– ترامب “برداية” خفية لتنفيذ أجندات معينة…
***
بول باسيل – انتصار لبنان على الإرهاب والتهدئة السياسية الواضحة فيه معرَّضان لاختراقات بأية لحظة لتحسين الشروط الأميركية في المنطقة.. لا ترف يملكه القادة السياسيون في لبنان، لكن عليهم النهوض بالبلد ومعالجة قضاياه.. حركة الناصريين المستقلين – المرابطون ستخوض المعركة الانتخابية مع حلفائها بقوة في كل المناطق بثوابتها الوطنية..
جريدة “الثبات” التقت العميد مصطفى حمدان في مكتبه، وإليكم الحوار:
يرفض العميد حمدان السير بمنطق التهليل بفوز محور على آخر في المنطقة، أو حتى في لبنان، ورداً على سؤال عن انتصار المحور الذي فيه ناضل، وعما إذا كان مرشحاً للانتخابات النيابية، يقول: من المُبكر جداً الحديث عن انتصار خطنا، ما زلنا في خضم المعركة، فرغم وجود إنجازات هامة جداً حصلت على الساحة السورية، ورغم أن لبنان ليس “دولة فيجي” بالمحيط الهندي، وطبيعي جداً أن يتفاعل مع محيطه، فما حدث في سورية ويحدث من تقدم لمشروع ضرب الإرهابيين بمختلف مسمياته، وإن انعكس حتماً على لبنان، لا أؤيد عبارة “النصر” لمحورنا، رغم الإنجازات الهامة، فالنصر النهائي لم يكتمل بعد.
يضيف حمدان: نحن ما نزال في خضمّ المعركة التي نخوضها على الصعيد القومي العربي في سورية، وبعض المواضيع اليوم شائكة أكثر مما يجري في القدس.. وفي الداخل اللبناني أيضاً لم نُحقق الانتصار على المشروع الذي بدأ منذ عام 2005 مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، واستخدام دمائه في سوق النخاسة الدولية، لضرب المقاومة وتحجيم قدراتها، وهذا ما لم ينجزوه، كون مقدرات المقاومة تعاظمت..
نسأله عن موقعه داخل التحولات التي شهدتها الساحة السُّنية، يشدد حمدان على أمر واضح: صحيح أن بيئتنا الأكبر الحاضنة لنا هي الواقع السُّني، لكن لا ننطلق بأي عمل وطني من منطلق مذهبي، وفي الانتخابات المقبلة سنخوض المعركة كوننا لسنا كشافة، ولا دفاع مدني، فنحن حركة سياسية مناضلة، ولدينا تاريخ وإرث لن نفرط بهما، وسنخوض الانتخابات استناداً إلى هذا القانون، بالتحالف مع قوى وطنية أخرى ليست بمذهبية.
الواقع السُّني
برأيه، الدولة المُديرة في لبنان في مرحلة ما بعد عام 2005 كانت المملكة العربية السعودية، واليوم تعيش هذه الدولة حالة ارتباك واضطراب على صعيد من سيتولى الحكم فيها.. فهل سيستلم محمد بن سلمان الحكم أو لا؟
يتابع حمدان مقاربته للواقع السُّني: هذا الواقع ينعكس بقوة على رئيس الحكومة سعد الحريري، سيما أن ما جرى له من احتجاز في السعودية أثر عليه كثيراً، لأن مشهدَي الغدر والخيانة اللذين نفذهما رئيس “القوات”، واللواء ريفي؛ المنشق من أضلع عائلة الحريري، كان بالغَين بالسوء والتأثير السلبي، ونراه اليوم مع الأسف يتطاول عليه تحت مسميات كثيرة.. يعقب حمدان على كلامه: لستُ من مؤيدي بيت الحريري، وتاريخي يشهد على ذلك، لكننا في الوقت عينه نحزن لانعدام الأخلاقية السياسية في بلدنا..
يعتبر حمدان أن ما حدث مع عائلة الحريري أعاد الالتفاف الشعبي حول الرئيس سعد الحريري، لأنه في العموم اللبناني السُّني كما اللبناني المسيحي والشيعي والدرزي ومختلف أطيافه، لديهم كرامتهم، ومتى مُسّت من الطبيعي أن ينتفضوا لها ويقوموا بردات فعل، وما حصل مع الحريري من احتجاز وإهانات في فندق “الريتز” أعادوا العطف إلى شخصه، ونحن كـ”مرابطون” من الطبيعي أن نؤيد عودته إلى لبنان، كونه رئيس حكومة لبنان، وبرأينا هذا الالتفاف الوطني شكّل نوعاً من التماسك الوطني، وموقفنا هذا ليس عملية تغيير بالحسابات والقناعات، فنحن على الدوام متمسكون بثوابتنا الوطنية القومية العروبية الناصرية.
نسأله عما إذا كان مرشّحاً شخصياً باسم “الحركة”، يقول: عَمِلنا مع هيئة التنسيق لتطبيق القانون الانتخابي على صعيد الدائرة الوطنية الواحدة، من خارج القيد الطائفي، استناداً إلى المادة 95 من الدستور، مع المحافظة على المناصفة، لكن مع عدم إقرار تلك المبادئ، بعض الأحزاب الوطنية أرادت خوض المعركة من منطلق “الواقعية السياسية”، وهذا ما لا نؤيده، كون كل التجارب السابقة لم تؤدِّ مُبتغاها..
لا للترف
يُشدد حمدان على أن لبنان لا يملك ترفاً في تبديد حالة التهدئة التي ينعم بها لبنان، يقول: ثباتنا على ضرورة مجيء الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى يعود لاعتبار أن هذا الشخص، كما تياره، أثبتا بالتجربة العملية أنهما بالرؤية الاستراتيجية في المكان والزمان الصحيحين، وبالتالي شخصية بمقام الرئيس عون في القصر الجمهوري – برأينا – ثروة وطنية أولاً، وثروة على الصعيد المسيحي المشرقي ثانياً، لكن هذا الإنتصار مرحلي مؤقت، والدليل على ذلك صب التهجمات عليه وعلى التيار منذ اليوم الأول، فالشخص لا يملك عصا سحرية، ونحن نعرف أنه من يهاجمه من منافسي ترشحه، هذه قدراتهم، ونحن هنا لا نريد فتح باب السجالات.
برأي حمدان، التسوية الرئاسية بما تضمنته تدل على عدم وجود فوز لفريق على آخر، وبالتالي المرحلة ما زالت دقيقة وخطرة، “ومثلما نرى الاشتباك حاصل بين رؤية عون التي نثق بها والعرقلات واضحة، فلا هو قادر على تطبيقها، كما أن الآخرين لا يستطيعون العمل وفق أهوائهم، لذلك حالة الستاتيكو تتقدم ببطء باتجاه ما يحكي عنه الرئيس عون”.
ويشير حمدان إلى حالة الوضع الأمني الملتهب في المنطقة منذ سنوات، ليقول إن تمرير تلك الأحداث يجب أن يكون بأقل الخسائر الممكنة، رغم احتلال مناطق حدودية من مجموعات مسلحة، وتفجيرات إرهابية بمناطق مختلفة، مع ما رافقها من تدخل “إسرائيلي” خفي ومنظور.. فاليوم برأيه رغم الانتصار الروسي – الإيراني – السوري على جبهة الاستقرار ووحدة الأراضي السورية، مجئ الرئيس ترامب إلى الولايات المتحدة الأميريكية تكشف أنه “بِرداية” للقوى الخفية المحركة، والتي تكنّ العداء لجميع الشعوب في المنطقة، وبالتالي نحن لسنا متوجهين إلى إجراء صفقة في المنطقة، رغم القرار الروسي النهائي أنه لا تراجع عن المكتسبات في دمشق، لأنه بتراجعهم في دمشق وعن هيكلية النظام الحكم في سورية ستكون له انعكاسات خطيرة في موسكو قبل المنطقة.
المشهد الإقليمي
يعتبر حمدان أن ضبابية المشهد، لاسيما في السعودية على مستوى الحكم، وتحريك ملف القدس لتحريك أكثر من ملف عربي، هدفه تخفيف شروط الهزائم التي مُنيت بها الولايات المتحدة الأميركية بالمنطقة وسورية، يقول: مع اندحار مخططهم بخصوص أكراد سورية، وتراجع نفوذ زعيم “الإخوان المسلمين” أردوغان في تركيا، وعودة اللاجئين إلى سورية لوقف عمليات استغلالهم السياسي، يسجَّل انتصار كبير لسورية وشعبها.. ومن هنا يأتي تمني حمدان للقادة اللبنانيين عدم الأخذ بمقولة “خلصنا – زمطنا”، يجب العودة إلى حالة الحذر الشديد، لأنه يُمكن خربطة الوضع برمته من حادث صغير ليتحوّل الى مشكل كبير بالمنطقة، وفي حينه سيُدخلون لبنان مجدداً ضمن أجندات تحسين شروط الولايات المتحدة الأميركية في الإقليم، و”ليُفهم ما أقوله جيداً؛ خذوا دولة إيران بما تملكه من فائض قوة مثلاً، ألم يستطيع الفريق المعادي من أميركي و”إسرائيلي” تنفيذ عملية اختراق بالشغب..؟
ورداً على سؤال عن الأزمات التي لا تنتهي في لبنان، يقول حمدان منهياً حديثه: مادام كل واحد يُفسّر الدستور على هواه، وفي ظل وجود ثغرات واضحة في اتفاق الطائف، وكل مادة يُمكن قراءتها بعدة أوجه (حمّالة أوجه)، برأيي بات الوضع يتحمل مسألة تعديله، ولنعمل سوياً على تجاوز أزماتنا.
المصدر: الثبات
لقراءة الخبر من المصدر (إضغط هنا)