أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


رسالة إلى فخامة الرئيس العماد عون كتبتها من سبعة آلاف عام

رندلى جبور –

فخامة الرئيس العماد ميشال عون،

هذا خطاب عاجل إليك. كتبته من سبعة آلاف عام وخبّأته لسبعة آلاف عام.

هذا خطاب عاجل إليك، كتبته فوق صفحة من شلح أرز تجاور والخلود.

خطاب كتبته بالحلم والخيبة، بالألم والأمل، بالبسمة والدمعة، بالنصر والهزيمة، بجناحي طير وسلسلة قيد، وتوّجته بإكليل غار وإكليل شوك.

كتبته بكل تناقضات السكون والصخب ولكنني ما كتبته يوماً بغير الكرامة والعز والإباء.

فرسالتي هذه كتبتها مذ كنت محارة أرجوان على شاطئ فينيقيا ذات فجر من صباحات الحضارة… كتبتها يوم غرّبت أوروبانا لتشرق تاريخاً في مغرب الأرض… كتبتها يوم قدموس غرس مجزاف نوره في يمّ حالك الظلمة وحالك الجهل…

فخامة الرئيس العماد ميشال عون، رسالتي كتبتها يوم بعثتُ أبجدية خالدة على جنبات ناووس، ومن الموت إلى رفعة الخلود.

كتبتها يوم صورُ الولاّدة لا يتسع لإشعاعها حدّ فيمّمت شط قرطاج، ابنة المجد.

كتبتها يوم الكرامة خنجر تغرزه إليسار بنت وطني في قلبها فوق نار العز فيضحي الموت رماداً والرماد انبعاثاً.

كتبتها يوم أدونيس جرحٌ نازف بين أنياب خنزير الجهل والتخلف، يزهر في ربيعنا الآتي شقيقة نعمان ونهر خلود لا ينضب.

 

فخامة الرئيس،

هذه رسالتي إليك، كتبتها يوم سمَت بيروت أماً للشرائع، ترشد الكون على حقوقه.

كتبتها يوم حَبِل الحجر في بعلبك فولدت الشمس على أدراجها.

كتبتها يوم الغزاة كلٌ يلملم حقائب رحيله، وخلفه تهرهر لوحة فوق صخر ذاك النهر.

كتبتها يوم خطا السيد المسيح أولى خطواته نحو السماء، نحو الله الآب من بوابة قانا، الاعجوبة الاولى والإنجيل الأول وكلمة الحق الأولى.

كتبتها يوم ارتفعت المآذن تصدح أن حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على الحق والتسامح.

كتبتها يوم المعني الكبير أمير يبذر حلم لبنان الكبير نصراً عند سفوح عنجر، ويوم صار البوسفور سكة الرحيل إلى المنفى، وأمواج الظلم تتحطم على صخرة الكرامة.

كتبتها يوم الشهابي البشير، لحية الوقار والعزة، تنحني أمامها كل شنبات الصغر.

كتبتها يوم يازجيّ وشدياق وخازنيّ يشيدون للمعرفة والعلم والكلمة الحرة صروحاً.

فخامة الرئيس،

كل يوم في روزنامة هذا الوطن الصغير الكبير صفحة من رسالتي إليك.

كتبتها يوم المنجل بيد طانيوس شاهين يشق سماء الإقطاع لتسمو سنابل الزنود الكادحة.

كتبتها وفوق جواد التمرد للحق يوسف بك كرم يسير نحو الغد ليسلمك راية العز.

كتبتها يوم جبران خليل جبران يختار أرضنا وطناً له فينزله وطننا نبياً لهدى العالم.

كتبتها، يوم الكلمة والقلم معلقان على أعواد مشانق، فاتسعت بهما ساحة الوطن، ساحة الشهداء.

كتبتها يوم “لبنان إن حكى”، حكى بلغة معلمنا سعيد عقل، مهندس حضارتنا وتاريخنا.

كتبتها يوم الأرزة توسّطت دم الشهادة ليرفرف علم الثاني والعشرين من تشرين الثاني.

كتبتها يوم أشهرنا إيماننا أن لبنان يونس الإبن ووديع الصافي هو “قطعة سما”.

كتبتها كلما انفتحت ستارة وانسدلت على مرسح عاصي ومنصور لنسكن الحلم في حنجرة فيروز.

كتبتها يوم فؤاد شهاب يرفع الدستور إلى منزلة المقدس فكان الكتاب أب ممارسة السلطة.

كتبتها يوم بحّ الزمن في حنجرة صباح وهي تدلّعه “يا لبنان دخل ترابك”.

كتبتها يوم زكي ناصيف صرخ متنبئاً أن “راجع يتعمر لبنان” ويوم ملحم بركات يقدّم عقارب ساعته مستعجلاً موعده مع أرضك يا بلدنا.

كتبتها وأفواج الدفاع بقيادة عميدها تتحول إلى لواء نخبة الجيش اللبناني.

كتبتها وصرخة “الأمر لي” صدى لحلم آت… كتبتها يوم المدفع يشق درب التحرير… كتبتها يوم الشهداء زرع في رحم الثالث عشر من تشرين، يسيرون بخطى الشرف والتضحية والوفاء مروراً بمخاض التحريرين فجر العامين 2000 و2005.

كتبتها في السابع من آب تحت سيل من ماء مكافحة الشغب ومكافحة الشعب والوطنية يومها.

كتبتها في السابع من أيار يوم مطار بيروت الدولي سجاد أحمر وقلوب بيضاء في استقبال القائد العائد.

كتبتها على مذبح كنيسة مار مخايل وعلى درج معراب وفي وسط بيت الوسط.

كتبت وكتبت وكتبت وجمعت أوراقي صفحة تلو صفحة، قرأت تاريخ وطن معلّق بالأنجم وحين فتشت عن عنوان بريد، سمّيت تاريخ وطني “ميشال عون” ونظرت إلى داخل داخلي فوجدت العنوان التائه من سبعة آلاف عام… وجدتك حامي الحلم والتاريخ فاستحقيت أن أضع نقطة الوفاء على سطر الحرية!