– تسليم القيادة لبهاء فرضية معقدة وغير قابلة للتطبيق
***
حضر او لم يحضر الى لبنان لتقديم استقالته، فان رئيس الحكومة «المغيب والحاضر قسرياً» مهما كانت الاسباب والظروف والضغوط التي مورست وتمارس عليه هو الفريق الاكثر احراجاً وهو اكثر من يعيش اللحظات السياسية المقلقة في تاريخه ومسيرته السياسية، وتيار المستقبل يشبه «رئيسه» تماماً يتأرجح ومشتت، لا هو عارف اي طريق يسلك بعدما أمسك الحريري بمفاصل المستقبل الى التسوية الرئاسية فاقترب المستقبل الى درجة كبيرة من الافرقاء والمكونات السياسية، ولا هو عارف هل يعود الى المواجهة السياسية والى الافتراق عن حلفاء الوطن ومن ارسى معهم تفاهمات وتموضعات سياسية على مدى اكثر من عام.
فالتيار الذي استجمع قواه بعد خروجه من السلطة في لحظات ضياع مخيفة لا تنفيها او تنكرها قيادات المستقبل وتعكسها مواقف هؤلاء التي يذهب كل منها في تحليله وفق منطقه السياسي ومقاربته لمواكبة الأزمة.
وعليه فان شائعات كثيرة تلاحق مصير التيار الأزرق، فثمة من رمى «قنبلة» تسليم القيادة لبهاء الحريري ليحل مكان شقيقه لكنها فرضية معقدة وغير قابلة للتطبيق وفق اوساط المستقبل حيث ان التيار تعود على العمل وحيداً في غياب رئيسه في السنوات الماضية وحافظ على رصيده الشعبي، والنظرية لا تصح قبل ظهور الحريري أصلاً وجلاء صورة ما تريده السعودية من لبنان ومن سعد الحريري بالذات، وثمة من يفضل التريث والتروي لهدوء العاصفة التي هبت من المملكة واستهدفت لبنان والى اين ستصل مفاعيل الرياح العاصفة السعودية وعليه فان الموقف السياسي الرسمي لكتلة المستقبل صار يشبه الى حد ما في وجوه كثيرة موقف بعبدا حيث المطلوب الانتظار وتبيان مصير الحريري، فرئيس الحكومة مهما حاول المستقبل المكابرة والرفض «مسلوب الارادة والقرار» ولو حضر الى لبنان او تنقل في العواصم الخليجية واجرى لقاءات سياسية مع رؤسائها.
وقراءة بيانات المستقبل يمكن فهم المضمون السياسي لموقف المستقبل، فالفريق الذي استنفر بداية معتبراً ان قرار الاستقالة ليس جديداً او مفاجئاً كون الحريري أحرج ومورست عليه ضغوط من المحور الإيراني ومن حزب الله ومن بعبدا بالذات عاد الى حد ما الى التهدئة وبلورة مواقف مختلفة، هذا ما تظهره على ألأقل «صمت « نادر الحريري والفريق اللصيق بالحريري، فيما ترك «مستقبليون» يغردون على هواهم مثل عقاب صقر ومعين المرعبي وجمال الجراح ومطلقين الصواريخ الكلامية وكأن ما يحصل في السعودية اليوم نتيجة طبيعية او بمثابة ردة فعل على ما حصل قبلاً.
الاكثر واقعية في فريق المستقبل وفق اوساط المستقبل ذاته «سلموا» بالأمر وواقع ان الحريري في مأزق كبير، وعليه اختفى نادر الحريري مهندس التسوية الرئاسية مع بعبدا عن السمع، بعبدا نفسها رغم بيان الحريري وكل الترددات «برأت» ولا تزال رئيس الحكومة من تهمة الانقلاب على التسوية والغدر، فالتصرف السعودي مع رئيس الحكومة من طريقة استدعائه الى البيان المذاع من مكان مجهول الى بقائه معزولاً عن مستشاريه وقياداته كلها مؤشرات تدل على امر غير ايجابي حصل مع رئيس الحكومة وانتج الحالة الراهنة من استقالة وغيرها، وتعترف اوساط قيادية في المستقبل «نعم سعد الحريري في وضع مقلق وهو في مأزق قد يطيح بمستقبله السياسي.. نحن خائفون ولكن بالسر». وتفسر اوساط المستقبل مواقف «المتشددين» في المستقبل الذين يدافعون عن إجراءات المملكة ويهللون لمواجهة مفتوحة وحرب بدون هوادة مع حزب الله بان هؤلاء القياديين مأمورون ايضاً ورهائن مثل الحريري نفسه وان كانوا يملكون حرية التنقل اكثر، فيما يرى الواقعيون ومن هم على اطلاع على تفاصيل معينة بان الحريري اقترب من النهاية السياسية التي رسمتها السعودية بنفسها «لرجلها القوي» في لبنان، وان الحريري «محتجز «ويتحرك ضمن ضوابط السعودية وهو يقف على مفترق خيارات ربما لا يريدها، فهو ان عاد الى بيروت ستكون عودته مختصرة وسريعة على غرار زياراته القصيرة الى البحرين ودبي، وإما سيكون مجبراً على البقاء في السعودية لادارة الأزمة اللبنانية كما يمليه السعوديون وبالتالي مجاراة الرغبة السعودية بمعاداة حزب الله وتفجير الساحة اللبنانية «بالريموت كونترول» وعن ازرار لا يتحكم بها إلا عن بعد وقد لا يتحكم بها ايضاً. وبالتالي فان العودة اذا حصلت ستكون الى قصر بعبدا وحده لتقديم الاستقالة فقط ولن يكون له لقاءات في بيت الوسط او تواصل مع احد بل سيقفل راجعاً الى منفاه القسري في السعودية ربما او الى اي مكان آخر يكون فيه مقيد الكلام والتعبير ايضاً.
وفي حين ان «جماعة السبهان « كما يطلق عليهم لبنانياً والذين يلتزمون كلام وزير الدولة السعودي ويرددون ويتبنون تغريداته وشطحاته صبحاً وظهراً ومساء بات واضحاً التزامهم حرفياً بما يملى عليهم من الوزير السعودي، في حين ان بيانات المستقبل معطوفة على صمت «آل» الحريري «النائبة بهية الحريري او احمد الحريري او نادر الحريري « تؤكد ان ثمة قطبة مخفية، ولعل موقف رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بحسب الاوساط يبقى سيد الكلام، فالسنيورة اكثر المتطرفين في نصب العداء لحزب الله واكثر المنزعجين من التسوية الرئاسية حتى اليوم والذي لم يلتزم الصمت يوماً يدرك في نفسه ان ما يتم حياكته من خيوط اكبر من لبنان ومن سعد الحريري وتحت وطأة هول الصدمة وابعادها.