– رغم الإضطهادات.. 7 حركات تأسيسية… كل أبٍ او أم لا يريد أن يعلّم ابنته، يؤتى به الى ساحة الكنيسة ويُضرب...
***
مقتطف من حديث الأب يوسف مونس عن الموارنة تاريخ – حضارة – قداسة – وطن: (10 شباط 2018)
مارون
المراجع عن القديس مارون ضعيفة جدا، ولكن أبرزها:
- كتاب “التاريخ الرهباني أو أصفياء الله” للأسقف تيودوروس القورشي، ففي أواخر القرن الرابع، ما بين سنة 458 و 466 م، ويقول الكتاب: حوالي سنة 370، في مدينة قورش، التي تبعد 70 كلم غرب حلب، وقد نهج هذا الراهب على السكن في العراء، وجلب الناس اليه.. وكان يسميه “تيودوروس“، مارون الإلهي.
- رسالة يوحنا فم الذهب، وقد قال لمارون: أتكّل على صلاتك، انت صديقي، ويا ريت بقدر اتواصل معك..
مار مارون هو راهب، صعد على تلّة من تلال قورش، في انطاكيا، أو سورية اليوم.. وهو كما أنطونيوس الكبير ذهب الى الصحراء، ومار شربل صعد الى جبال لبنان.. (صحراء مار شربل جبال لبنان)
نهجه العراء لا بيت، لا كهف أو مغارة فقط تحت السماء في الهواء الطلق، بينما القديس أنطونيوس لجأ الى الكهوف والمغاور، وأما مار شربل فلجأ الى المحبسة.
الموارنة
تمرّد الكنيسة المارونية بدأ مع مؤسسهم مار مارون، بالتمرّد على الطبيعة، ووكان يُشفي الناس جسدياً ونفسياً.. ومع وفاته، تقاتلت الناس على جثمانه.. وحصل خلاف بين براد ومعرّة النعمان، وبالنهاية حظيت براد بجثمانه المقدس..
مار مارون لم يأتي الى لبنان، والموارنة لم يأتوا من سورية (أنطاكيا).. كل المدن الساحلية في ذلك الوقت هي مدن مسيحية، صور وصيدا وبيروت وجبيل والبترون وأنفه.. وكانت متعلقة بالتيولوجيا الخلقيديونية. أي يسوع المسيح إنسان كامل وإله كامل..
ولكن مع حصول الإضطهادات في انطاكيا (سورية) هرب رهبان مارون الى لبنان، الى يانوح والعاقورة وجبال لبنان الشمالية.. على مثال تهجير المسيحيين حديثاً، فهم ينتقلون من بعض المناطق وينزوحون الى مناطق أخرى أكثر أماناً..
أحد المؤرخين الكبار جورج شيلينكو (Georges Tchalenko) الذي قطن في البوشرية، كتب عن المدن المسيحية المائتة في شمال سورية .. والمسيحية لم تدمّر ما سبق، بل توجّت بالقيم المسيحية الحضارات التي سبقتها..
ومسلك الموارنة بعد تكوكب الشعب حول الرهبان، تمثل بالعائلة..
الحكاية
لا يجب ان نقّلل من شأن الحكاية (mythe)، وهي تختلف عن الخرافة (légende) ، كما تختلف عن القصة، وأيضاً بخلاف الـ(Fabula)..
“الميتا” هي حقيقة، ولكن لا يستطع العقل فهمها، فكتبت بشكل مبسّط. مثلاً قصة الخلق، لم تكن بسبعة إيام.. وهي تبسيط للعمل الإلهي بقصة بشرية..,
لهذا السبب لا يجب الغاء بطولات يوسف بك كرم. او أبو سمرا غانم..
هذه الحكايات أسسّت لفخر وعظمة الشعوب، كما “رومولوس”، و”رموس” في تأسيس روما. تماماً كما أنّه لا يمكن الغاء من البيت صورة الجدّ، مؤسس العائلة.
يوحنا مارون
بعد الغزو العربي، كافة بطاركة الكنائس غير الموارنة لجأوا الى القسطنطينية، الموارنة بخلافهم توجهوا الى الجبال الى كفرحي، ومن ثم الوديان (الوادي المقدس)، والمغاور، فابتعدوا عن الطرق الساحلية..
وفي مارون كفرحي، انتخب الرهبان مار يوحنا مارون بطريركاً… فبطريركيتهم لم تأخذ فرماناً من السلطان. وسكنوا في الجبال، وكما يقول الأب بطرس ضو، “دركبوا” الحجارة على الغزاة في الساحل وفي السهل (البقاع).. فإضطرّ الخليفة إبن الوليد، دفع الجزية لإمرار جيشه..
التمرّد سمة الشخصية المارونية.. وكانت الجبال تحميهم، والبحر ملجأهم، فكان انتشارهم في الإغتراب عظيماً..
الحركات التأسيسية (actes fondateurs)
1- الحركة الأولى في مجمع نيقيا: أسسوا وساهموا بعقيدة أنّ مريم ام الله…
2- الحركة الثانية في مجمع خلقيدونيا: تباطحوا مع الآخرين، من أجل تثبيت أن ليسوع طبيعتين: طبيعة الهية كاملة، وطبيعة إنسانية كاملة.. فاختلفوا مع أصحاب الطبيعة الإلهية، وأصحاب الطبيعة البشرية، أو أصحاب الطبيعة المظهرية.. فهم من أسسوا التجسّد..
3- البطريركية، مع البطريرك يوحنا مارون.. وفرمان بطريركيته ليست من سلطان، بل من شعبه..
4- المدارس، وكان للموارنة فضل في سند الأمير فخر الدين الثاني، من أجل بناء دولة لبنان.
5- المجمع اللبناني في دير اللويزة، سنة 1736. وكان لهم الفضل في تعليم النساء. ويقول النص: كل أبٍ او أم لا يريد أن يعلّم ابنته، يؤتى به الى ساحة الكنيسة ويُضرب... ومن هنا جاءهم الرقي…. وسبقنا بذلك الثورة الفرنسية التي تحدثت عن الموضوع 1789.
6- مطبعة دير قزحيا : أتوا بها على البغال، ولم يضعوها على الساحل في البترون أو جونية.. حتى لا يأخذها الغزاة.. وضعت في وادي قزحيا، وبدأوا بثورة اللغة العربية، مع تخلّي العرب للغتهم باتجاه التتريك… فكانت النهضة العربية..
والمطبعة وصلت دير قزحيا، قبل أن تصل النمسا، وباريس، وروما.. ورغم وجود 400 سنة حكم تركي عثماني، لتخريب المناطق… ورغم حصارهم، جاء الموارنة بدود القز التي تعيش بين شجر التوت، وبدأوا ينتجون الحرير، وكان الحرير اللبناني أجود حرير وتفوق على حرير باريس والنمسا.. وكان اغنى حرير واجوده..
7- المدارس: انتشرت في كل لبنان وكل قرية بجانب الكنيسة، تحت كل سنديانة مدرسة.. وكان يوجد لكل دير ناسخ، من اجل نسخ المخطوطات، ووضع كتب الصلوات (الشحيمة)..
الإضطهادات
تنقّل البطاركة الموارنة بدءاً من البطريرك يوحنا مارون من قلعة سمار جبيل، وكفرحي، وصولاً الى بكركي، تنقلوا ما بين 21 مركز (مكان).. ورغم وجود القلاقل والثورات بالداخل، كانت الإضطهادات من الخارج على الدوام..
- البطريرك ارميا العمشيتي تمّ حرقه في طرابلس، وهو قد سلّم نفسه ليفتدي شعبه..
- البطريرك حجولا..
- البطريرك الحدشيتي..
- البطريرك الدويهي..
- بطاركة آل رزي، والسمارنة (باسيل)..
ورغم كل ذلك، تعايش الموارنة مع الجميع؛ مع الدروز، مع الشيعة، مع السنة.. فيما لا يوجد ضيع فيها دروز مع شيعة..
والغزوات ضدّ الموارنة على جبالهم، كانت سياستهم الحرق.. والغزاة على مرّ التالريخ كانوا يخشون المرور في الجبال.. لم يغزي جبال لبنان أي فاتح، باستثناء ارتحششتا عبر الجبال أيام الفرس، وكذلك الرومان، عبدّوا طريق طرابلس – اهدن – البقاع.. ولكن أحدا لم يسكن الجبال، فكانت الجبال أرض حرية، وأرض تنوع، وتعدد على الدوام..
مات من الموارنة في الحرب العالمية الأولى أكثر من 200 الف جوعاً، لأنهم لم يخضعوا.. وأثناء الحرب العالمية برع:
- البطريرك الحويك، وكان له الفضل في تأسيس لبنان الكبير المتنوع، لا لبنان الصغير المقوقع..
- الأب غناطيوس التنوري، الذي رهن كل ارزاق الرهبنات المارونية لفرنسا، من اجل إنقاذ الشعب.. وعندما ذهب الى فرنسا لدفع الرهونات، (يفكّ الرزق) قالله رئيس فرنسا: مش رح نخلي الرهبانية المارونية اكرم من دولة فرنسا، خدمتم شعبكم..
- المطران بولس عقل.. ويوسف البواري اشتغل مع البواخر الفرنسية لجلب المعونات للشعب..
المؤرخ كمال الصليبي، يقول عن الموارنة: خلقوا حق الإنسان في الحرية.
الشاعر لامارتين: إذا اردت ان ترى البساطة، والحب والطهارة، اذهب الى الموارنة.
الأباتي بولس نعمان يقول: هذا الشعب ليس فقط تيار لاهوتي، هو أيضا تيار ثقافي، وتيار وطني..
الموارنة مستمرون مع إخوانهم الدروز في الشوف، وفي النبطية مع أهلنا الشيعة، وببيروت مع أهلنا السنة..
الموارنة يعني 4 أمور:
- القداسة (القديسون شربل، رفقا، نعمة الله، اسطفان، يعقوب، بونا أنطون…)
- الثقافة والحضار، كما الشعراء والكتاب والفلاسفة
- العيلة، والأمانة للبيت
- لبنان – الأرض.. ممنوع الهجرة، ومجد لبنان أعطي لهم
أمّا المخطوطات عن الموارنة، فقد كتب عنهم: البطريرك الدويهي، المطران يوسف الدبس، ميخائيل غبرئيل الشبابي، الأب يواكيم مبارك، الأب ميشال حايك، المطران ناصر الجميل. الاباتي بولس نعمان، الأب بطرس ضو، فؤاد افرام البستاني، كمال الصليبي…
رصد Agoraleaks.com