عَ مدار الساعة


محور المقاومة لـ “إسرائيل”: الأجواء اللبنانية خط أحمر

حسان الحسن-

لا شك ان ما تواجهه سوريا دولة وجيشا وشعبا لا يبتعد كثيرا عن كونه حربا كونية، يخوضها على ارضها لاعبون دوليون واقليميون في سباق

واسع على النفوذ، والسبب ما تمثله سوريا من مكانة واهمية على الصعيد الاستراتيجي الدولي. فبالرغم من رجحان الكفة في الميدان لمصلحة الجيش السوري وحلفائه، خصوصاً في ضوء الإنجازات الميدانية الأخيرة التي حققها في محافظة دير الزور، وإستعادته السيطرة وتحرير منطقة القريتين في ريف حمص الشرقي وسواها، ورغم إنحسار وجود تنظيم “داعش” الإرهابي في بؤر جغرافية محددة في عمق الشرق السوري وبعض المواقع المحاصرة والضعيفة، لايزال توازن القوى الدولية قائماً على الأرض السورية، و ذلك يظهر من خلال توزع القواعد والمطارات العسكرية الأجنبية الموجودة على الأراضي المذكورة، وهذا التواجد يمكن تصنيفه الى قسمين : الاول قانوني شرعي، والثاني غير شرعي، وذلك على الشكل التالي :

الشرعي

التواجد العسكري الروسي : يرتكز على طلب رسمي من السلطات السورية، أو من خلال توقيع معاهدات عسكرية معها، كمطار حميميم، حيث وجود غرفة العمليات العسكرية الروسية في سورية، ومطار حماه العسكري الذي تستخدمه القوات الروسية أيضاً، والقاعدة البحرية الروسية في مرفأ طرطوس وسواها .

التواجد العسكري الإيراني : هو بطلب من الدولة السورية و غير محصور في بقعة جغرافية محددة، وتعمل الطائرات العسكرية الإيرانية المخصصة للنقل والدعم اللوجستي بين إيران والقواعد الجوية والمطارات السورية، وبين الأخيرة في الداخل السوري أيضا، كما يحدث راهناً حيث تتنقل الطائرات المذكورة بين مطاري دمشق ودير الزور على سبيل المثال لا الحصر .

غير الشرعي

التواجد الاميركي: تقيم الولايات المتحدة قاعدة جوية في مطار رميلان في محافظة الحسكة شرق البلاد، بعدما أهلته، وقبلها كان مخصصا لهبوط مروحيات رش المبيدات الزراعية، حيث النفوذ الكردي الآن، وقاعدة عسكرية أخرى في التنف على الحدود السورية – العراقية – الأردنية، وأيضاً مخافر أميركية واخرى تابعة لقوات أجنبية متعددة الجنسيات تحت غطاء التحالف الدولي لمحاربة الارهاب، وذلك في مدينة عين العرب، وجميع هذه القواعد تشكل نقاط إمدادٍ للمسلحين الذين يدورون في فلكهم، بحسب ما تؤكد مصادر ميدانية متابعة .

2 – التواجد العسكري التركي: في مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، وفي محافظة إدلب في إتجاه عفرين، وفي نقاط التماس بين محافظتي حلب وادلب وبين محافظتي إدلب وحماه، وهدفه الظاهر محاصرة التمدد الكردي، والخفي التواجد الميداني غير الشرعي على اراض سورية.

طبعا، بالرغم من ان الوجود الشرعي المذكور يساهم الى حد بعيد في دعم الدولة السورية للوقوف بوجه الهجمة الدولية الشرسة عليها ، فان الوجود غير الشرعي المذكور اعلاه، يمنع تقدم القوات السورية وحلفائها، وفي مقدمها الروسية، تلافيا للتصادم مع الأميركيين، كذلك يؤمن التوازن في موازين القوى، والتأثير في الحل السياسي المرتقب للأزمة السورية، برأي مصادر معارضة .

من ناحية اخرى ، ينشط “الإسرائيلي” بقوة على خط الأزمة، تارةً بالإعتداء كما حدث في الآونة الأخيرة في القنيطرة وقبلها في ريف دمشق، وطوراً بالتهديد والوعيد، لدعم المجموعات التكفيرية المسلحة المدعومة من كيانه ورفع معنوياتها، ذلك تماشياً مع سياسية رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو المأزوم داخلياً، ويبحث في الوقت عينه عن إتفاق بديل “لفك الاشتباك” 1974 بعد سقوطها، لضمان أمن كيانه، رغم تراجع القوات الإيرانية وحزب الله عن الحدود السورية مع فلسطين المحتلة، بالتنسيق مع روسيا التي تبذل جهوداً كبيرة لمحاولة التوصل الى إتفاق سياسي مرتجى لحل الأزمة السورية، من خلال حركة إتصالات نشطة داخلية وخارجية، بحسب ما تؤكد المصادر أعلاه .

هذا التصعيد “الإسرائيلي” أدى من جانبٍ آخر الى المزيد من تعميق التحالف بين كل من سورية وإيران وحزب الله، وتأكد هذا الأمر عملياً بعدما تصدت الدفاعات الجوية السورية لطيران إسرائيلي اخترق المجال الجوي السوري عند الحدود اللبنانية في منطقة بعلبك وتصدت له وأصابت إحدى طائراته إصابة مباشرة وأرغمته على الفرار في الأيام القليلة الفائتة، كما جاء في بيان صادر عن الجيش العربي السوري .

هذا الأمر يؤكد مرة اخرى وحدة الجبهة، و قد رسم خطا أحمرا من قبلها في الأجواء اللبنانية، على غرار ما حدث في العام 1983، يوم أطلقت القوات الجوية الأميركية عشرات المقاتلات ضد مواقع الجيش السوري في لبنان، تحديداً في البقاع، بذريعة أن الجيش السوري أطلق صواريخ أرض جو على طائرة استطلاع أميركية. وكانت النتيجة اسقاط المضادات الأرضية السورية الروسية الصنع لثلاث طائرات نفاثة أميركية فوق البقاع ، الامر الذي ثبت الخط الاحمر لفترة طويلة واسس لقواعد اشتباك فرضت نفسها لوقت طويل.

في المحصلة، تؤكد كل الوقائع والتطورات المذكورة أعلاه أن جميع الأفرقاء اللاعبين على الساحة السورية، يجمعون أوراقهم ويحصنون مواقعهم فيها، خلال هذا الوقت المستقطع قبل نضوج التسوية المرجوة.

-المرده-