– حقيقة الوضع الفلسطيني ( أمين أبوراشد )
***
نحن متعاطفون مع القضية الفلسطينية، ومع القُدس التي تحتضن مقدساتنا المسيحية والإسلامية، لكننا كلبنانيين دفعنا الأثمان خلال عقود من أجل فلسطين وما زلنا، وإن كنا لا نتمنى الأذيّة لأحد، لكن لا أحد يطلب منا النحيب على إصابة عنصر من حماس في صيدا، لأن وجوده في صيدا أو أية مدينة أخرى على الأرض اللبنانية هو خطأ، و”ساحة الحماس الكلامي في النضال” من لبنان، تؤذي لبنان ولا تخدم قضية الشعب الفلسطيني.
نحن نُدرك أن بعض قادة ما تُسمَّى القوى والفصائل الفلسطينية يسكنون في لبنان، لكن وسط الصراعات الفلسطينية – الفلسطينية على السلطة، والتي لا تنتهي، لا تمنعنا من استبعاد تهمة تفجير صيدا عن الفلسطينيين أنفسهم في مسلسل تصفية الحسابات الى حدود التصفيات بين هذه القوى، وحتى لو كان العدو الإسرائيلي هو المتَّهم الرئيسي في التفجير، لكن اليد التي دسَّت العبوة الناسفة في سيارة محمد حمدان هي حكماً غير إسرائيلية وقد تكون من أهل البيت الفلسطيني نفسه.
ومٌقاطعة مُنظمتيّ “حماس” و “الجهاد الإسلامي” لإجتماع المجلس المركزي الفلسطيني، الذي عُقِدَ يوم الأحد الماضي في مدينة رام الله، تحت عنوان “دورة القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين”، هذه المُقاطعة ليست مستغربة، نتيجة صراعات “القوى والفصائل”، لكن المُستغرب، أنه بعد مرور شهرين على قرار ترامب إعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وبعدما قامت قيامة الدول الغربية ورفضت القرار في الأمم المتحدة، إستفاق الفلسطينيون على قضيتهم وعاصمتهم!
وكما قال لهم إيهودا باراك يوم كان رئيساً لوزراء إسرائيل منذ عدة سنوات: ” نحن جاهزون للتفاوض ولكن، أنتم منقسمون الى قوى وفصائل، ولا ندري مع مَن نتفاوض، وإذا توافقنا مع مجموعة فصائل تُعارض فصائل أخرى”.
وهكذا يستمر الإنقسام الفلسطيني: لا في المواجهة العسكرية يتوافقون، ولا على سلطتهم المدنية موافقون، وأينما كانوا في الداخل أو في مخيمات الشتات، تُديرهم القوى والفصائل وتتقاتل فوق رؤوسهم، وباتت المخيمات، كل المخيمات، مناطق نفوذ يتقاتلون عليها، ويُطالبون العالم بالتوحُّد خلف قضيتهم وهُم على أصغر زاروب يختلفون، ثم يتصالحون، وسواعد بعضهم يتأبطون، ولجان متابعة يُشكِّلون، ثم يختلفون مجدداً ويتقاتلون!
هذه هي حقيقة الوضع الفلسطيني، ولا شأن لنا بها نحن في لبنان ولا يجب أن نكون ملكيين أكثر من الملك ولكن،
أن يطلّ علينا عبر قناة الميادين من دمشق، أحد مسؤولي “الجبهة الشعبية”، ويُعلن أن مقاطعة المؤتمر مُبرَّرة لأنه عُقِد في رام الله تحت سلطة الإحتلال، وكان يجب أن يُعقد في القاهرة أو الجزائر أو بيروت، فإن من حقنا أن نصرخ من بيروت ونقول:
“ما فينا يكفينا”، وإذا كان لبنان وطن المقاومة والإنتصارات، فهذا لا يعني أن يُقاوم وينتصر عنكم وعن كل العرب، وعندما تقررون تحرير فلسطين وإنقاذ القدس، وهذا غير وارد طالما أن كل فصيل يلعب دور العميل، عندها سيكون لبنان، كل لبنان، في طليعة مَن سوف يحررون فلسطين، وبانتظار هذا “الحُلم العربي”، دعوا لبنان وشأنه و”حِلّوا عن سمانا”…