صفحة جديدة طُويت وبدأ الأمل بعهد مختلف.. انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية من نواب مدّدوا لأنفسهم مرتين متتاليتين حتى لا ينتخبوه أمرٌ لا يسرّ طبقة حاكمة منذ ما قبل الطائف،
المطمئن بالموضوع أن الدولة اللبنانية حالتها مزرية، وهي بحاجة إلى صدمة – زلزال في تغيير النهج الحالي القائم على المحسوبية والحصص وعقلية الزواريب والكيدية، لصالح المواطَنة الحرة المؤمنة بصيغة لبنان لا يقوم الا بجناحيه المسلم والمسيحي..
عن آفاق وآمال المرحلة العتيدة، والعثرات والمطبات التي يمكن أن ينزلق فيها عهد الجنرال عون، جريدة “الثبات” حاورت وزير السياحة السابق فادي عبود، وكان هذا الحوار:ينطلق الوزير عبود من أهمية المثابرة والصمود للإشارة إلى تحقيق الأهداف، معتبراً أن دلالات انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية تتجاوز تعابير يطلقها محبّوه حول تحقيق الحلم، يقول: إرادة الشعب اللبناني اليوم تريد الإصلاح والتغيير، وتاريخ الجنرال عون وشخصه واسمه لا يشوبهم شائبة.
برأي عبود، حاجة المجتمع إلى تغيير من حجم الجنرال عون، ضرورية لإيجاد دينامية دافعة للعهد الجديد، لكن بدءاً من اليوم الذي تلى انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، “انتهت السكرة واجت الفكرة”؛ نضالنا الذي طال لسنوات باتجاه التغيير والإصلاح يجب عدم الاستهانة بالمجهود المطلوب فرضه، يقول: لدينا فترة سماح 100 يوم لتتلمس الناس وجود تغيير ما، ولتشعر كافة شرائح المجتمع بمعالجات حول قضاياهم الحياتية والاقتصادية.
يشير عبود إلى استبعاد مزمن لفريق العماد عون عن الوزارات الاقتصادية، على اعتبار أن الفرقاء الآخرين مُلمّون أكثر من تكتل التغيير والإصلاح بتلك الأمور، فيما ما هو واضح أن السياسة الاقتصادية والمالية المتبَعة منذ ما بعد الطائف وما بعد 2005، ليست على ما يرام.
يضيف عبود: أي اقتصاد سيزدهر، والنهج المتبَع هو المزيد من المحاصصة، والمزيد من الإحتكارات، والمزيد من الفساد والعمولات؟ اليوم لم يعد ممكناً اتباع سياسة “الترقيع” في لبنان، لهذا السبب برأيي سيكون لدينا خارطة طريق واضحة المعالم.
تغيير العقليات
يأمل عبود تجاوز العراقيل التي ظهرت مضي البعض بـ”الحرتقات” الصغيرة كما حصل أثناء جلسة انتخاب الرئيس، يقول: تذاكي الأغبياء تجاوزناه، فرحتنا انتهت، حالياً، المطلوب من الأفرقاء السياسيين أن يعتادوا على وجود رئيس للجمهورية فاعل، وليس “باش كاتب” كما تعودوا عليه. اليوم أصبح للبنان رئيس للجمهورية بكل ما للكلمة من معنى، ولديه رأيه وموقفه، والإصلاح الذي ينادي به ليس كلاماً إنشائياً.. الأمر جدي بالنسبة إليه، ولهذا السبب أعوّل علىاعتياد الفرقاء السياسيين على فكرة وجود شريك على طاولة مجلس الوزراء،فكيف إذا كان مدعوماً من شعبية واسعة على الأرض؟
يشرح عبود رؤيته للمرحلة المقبلة قائلاً:لا يظنن أحد أنه يوجد قرار واحد سيُتخذ داخل مجلس الوزراء لن يكون بموافقة رئيس الجمهورية.
“البقرة الحلوب” في العناية الفائقة
الموضوع الأهم بحسب الرئيس السابق «لجمعية الصناعيين اللبنانيين» هو الاقتصادوالشفافية، لأن التزام الرئيس عون بنهج “النزاهة” الذي يطالب به، بحاجة إلى توافق جميع القوى السياسية عليه..الجنرال عون لا يمد يده على المال العام، ويريد تحسين البلد والاقتصاد، هل ياتُرى ستنتقل العدوى إلى بقية الأفرقاء السياسيين؟ هذا ما يجب انتظاره، وهذا ما نأمل به..
يعقّب عبود على حديثه قائلاً: برأيي، عدوى الشفافية والنزاهة ستنتقل إلى العديد من الأفرقاء السياسيين، لأن الجميع يعلمأن “البقرة الحلوب” انتهت، وهي على وشك الموت، وفي العناية الفائقة، والمؤشرات الاقتصادية المحلية والدولية تتطلب منا عملاً نوعياً أشبه بالعملية الجراحية للعودة بالبلاد عن الخط الأحمر الذي تجاوزناه.
وللتحسين من وضعية الموازنة، يجب تنفيذ موازنة، ويجب الإقرار بالتنقيب عن النفط، والفلتان الضرائبي يجب تنزيله لأنه يتجاوز 50% من الحركة التجارية الحاصلة في لبنان، ومن دون الـ”TVA”.. وعلى سبيل المثال،رسوم مرفأ بيروت التي تتجاوز 52 مليون دولار سنوياً لا يتم إدخالها إلى خزينة الدولة، ويتمّ صرفهم اللجنة المؤقتة لإدارة الاستثمار مرفأ بيروت، والرقابة عليها لاحقة لا سابقة.
يتوقف الوزير عبود عند تلك المسائل الاقتصادية، ليشير إلى حجم ترهُّل الإدارة اللبنانية، برأيه، المواضيع الاقتصادية شائكة في لبنان، لأنها على علاقة مباشرة بمصالح السياسيين.. ولهذا السبب اللبنانيون في العهد الحالي يطلبون تلمُّساً في التغيير؛ يريدون كهرباء وماء وضمانات اجتماعية، وحلولاً لمشكلة النفايات، وغيرها من المسائل، وفي لبنان يمكن تحسين الوضع بكافة هذه المواضيع شرط تحرير القطاع الخاص ليكون شريكاً في عمليات الإنتاج والإدارة،إلى جانب الدولة.
يشير عبود إلى أن احتكار الدولة لملفات حيوية،كالكهرباء والماء، والإنترنت والاتصالات، وتدوير ومعالجة النفايات، في ظل إدارة عامة مترهّلة يعيق عملية الدفع باتجاه التغيير المنشود، يقول: الناس اليوم تريد تغييراً تلمسه في هذه الملفات، وهذا هو التحدي الأكبر للعهد الجديد الذي بدأه العماد عون.
في السياسة، يتمنى عبود توافقاً سياسياً على التغيير، لأنه ليس شعاراً يملكه أي من القوى السياسية، يقول: هناك ضرورة قصوى له ليبقى البلد قائماً وقوياً.. الثورات في الاقتصاد غير ممكنة،ففي الاقتصاد نحن بحاجة إلى إرادة طيّبة من السياسيين، لنتمكّن من تحسين الوضع.
يؤكد عبود أن الاقتصاد ليس ترفاً يمكن التغاضي عنه، إنه عصب الشعوب والدول.. وكل عائلة وبيت معني بها، لهذا السبب المطلوب حماية المستهلك لأنه معني به كل عائلة، يقول: أن تذهب إلى محطات الوقود لتملأ سيارتك بتنكة بنزين، فبدل أن يضعوا بخزان الوقود 20 ليتراً يضعون لك 19.5 ليتراً أمر حيوي.. التخبط بموضوع “الزبالة” يمكن تجاوزه، إن أعطت الحكومة الشروط العملية المطلوبة، سواء فيما يخص المطامر أو التفكك الحراري، والشروط البيئية.. نعم، المطلوب فتح المجال للبلديات للعمل أكثر، كما للأقضية والمحافظات، وللقطاع الخاص، لأن بإمكانه فعل الكثير.
يشدد الوزير عبود على تجاوُز ترف تضييع الوقت، لأن النمو والمشاكل المالية على حافة الهاوية، وبالتالي لا يمكن في كل عام تصحيح جدول ميزان المدفوعات بالطريقة المتبعة، رغم جهود البنك المركزي الإيجابية، وبرأيي، الإصلاح لن يكون مجدياً إلا إذا بدأناه من الاقتصاد.