون عن تأسيس حركة سلمية ضدّ الاحتلال في العام 1996، سميّت “التيار الوطني الحرّ”.
وأطلق الجنرال اكثر من مبادرة، وتمّ التحرير في نيسان 2005. وفي 7 أيار 2005، عاد الوطن الى الوطن، وتحقّق حلم عون راجع، الذي وحدهم البرتقاليون آمنوا به، وكان عون التسونامي في انتخابات حزيران 2005، رغم كلّ التحالفات التي حيكت ضدّه، وحصد 70% من أصوات المسيحيين، و21 نائباً فأسّس تكتّل التغيير والإصلاح.
وبجرأة الرؤيوي الوطني، وقّع عون وثيقة التفاهم مع حزب الله، وكانت الوثيقة ركيزة من ركائز انتصار حرب تموز من عام 2006، والسلم الأهلي والإستقرار فيما بعد.
وكان أوّل من حذّر من الإرهاب في العام 2007، ولأنه يؤمن أنّه الحرب استثناء والسلام هو القاعدة، زار العماد عون برفعة الرأس كلاً من ايران وسورية.
وفي العام 2009 وسّع تكتلّه الى 27 نائباً.. وكان وحده دون باقي الأفرقاء يرفض التمديد للمجلس النيابي، لأنها حالة مخالفة للديمقراطية التي بها يؤمن…
وعندما انتهت ولاية ميشال سليمان في 2014، أعلن عون أنّ زمن الإتيان برئيس ضعيف للبنان قد ولّى، وصاغ التفاهمات من دون أن يطرق باب أحد من الخارج… وقلب 13 تشرين الأول 1990 الى 31 تشرين الأول 2016، فانتخب الرئيس 23 للجمهورية اللبنانية، ومنذ ذلك اليوم بدأت مسيرة بناء لبنان القوي.
في 83 عامًا فعل ميشال عون ما لا يستطيع شخص واحد أن يفعله، فكان “وحدو الكتار” كما سمّاه حبيب يونس. وحده الذي جمع شعباً نابضاً حوله من اجل وطناً قوي..
ميشال عون المسيحي الرافض للتعصّب، أحيا المسيحية المشرقية، المؤمن بالتنوّع والتعددية، والذي يحبّ جمع الوطن والحقيقة، والحرية والله.. والذي يحمل شعار “حلم – إقدام – تمرّد” والذي يحلم ببناء وطن إنساني المتمتّع بذاكرة خارقة ورجاء فوق العادة..
الإصلاحي المُنقذ يطفئ اليوم شمعته 83، ليُضيء مزيداً من الشموع في حياتنا الوطنية…
ميشال عون كل عام والوطن بخير، لأنك بخير…
***
تاريخك وقفة بطولية
يا حامي أرض الحرية
نشالله تعمّر فوق الميّة…