ميشال نصر-
قد تكون الحدود الشرقية بعد معركة «فجر الجرود» اصبحت حرة من اي وجود عسكري للارهابيين، وقبلها منطقة الحدود الشمالية بعدما نجح الجيش السوري في احكام قبضته على الجانب الجنوبي من النهر الكبير، الا ان قلة من اللبنانيين يعرفون ان المنطقة الوحيدة من الحدود اللبنانية – السورية بحيث لا تماس مباشر بين الجيشين اللبناني والسوري هي عند منطقة شبعا ـ بيت جن، والتي اعاد الحديث عن عزم الجيش السوري وحلفائه السيطرة عليها تسليط الضوء على هذه الرقعة الجنوبية.
واذا كانت غالبية المناطق السورية قد باتت «محررة» من الارهابيين، فان ما بات يقلق الاسرائيليين وبحسب تقاريرهم بعدما تيقنوا من بقاء الرئيس السوري، توجه النظام السوري مدعوما بحلفائه «الشيعة» باتجاه مناطق الجنوب المتاخمة للجولان والحدود الاردنية، حيث باشر الجيش السوري في بعض تلك المناطق عمليات تطويق لقرى صغيرة تمهيدا لاستعادتها، بعدما استعاد 70% من سوريا.
فإسرائيل تتابع بحذر، تضيف التقارير، الجهود التي تبذلها الحكومة السورية لاستعادة المنطقة الحدودية في الجولان من المسلحين، اذ بعد استسلام المسلحين شرق حلب، بدأ النظام السوري ممارسة ضغوط على القرى التي كانت خاضعة لسيطرة المسلحين في العديد من المناطق السورية، بما في ذلك منطقة هضبة الجولان.
فبعد حلب ودير الزور والرقة، تقول مصادر في 8 آذار ان النظام السوري مستعدّ الآن للقادم، الذي لا بد وان يفرض على إسرائيل التفكير مليا في سياساتها، وأن تتقبل الواقع الجديد وتتأقلم معه، ذلك ان الدخول الجديد للقوات السورية إلى هضبة الجولان سيعني تدريجيا المضي إلى وضع قواعد جديدة، مع استمرار الجيش السوري في جهوده لدفع المسلحين من النصف الجنوبي من الجولان، حيث تسيطر دمشق على المنطقة الشمالية، أمّا الجماعات المسلّحة فتسيطر على المنطقة الرئيسية من الحدود، من القنيطرة جنوباً.
ويكشف الجيش الاسرائيلي بحسب التحليلات المسربة عن كبار ضباطه ان المرحلة التالية، ستكون حتما في الجنوب على الحدود مع اسرائيل ومع لبنان حيث تأمل دمشق ان تستعيد السيطرة على الحدود مع لبنان في الجيوب المتبقية من الناحية الشمالية لجبل الشيخ، تمهيدا للتقدم جنوبًا، نحو الحدود في مرتفعات الجولان.
عملية لن يكون بالامكان اتمامها دون مشاركة فعالة من قوات حزب الله، لان الجيش السوري بقدراته الحالية لن يكون قادرا على إعادة الوضع على طول السياج الحدودي الى ما كان عليه قبل الحرب السورية عام 2011، اذ لن تكـون المواجـهات في تلك المنطقة سهلة، حيث توجد قوات تـفوق الـ 1500 عنصر من داعش، وعدد لا يستـهان بـه من مقاتـلي النصرة فضلا عن جيب بيت جن، الذي هـدفت المعركة الاخـيرة في بلدة حضر الى محاولة فك الحـصار عنـها، مبدية خـوفـها من عاملين اساسيين: الاول، عدم مشاركة الروس في تلك العمليات، والثاني، وجود امتداد لبعض تلك الجماعات باتجاه الصحراء الاردنية، وهو ما يخلق معضلة جـديـدة امام اسرائيل، وهو ما يظهر واضحا على مستوى القيادتين السيـاسيـة والعسكريـة في تـل ابيـب في ظـل وضـع تـكون فيـه اسرائيل بصفة «المتفرج» لا «المتدخل».
وفي هذا الاطار تكشف مصادر لبنانية مطلعة ان لا مخاوف من انتقال المسلحين من بيت جن باتجاه شبعا، نتيجة عوامل متعددة، اولا، فان الجيش اللبناني اتخذ كل الاجراءات اللازمة لحماية هذا الجزء من الحدود معززا من انتشار وحداته العسكرية في المنطقة والمدعومة بقطع مدفعية ومدرعات كافية لصد اي عمليات تسلل او تقدم باتجاه لبنان، الثاني، الطبيعة الجغرافية لتلك المنطقة التي تجعل من الصعوبة بمكان على المسلحين الانتقال الى الجانب اللبناني عند تخوم شبعا، الثالث، تغير المزاج الشعبي لدى سكان منطقة الشبعا التي اعتبرت سابقا بيئة حاضنة لجماعة الثورة السورية، علما ان العناصر الموجودة في بيت جن تابعة للجيش السوري الحر، رابعا، تبلغ المسلحين في بيت الجن عبر وسطاء انه لن يسمح لهم بإدخال جرحى او باللجوء الى لبنان في حال اندلاع اي عمليات عسكرية، بعدما كانوا رفضوا سابقا تحت ضغوط اسرائيلية مبادرة لبنانية للمصالحة مع النظام السوري.
الا ان المصادر دعت الى ضرورة الحذر والانتباه لانه لا يمكن الاطمئنان للجانب الاسرائيلي الذي بامكانه احداث بعض البلبلة في حال فتح الطريق لعناصر المعارضة من اراضيه باتجاه لبنان، وهو امر يبقى صعبا لعدة اعتبارات ابرزها الموقف الدولي، مبدية اعتقادها بأن الخلافات الموجودة بين الفصائل المسلحة في تلك المنطقة والمتناحرة فيما بينها كفيل ياسقاطها وهزيمتها في حال تعرضت لأي ضربات.
-الديار-