انطلاقاً من ريفي حلب وحماة بدأ الجيش السوري والحلفاء عملية عسكرية باتجاه إدلب في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2017 والعين على مطار أبو الضهور العسكري.
العملية العسكرية انطلقت من 3 محاور في فترات زمنية متفاوتة، الهدف منها تشتيت الجماعات المسلحة المتصارعة فيما بينها بالأصل.
المحور الأول كان من جهة خناصر في ريف حلب الجنوبي، بينما يتخذ الجيش من أثريا – الشاكوسية جنوبي خناصر محوره الثاني، والثالث انطلاقاً من مواقعه في ريف حماة الشمالي الشرقي.
سير العملية العسكرية
لعل أهم ما يقال عن هذه العملية هي سياسة (التليين بالنار) نظراً للجهد المدفعي والصاروخي لا سيما الطيران الذي يستهدف نقاط وتجمعات المسلحين في محاور منطقة العمليات، ليتقدم الجيش بعدها من محور خناصر ويسيطر على عدة تلال وقرى أبرزها رسم السيالى وعبيدة. التقدم من جهة خناصر تبعه تقدم من ريف حماه الشمالي الشرقي والسيطرة على قرى وبلدات عدة متداخلة مع ريف إدلب الجنوبي الشرقي ليتم بذلك تأمين مَوطِئ قدم في ريف إدلب يترجم إعلامياً وعسكرياً ونفسياً بأن إدلب ليست خطاً أحمرا أمام الجيش السوري وحلفائه.
التقدم الكبير للجيش السوري والحلفاء في ريف إدلب وايقاع خسائر كبيرة بصفوف المسلحين في العديد والعتاد، كان له وقع سلبي كبير على الجماعات المسلحة حيث طغت على وسائل التواصل الاجتماعي عبارات الهزيمة ونداءات استغاثة وتسجيلات صوتية تدعو إلى النفير العام لصد التقدم، فضلاً عن تراشق تهم الخيانة، ليظهر أخيراً مسؤول “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة) المدعو “أبو محمد الجولاني” في صورة نشرتها مواقع تابعة للنصرة، قيل إنها لاجتماع طارئ للمجلس العسكري لمواجهة التطورات الأخيرة بريف إدلب، وتبدو على الجولاني علامات الهزيمة والاضطراب والتخبط، فالجيش السوري تقدم في عمق ريف إدلب الجنوبي الشرقي وسيطر على مساحة 650 كم2 بما فيها بلدة سنجار وقرى شمال شرق البلدة وثبت نقاط تبعد 11 كم، عن مطار أبو الضهور العسكري، لاسيما أن القوات المتقدمة من جهة خناصر تبعد 30 كم، عن المطار. والجدير ذكره أن هنالك تواجد لقوات الجيش السوري والحلفاء جنوب شرق بلدة الحاضر في ريف حلب الجنوبي تبعد عن مطار أبو الضهور حوالي الـ18 كم، وفي حال نجاح القوات المتقدمة من جهة سنجار بالوصول إلى مطار أبو الضهور والتقائها مع القوات المتواجدة من جهة الحاضر في المطار، يكون الجيش السوري وحلفائه قد أطبقوا حصارا عسكريا على جيب كبير تقدر مساحته بحوالي 3000 كم2 يمتد من جنوبي حلب عند بلدة بنان وصولا لريف حماه عند محور الشاكوسيه وحاصروا من بداخله من مسلحين .
أهم المراحل التي مرت بها محافظة إدلب بعد سيطرة المسلحين :
– 23 مارس/آذار 2015: جيش الفتح (وهو ائتلاف عدة فصائل تابعة للمعارضة المسلحة تفكك لاحقا) يعلن عن معركة بهدف السيطرة على إدلب، وبعد خمسة أيام استطاع السيطرة على كامل المدينة، وكانت ثاني مركز محافظة بعد الرقة خرجت عن سيطرة الجيش السوري.
– 9 سبتمبر/أيلول 2015: جيش الفتح يؤكد إحكام السيطرة على كامل إدلب (المدينة مع الأرياف)، بعد سيطرته على مطار أبو الظهور العسكري بريف إدلب الشرقي آخر تواجد للجيش السوري في المحافظة.
– نهاية 2015: فصائل المعارضة المسلحة في إدلب تدخل فصلاً يعتبر هو نهاية جيش الفتح، وكان من أبرز الأحداث التي شهدتها المحافظة ما يأتي:
1- بدأ جيش الفتح بالتفكك بعد إعلان فصيل جند الأقصى انسحابه منه، واتهام بقية الفصائل له بانتمائه لتنظيم داعش، وانتهى المطاف بجند الأقصى إلى استئصاله من إدلب، والسماح لبقية عناصره بالذهاب إلى مناطق سيطرة داعش.
2- انتهاء وجود جيش الفتح بعد إعلان هيئة تحرير الشام(جبهة النصرة) عن تشكيل إدارة مدنية لإدلب وإنهاء إدارة جيش الفتح لها.
3- شهدت إدلب مواجهات بين جبهة فتح الشام (النصرة سابقا، وقائدة هيئة تحرير الشام حاليا) وفصائل المعارضة المسلحة التي خرجت من حلب، وانتهت بانصهار عدد منها في أحرار الشام.
4- شهدت أيضا الفترة التي أعقبت خروج المعارضة المسلحة من شرق حلب، تفكك أقوى فصائل المعارضة، وهي حركة أحرار الشام، عندما انشقت قوة ضاربة فيها منضوية تحت اسم “جيش الأحرار” وانضمت إلى هيئة تحرير الشام(جبهة النصرة) التي شكلتها جبهة فتح الشام.
5- سيطرت هيئة تحرير الشام(جبهة النصرة) على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا والمناطق المحيطة به بعد مواجهات مع حركة أحرار الشام الارهابية .
– 15 سبتمبر/أيلول 2017: الدول الضامنة لمسار أستانا (روسيا وتركيا وإيران) تعلن توصلها إلى اتفاق يقضي بإنشاء منطقة خفض توتر في محافظة إدلب، وفقا لاتفاق موقع في مايو/أيار 2017. وجرى الاتفاق في ختام الجولة السادسة من مفاوضات أستانا بشأن الأزمة السورية.
– 17 سبتمبر/أيلول 2017: بعد اتفاق أستانا بأيام، تركيا تعزز قواتها قرب الحدود مع سوريا، والإعلان عن وصول رتل عسكري يتكون من نحو ثمانين ناقلة جند مدرعة تابعة للجيش التركي إلى الحدود مع سوريا
، وقد تمركزت القوات التركية في منطقة “المخيم القديم” القريب من مدينة الريحانية الواقعة على الجهة المقابلة لمعبر باب الهوى في ريف إدلب الشمالي.
– 7 أكتوبر/تشرين الأول 2017: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعلن أن محافظة إدلب تشهد عمليات عسكرية جديدة يقوم بها الجيش الحر بدعم من الجيش التركي، موضحا أن الجيش التركي سيقدم الدعم دون عبور الحدود إلى سوريا، هيئة تحرير الشام(جبهة النصرة) نددت وقتها بالعملية العسكرية التي تستهدف إدلب بدعم تركي روسي، وقالت في بيان إنها لن تكون “نزهة للفصائل التي وقفت بجانب الروس”. لتعود لمرافقة وحماية عناصر الجيش التركي التي دخلت إدلب ضمن مناطق خفض التصعيد.
-العالم-