تنصبّ الكثير من الأسئلة حول مستقبل الرقة بعد طرد “داعش” الوهابية منها.
الولايات المتحدة تسعى لأن تكون مدينة الرقة، إضافة إلى الوجود الأميركي في محافظة الحسكة وفي عين العرب في ريف حلب الشمالي، ورقة للضغط على سوريا وحلفائها بهدف الحصول على تنازلات مقابل جلاء الجيش الأميركي وعودة هذه المناطق إلى سيطرة الدولة السورية، ولهذا سارعت الولايات المتحدة إلى دفع حلفائها، وتحديداً المملكة العربية السعودية وبعض الدول الأوروبية لتخصص مبالغ مالية لإعادة إعمار مدينة الرقة، لاحتواء وتطويق النقمة الشعبية على الدمار الواسع الذي ألحقته القوات الأميركية بالمدينة، حيث تأكد أن أكثر من 90 من المدينة مدمر تدميراً كاملاً.
بالنسبة للدولة السورية لن تتخلى عن محافظة الرقة ولا عن أي شبر من الأراضي السورية خارج سيطرتها، ينطبق الأمر على محافظة الرقة وعلى مناطق في محافظتي حلب والحسكة التي تتواجد فيها القوات الأميركية بذريعة دعم قوات سورية الديمقراطية.
القوات الأميركية جاءت إلى سوريا من دون موافقة الدولة السورية وبذريعة القضاء على “داعش”.
اليوم داعش لم يعد موجوداً، وبالتالي انتفى مبرر استمرار وجود القوات الأميركية وأي قوات أجنبية أخرى، الدولة السورية سوف تستند إلى شرعيتها وإلى المواثيق الدولية، وستطالب بإخلاء الرقة والمناطق الأخرى من الوجود الأميركي وأي قوات أجنبية فوراً ومن دون شروط.
وفي حال عدم الاستجابة لطلب الدولة السورية، فلدى الحكومة السورية وحلفائها خطة كاملة لاستعادة السيادة على كل شبر من الأراضي السورية في إطار حل سياسي في جنيف، وإذا تعذر ذلك ستكون مواجهة سوف تستخدم فيها كل الوسائل المتاحة لإخراج القوات الأميركية والأجنبية الأخرى التي لا تحظى بموافقة الدولة السورية المعترف بها دولياً.
لا شك أنه حتى قبل بدء الدولة السورية وحلفائها في وضع استراتيجيتهم موضع التنفيذ فإن الرقة بدأت من الآن تشهد سلسلة من التحركات التي تجعل احتمال ترسيخ السيطرة الأميركية عليها أمراً مستحيلاً، حتى وإن اختبأت خلف «قوات سورية الديمقراطية».
غالبية سكان الرقة العرب احتجوا على ما حدث للرقة بذريعة تحريرها من داعش ويعارضون بقوة بقاء السيطرة عليها من قبل قوات سورية الديمقراطية، تركيا أعلنت اعتراضها الشديد على السياسة الأميركية في هذه المنطقة، ولاسيما دعمها للأكراد، والعراق لن يقبل في سوريا ما رفضه في كركوك ومناطق أخرى، وبالتالي يستحيل أن تستتب الأوضاع في الرقة لصالح القوات الأميركية.
ما ينتظر الرقة صراعٌ هو الأعقد والأكثر تنوعاً، وتتراوح أدواته بين الحرب الإقليمية والدولية بين محورين أساسيين، المحور الذي يدعم الدولة السورية والمحور الذي تقوده الولايات المتحدة، وحروب عصابات تشبه الحرب ضد الاحتلال الأميركي في العراق والوجود الأميركي في لبنان عام 1983، واحتمال التسوية السياسية في إطار جنيف.
حميدي العبدالله – البناء