– عن جنون جبران باسيل… صدّق… (جورج غرّة)
***
جبران جرجي باسيل وزير كل الحكومات، لا بل وزير كل الحقائب من وزارة الإتصالات الى وزارة الطاقة وصولاً الى وزارة الخارجية والمغتربين، حولها من وزارات عادية الى وزارات سيادية، ولكن مجده كان في الخارجية حيث حولها الى محط انظار كل السياسيين الذين باتوا يشتهون السكن في قصر بسترس القديم لقيادة السياسة الخارجية للبنان.
فور إستقالة الرئيس سعد الحريري من السعودية، شعر باسيل بأن أمور مريبة تحصل وحاول التواصل معه، ولدى فقدان الإتصال إنطلق بالحراك الى جانب نادر الحريري لكشف مصير سعد. ولدى إدراكه ان الأمور كبيرة جداً وان ما يحاك للبنان أكبر من استقالة الحريري، حرك هواتف قصر بسترس التي تواصلت مع سفراء لبنان في الخارج كما مع سفراء الدول في الداخل، ولدى ادراكه ان المخطط أكبر حرك هاتفه الخاص نحو وزراء الخارجية العرب والاوروبيين والغربيين، وكل وزير خارجية اجاب على الهاتف قال له “يريدون تدمير لبنان وقتل شعبه، وهناك مخطط خطير حيك للبنان بحرب إسرائيلية واغتيالات وأمور اخرى“.
عين جبران باسيل كانت على سعد الحريري، وقلبه ايضاً، لم يتوقف للحظة عن التواصل مع نادر الحريري لمعرفة كل تفصيل كبير أم صغير، كما ان باسيل كان من أول الاشخاص الذين ادركوا لعبة تدمير الحريري سياسياً واستبداله بشقيقه بهاء الحريري، وهو اكتشف الامر قبل ان يعلم به صقور تيار المستقبل حتى.
الحراك الديبلوماسي الذي أطلقه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع سفراء الدول في لبنان، أكمله باسيل على صعيد عال مع وزراء خارجية ورؤساء الدول، وفي كل مرة كانت تحط فيها طائرته في بلد ما كان يتصل بوزير خارجية البلد التالي ليقول له انه قادم نحوه لإنقاذ لبنان.
الوزير الذي لا يتعب ولا ينام، جال في 3 ايام على 8 دول حيث التقى رؤساء بعضها ووزراء خارجية بعضها الآخر، من:
- بروكسيل الى
- فرنسا
- وإيطاليا
- والفاتيكان و
- ألمانيا و
- بريطانيا و
- تركيا و
- روسيا
روى باسيل في كل واحدة منها حقيقة ما يحصل، ولم تقتصر جولته فقط على الضغط على السعودية لكشف مصير الحريري والافراج عنه، بل تخطتها الى الحفاظ على استقرار لبنان ووقف المخطط القائم لضربه. وافضل محطة في جولته كانت في باريس حيث اتخذ القرارات المناسبة واطلع الرئيس الفرنسي على الوقائع، ولذلك تحركت فرنسا وبدأت ضغطها، وباسيل لم يتفاجأ بأي قرار فرنسي لانه كان على اطلاع مسبق عليها، ولكنه تفاجأ فقط بإعلان الرئيس الفرنسي عن ان الحريري متجه الى باريس، لان الإتفاق كان يقضي بالتكتم على الحل.
باسيل وخلال جولته لم ينم سوى قليلاً في الطائرة، وعندما انتقل بالقطار من فرنسا الى بريطانيا كان يجري اتصالات لتحريك ملف تسجيل اللبنانيين المغتربين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، وبين هذا الامر وذاك كان يطلع نادر الحريري على نتيجة الاتصالات ويستمع منه على آخر التطورات الآتية من السعودية، كما كان يتواصل مع الرئيس ميشال عون لوضعه في صورة ما يحصل.
باسيل انهى جولته ووصل الى مطار بيروت، ولكنه لم يذهب لرؤية عائلته، بل اتجه الى عشاء هيئة بعبدا في التيار الوطني الحر حيث القى كلمة اكد فيها ان لا عيد استقلال من دون الحريري، وفي اليوم التالي لاقاه الحريري بموقف انه آت الى عيد الاستقلال للمشاركة، الأمر الذي عكس مدى إستمرار التعاون بينهما عبر الوسيط الدائم نادر الحريري كما اليوم عبر التواصل المباشر.
يمكن القول ان باسيل أنقذ الحريري من مصير معلوم، كما جنب لبنان طريقاً سوداء خطيرة، وبهاتفه وجولته المكوكية حول الكرة الأرضية طار باسيل من لبنان وعاد اليه، وبعد عمله مع الفرنسيين على الافراج عن الحريري، إستراح واطلق عمله على جبهة الخارجية لدفع اللبنانيين الى التسجيل للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، وحول مكتبه الى خلية نحل وكانت عينه على الشاشة التي تحصي عدد المتسجلين، والعين الأخرى على هاتفه الذي لم يفارق يديه لمتابعة كل الحراك السياسي والمرحلة السياسية الجديدة التي سندخل فيها.
جبران باسيل ليس وزير كل الحكومات، بل بات وزير كل المراحل والظروف، وبات رسام السياسة اللبنانية داخلياً وخارجياً.
المصدر: ليبانون فايلز
لقراءة الخبر من المصدر (إضغط هنا)