حسان الحسن – ماذا يريد الاتراك في الشمال السوري وماذا ينتظرهم ؟
لا شك انه يوما بعد يوم تتعقد الامور في الشمال السوري من كافة النواحي الميدانية والديبلوماسية، وذلك لدرجة تتداخل معها وتتعدد الفرضيات المرتقبة، من المواجهة الشاملة بين قوى كبرى ، الى المواجهة الواسعة بين قوى اقليمية، مع احتمال ان يبقى الصراع محصورا تقريبا كما هو حاليا بين مجموعات مختلفة، تدعمها القوى المذكورة وبين الجيش العربي السوري مدعوما من حلفائه ، والذي لا شك ينتظره الكثير لتحقيق اهدافه في اعادة التوازن واسترجاع سيطرته على كامل الجغرافيا السورية.
ففي ضوء تناقض المصالح وتعدد “السيناريوهات” لدى الأطراف المحليين والدوليين اللاعيبن في الشمال السوري، من الصعب جداً فهم ما ستؤول إليه الأوضاع في المدى المنظور، إضافة الى وجود خطط ورؤىٍ، لكل فريقٍ على حدىٍ، وغير منسقة في ما بينهم، ما يؤدي حتماً الى التصادم ، برأي مصادر سياسية سورية. وتقول: “إن تخبط السيناريوهات أعلاه، سيولد الإنفجار لا محال”.
فالطرف التركي يبدو جلياً أنه يستغل علاقته الجيدة مع الروس، فيسعى الى تنفيذ مخططه الرامي الى إقامة منطقة تخضع لنفوذه في الشمال- الشرقي بأمرة المجموعات المسلحة التابعة له، لمنع نشوء “كونتون” كردي هناك، خصوصاً بعد ورود معلوماتٌ على لسان مسؤولين روس عن وجود تنسيق استخباري بين موسكو وأنقرة بخصوص عملية “درع الفرات” التي تقودُها تركيا في الشمال السوري.
وما يوحي بتفاهمٍ بين الطرفين المذكورين، هو غضُّ روسيا طرفَها عن التوغل التركي في شمال حلب لتحقيق حلمَ أنقرة بإقامة “منطقة نفوذ”، في المقابل التزمت الأخيرة الصمت إزاء العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري مدعوماً بالطائرات الروسية في أحياء حلب الشرقية.
ورغم إمكان حصول هذا “التفاهم الضمني”، غير أن مجريات الأوضاع لا تبشر بالخير، وتتوقع المصادر تصدي الجيش السوري لأي تقدم تركي في اتجاه مدينة الباب، وتأكيداً على ذلك بدت أولى المؤشرات، من خلال التهديد الذي أطلقه أحد القياديين الميدانيين لقوةٍ حليفة للجيش السوري، اعتبر أيّ تقدم تركي بمثابة تجاوز للخطوط الحمر، إضافة الى ورود معلومات عن إسقاط طائرات استطلاع تركية في الشمال، تضاربت المعلومات عن الجهة التي اسقطتها، ما اذا كان الجيش السوري أو المقاتلين الأكراد.
وعن إمكان عقد تحالف بين هذين الطرفين لمواجهة التوغل التركي، تستبعد المصادر هذه الفرضية، لأن هذا الأمر يجلب غضب الإرادة الأميركية، بالتالي يسقط “مشروع الكوريدور الكردي”، الذي بدأ بالأكراد بتفيذه، خصوصاً في مدينة القامشلي، حيث يجبون الضرائب وما شاكل من اعمال الإدارة الذاتية.
بالانتقال الى الوضع الميداني في الأحياء الحلبية الشرقية، تعمل القوات السورية على تحصين مواقعها في محيط المناطق الشرقية، كذلك تستمر في إحكام الطوق على المجموعات المسلحة، لدفعها على الاستسلام، والخروج، بحسب ما تؤكد مصادر ميدانية. وتتوقع أن يبقى الحال على ما هو عليه، أي يستمر الجيش السوري في تعزيز مواقعه وتشديد الحصار على المسلحين، مستبعدةً تقدم القوات المسلحة نحو حلب القديمة في المدى المنظور، لان ذلك يتطلب زيادة في عديد الوحدات المهاجمة، وغطاءً جوياً ودعم لوجستي كبير، وهذا الأمر غير متوفر راهناً، بسبب تعدد الجبهات على امتداد الجغرافيا السوري، ودائما برأي المصادر.
لاريب أن الوضع في حلب الشرقية معقد، بالاضافة للأسباب المذكوره، هناك وضع إنساني، يحول دون استعادة كامل الشهباء راهنا، وهو وجود عشرات آلآف المدنيين فيها، ما يشكل سبباً إضافياً لعدم تقدم الجيش نحوها، حفاظاً على أرواحهم، لأن المجموعات المسلحة تمارس مختلف انواع الترهيب بحقهم لمنعهم من المغادرة،ولم يتسن الا للقليل منهم الخروج.
أما بالنسبة للأهداف التركية التي أعلنها الرئيس رجب الطيب أردوغان، بأن قواته ستتجه نحو الرقة، بعد منبج والباب، تعتبر مصادر المعارضة السورية أن من المبكر الحديث عن الرقة، وان عزلها يتطلب تفاهماً أميركيا مع القوات الروسية الموجودة في تدمر المجاورة، قبل كل شيىء.
اخيرا … ومع التحسب لاغلب الاحتمالات والفرضيات، ولما ستؤول اليه الامور لناحية تضارب او تقاطع المصالح يبقى الصمود في الميدان الذي يظهره الجيش العربي السوري حاليا وبدعم متزايد من حلفائه العنصر الاساس في مواجهة كافة السيناريوهات الخارجية والتي اثبت حتى الان هذا الجيش قدرة استثنائية في مواحهتها .
المصدر: المردة