صدر عن الدائرة الإعلامية في القوات اللبنانية البيان الآتي:على رغم دخول البلاد في مرحلة جديدة مع استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري كنتيجة حتمية لما كنا قد حذرنا منه مرارا وتكرارا بفعل الانحراف عن سياسة النأي بالنفس، إلا انه لا يمكننا التغاضي عما ورد في صحيفة “الديار” اليوم في المقابلة التي أجرتها الزميلة صونيا رزق مع النائب سامي الجميل الذي عاد وردد فيها تهجماته المعروفة على “القوات اللبنانية” بعد ان كنا حاولنا مرارا وتكرارا الدخول في نقاش معه لإبقاء العلاقة بين “القوات” و”الكتائب” على ما كانت عليه تاريخيا، وآخر هذه المحاولات كانت في زيارة الوزير ملحم رياشي للنائب الجميل مساء الخميس بتاريخ ٢ الجاري اي تشرين الثاني، ولكن، ويا للأسف، من دون جدوى.
وعليه، أصبح لا بد من وضع النقاط على الحروف وتوضيح بعض النقاط التي أثارها:
أولاً، إذا أحصينا مجمل مواقف النائب الجميل منذ حوالي السنة الى اليوم نرى انه هاجم “القوات” أكثر بكثير من مهاجمته السلاح او الفساد او أي شيء آخر، فيما هو يأتي لماما على هذه المواضيع، بينما لا يترك مناسبة إلا ويتهجم فيها على “القوات”، وهنا نسأل ما هي قضية النائب الجميل الفعلية؟ فلو كانت الوصول الى وطن تحكمه دولة قوية ووطن خال من الفساد ومن أي سلاح غير شرعي لكان ليس فقط وفر “القوات” في كل أحاديثه، بل كان اعتبرها حليفته الأولى، خصوصا ان مواقف “القوات” في مجلسي النواب والوزراء وآخرها جلسة الخميس الماضي برفض تسليم السفير اللبناني المعين في سوريا أوراق اعتماده تقدم أكثر من دليل على دور رأس الحربة للقوات في مسألتي قيام الدولة ومحاربة الدولة-المزرعة، ولكن، ويا للأسف، نرى ان أولوية النائب الجميل الانقضاض على “القوات”.
واذا أجرينا قراءة علمية لمواقف النائب سامي الجميل نرى ان محورها الأساس هو حقد دفين ينفسه في مناسبة وغير مناسبة على “القوات”.
ثانياً، يصنف النائب الجميل الناس على قاعدة من هم في الحكومة (حكومة تصريف الأعمال اليوم) ومن هم خارجها، ويعتبر من في الحكومة شياطين وخارجها ملائكة، وبمعزل عما يفعله هؤلاء او اولائك، يجب التوضيح ان النائب الجميل بقي خارج الحكومة بالصدفة وليس بقرار مبدئي كما يدعي ولسبب بسيط جدا انه لم يحصل على مطلبه بحقيبة الصناعة وطرح عليه ان يكون مجرد وزير دولة، وقاتل بشراسة من اجل الحصول على حقيبة الصناعة ولكنه لم يستطع الحصول عليها فقرر البقاء خارج الحكومة شأنه شأن حزب “البعث” والكثير من الشخصيات التقليدية البالية، فهل هذا يعني ان من هم خارج الحكومة أقرب الى النائب الجميل من “القوات” التي تقاتل في كل جلسة لتصويب الأمور ونجحت مرارا وتكرارا في الوصول الى ما ينادي به الجميل تحديدا فأصبحت، ويا للأسف، من الفريق المعادي ومن الذين يجب رجمهم على “الطالع والنازل”.
ومن ثم الكتائب شاركت تقريبا في كل الحكومات المتعاقبة منذ العام ٢٠٠٥ وآخرها حكومة الرئيس تمام سلام التي كانت تركيبتها وسياستها الداخلية والخارجية، التكتية والاستراتيجية ما دون آداء الحكومة الحالية على شتى المستويات السيادية والإصلاحية، فيما القاصي يعلم كما الداني الأسباب التي حالت دون مشاركة “القوات” في حكومة سلام على رغم الضغوط التي مورست عليها.
ثالثاً، يكرر النائب الجميل باستمرار ان “القوات” دخلت في تقاسم نفوذ وسلطة وصفقات، وهذا الاتهام باطل وظالم ومرفوض، إذ ان “القوات” لم تدخل يوما في هذه السياسات التي وجدت أساسا لمحاربتها وأدت في نهاية المطاف إلى شن حرب شعواء ضدها انتهت بحل الحزب، بينما الكتائب بقي في جنة الحكم يحكم مع سائر من سايروا سلطة الوصاية.
ولو كانت “القوات” كما يحاول الجميل توصيفها في إساءة موصوفة لكانت وفرت على نفسها كل ما تعانيه في الوقت الحاضر، بينما تجهد كل الوقت لمواجهة اي تصرف غير قانوني في الحكومة، ونجحت في أكثر من مكان وهي تدفع الثمن غاليا لمواقفها.
رابعاً، يحب النائب الجميل توصيف التسوية الرئاسية بالصفقة باعتباره لا يرى في الخطوات السياسية سوى الصفقات، وهذا يعبر عن جوهر تفكيره وممارسته، ولكن هذا لا يعني إطلاقا ان كل خطوة يقوم بها غيره هي صفقة.
لقد تناسى النائب الجميل ان البلد كان بحالة فراغ كامل في المؤسسات وكانت البلاد على شفير الانهيار التام، وكان قد وصل الجميع إلى قناعة بضرورة إنهاء الفراغ، وفي هذا الجو بالذات أقدمت “القوات” على خطوة جريئة فدعمت من كان خصمها التاريخي بغية إنهاء الفراغ والمساعدة في وصول رئيس أكبر كتلة مسيحية. فهل تلام “القوات” على هذا الموقف؟
خامسا، يتكلم النائب الجميل عن انه يفضل البقاء الى جانب الناس في الوقت الذي يتصرف فيه بشكل ينفِّر كل الناس منه، والدليل على ذلك نتائج كل الانتخابات الطالبية في كل الجامعات على الإطلاق، هذه الانتخابات التي كان من المفترض ان تكون لمصلحته نظرا لصغر سنه أولا وطروحاته الشعبوية ثانيا، بينما أتت كل النتائج لتعكس حجمه الحقيقي وهو لا يقاس مقارنة بكل الآخرين.
كنا نتمنى لو وفرنا على انفسنا كل جردة الحساب هذه، ولكن النائب الجميل أصر على ذر الرماد في العيون والتهجم على “القوات” والافتئات عليها وعلى تاريخها ونضالها واستقامتها وإنتاجيتها وكل ما فعلته بالفعل لا القول من أجل الحرية والسيادة والاستقلال، ويبقى ان نتمنى ان يعود النائب الجميل الى رشده ويوفر على اللبنانيين سجالات سياسية عقيمة لا تطعم خبزا ولا تروي غليلا.