– لبنان دولة نفطية (حبيب البستاني)
***
إحفظوا جيداً هذا التاريخ 14 – 12 – 2017 إنه تاريخ تحول لبنان إلى دولة نفطية، مع كل ما يحمله ذلك من معان وأمل للبنانيين كل اللبنانيين، وذلك بغض النظر عن رأي البعض من الذين وقفوا حجر عثرة وحاولوا على مدى سنوات عرقلة هذا المشروع الحيوي الذي سينقل لبنان من بلد مدين يعيش على المساعدات، يغادره شبابه بحثا عن فرصة أو عمل، إلى بلد ينعم بالإزدهار يقصده الشباب والمستثمرين من كل حدب وصوب. فما الذي حصل وما الذي دفع بالجميع، وبكل القوى السياسية بدون استثناء، إلى اعتبار نفسها أم الصبي، الداعمة الأولى لهذا المشروع؟ وما الذي دفع البعض لتغيير موقفه المتحفظ والرافض والمشكك منذ سنوات، إلى القبول اليوم بنفس المشروع وبنفس الشروط، ألذي كان التيار الوطني الحر ووزرائه من أول الداعمين له؟
قد يتهيأ للبعض أن الظروف الإقتصادية والمناخات الإستثمارية قد تحسنت اليوم عما كانت عليه بالأمس، أو أن الأجواء الإقليمية قد اتخذت منحى نحو السلام في منطقة الشرق الأوسط وفي المنطقة كلها، أو أن الجدوى الإقتصادية قد ارتفعت، وبالتالي انعكست إرتفاعا ملحوظا في عائدات الدولة والخزينة في آن معا.
لقد كان واضحاً ومنذ بدء طرح هذا المشروع أن لبنان كان في سباق مع الوقت من جهة، وفي سباق مع الدولة العبرية من جهة أخرى، فالعدو الإسرائيلي الذي امتهن الإعتداء على سماء لبنان وعلى أرضه ومياهه، لن ينهيه أحد عن الإعتداء على نفطه وغازه وثرواته الدفينة، وهو سعى ويسعى لتكريس حدود بحرية متبعا سياسة القضم الذي انتهجها على حدودنا الجنوبية البرية.
لقد كان واضحاً أن عامل الوقت يلعب ضد لبنان، فبالإضافة إلى الخطر الإسرائيلي، كان الخطر الإقتصادي أدهى وأخطر، فمنذ أمد كانت أسعار النفط والمشتقات النفطية تتجه نزولا، وهذا ما يؤثر سلبا على اجتذاب الشركات من جهة وعلى المردود المالي من جهة ثانية.
لقد بات من شبه المؤكد أن تبؤ العماد عون كرسي الرئاسة قد قلب المقاييس لا سيما طريقة التعاطي مع رئاسة الجمهورية، وما كان يصح مع الرئيس العادي لا يمكن أن يمر مع الرئيس القوي، وما الأزمة السياسية التي مرت علينا وطريقة الحزم التي مارسته الدولة وعلى الأخص رئاسة الجمهورية إلا خير دليل أن اللعبة قد انتهت game is over وأن الذين كانوا يمارسون الترف السياسي في السابق، ويتجاهلون مصالح الناس والعباد ويعرقلونها، تارة بالبحث عن جنس الملائكة، وطوراً بالحديث عن شفافية هم براء منها، باتوا أعجز من رفع أصابعهم في مجلس الوزراء أوخارجه، وباتت مناوراتهم مكشوفة والناس كل الناس تعبت، إن لم نقل مجت منهم ومن ممارساتهم الغير مسؤولة.
إن الذي حصل من إيجابية في الموافقة السريعة على مشروع النفط وعلى تلزيم البلوكات البحرية الجنوبية، سينعكس إيجابا على مشاريع الكهرباء والمياه، وإن بعض المعارضين سيجدون أنفسهم معزولين، لا بل أكثر عزلة سيما بعد الذي حدث وما رافق عملية احتجاز رئيس الحكومة، والتي لعبوا فيها أدوارا أقل ما يقال فيها أنها ملتبسة، وذلك بغض النظر عن امتناع تيار المستقبل ورئيسه من تسمية الأشياء بأسمائها. فاللبنانيون كل اللبنانيين فهموا جيدا اللعبة التي كانت تستهدف ليس فقط الإستقرار الأمني والسياسي، إنما أيضا الإقتصادي ولقمة عيش المواطن.
*كاتب سياسي