كشفت معلومات ديبلوماسية في بيروت عن «سخط» سعودي من الحلفاء في لبنان
بعد نتائج مخيبة لاجتماعات حصلت في بيروت وفي المملكة، وهو ما عبر عنه وزير شؤون الخليج ثامر السبهان بوصفهم «بالجبناء»..
وفي هذا السياق يعد حضور وزير الدولة السعودي برفقة مبعوث الرئيس الأميركي للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش بريت ماكجورك الى بلدة عين عرب السورية بريف الرقة، الظهور العلني الأول لمسؤول سعودي في منطقة تقع تحت سيطرة المسلحين الأكراد في سوريا، ومن خلاله وجهت الرياض «رسائل» متعددة الاتجاهات الى تركيا وايران وروسيا، الا ان «الرسالة» اللبنانية الاهم التي تفسر الكثير من الحراك السعودي الاخير على الساحة اللبنانية كانت في وصف السبهان حلفاء المملكة اللبنانيين «بالجبناء» بعد لقاءات عقدها معهم في بيروت وزيارة بعضهم الى السعودية…هذا الوصف تداولته اوساط ديبلوماسية في بيروت نقلا عن رئيس الاتحاد الديموقراطي الكردي في سوريا صالح مسلم الذي رافق عدداً من المحيطين به السبهان خلال زيارته الاخيرة…
ووفقا لتلك الاوساط، جرى نقاش بين المسؤولين الكرد في «قسد» والسبهان حيال طبيعة التعاون على الساحة السورية في المرحلة المقبلة، وبعد ان استعرض الوزير السعودي ما يمكن ان تقدمه المملكة من مساعدات «سخية» في مرحلة ما بعد «داعش»، مستوضحا خيارات قوات سوريا الديموقراطية في سوريا الجديدة، توجه الى محدثيه بالقول «نحن في المملكة نعرف كم ان الشعب الكردي يملك من الشجاعة لمواجهة الاخطار، ونعرف ايضا انكم لن تخذلونا كما خذلنا البعض من حلفائنا سواء القطريين الذين شقوا الصف الخليجي وارتموا في «الحضن» الايراني او بعض اللبنانيين «الجبناء» الذين يتقاعسون في مواجهة حزب الله «الذراع» الايرانية في المنطقة…
هذه الجملة التي كانت جزءا من نقاش طويل لاستكشاف حدود الدور السعودي في مناطق الاكراد، تؤكد تلك الاوساط ان السبهان قالها «بانفعال»، وهي تأتي على خلفية فشل وزير الدولة لشؤون الخليج في تحفيز من التقاهم من حلفاء في بيروت ومن دعتهم المملكة الى السعودية لمواجهة جديدة مع حزب الله على الساحة اللبنانية، ووفقا لتقاطع المعلومات من اكثر من مصدر عليم بما حصل مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل خلال زيارتهما الاخيرة الى المملكة، فإن المسؤولين السعوديين اصيبوا «بخيبة أمل» ازاء ما سمعوه من الرجلين، مع العلم ان تمايزا مقصودا حصل بينهما منذ وصولهما الى ارض المطار، حيث تولى وفد من الاستخبارات السعودية مرافقة جعجع الى مكان اقامته، فيما تولت التشريفات الخاصة بالديوان الملكي السعودي ترتيبات استقبال الجميل…
الجميل ـ جعجع «وخيبة الامل»
ووفقا لتلك الاوساط، فان الاجواء التي نقلها رئيس حزب الكتائب الى والده الرئيس امين الجميل وعدد من المستشارين عن طبيعة الزيارة عكست «واقعية» متناهية في مقاربة الملف اللبناني وخصوصا طبيعة العلاقة مع حزب الله، وكان الجميل صريحا بقوله ان عدم موافقته على الكثير من سياسات الحزب على الساحة اللبنانية وخارجها شيء، والانتقال الى مواجهة مفتوحة معه شيء آخر، مؤكدا انه جزء من النسيج الاجتماعي اللبناني والذهاب بعيدا في مواجهته ستعني حكما حربا اهلية لا قدرة لاحد من «خصومه» على القيام بها، فضلا عن عدم وجود رغبة بذلك… وفهم السعوديون ان ما يقوم به حزب الكتائب الان هو الحد الاقصى الممكن، خصوصا ان الجميل لم يحصل على اجابة واضحة حول موقف رئيس الحكومة سعد الحريري من مسألة «التصعيد»، وعن استعداده للتخلي عن رئاسة الحكومة، والذهاب الى المجهول؟
في المقابل، لم يكن جعجع مرتاحا في بداية المحادثات، كما ابلغ المحيطين به في بيروت عندما عقد معهم «جلسة» تقويم للزيارة بعد عودته الى بيروت، فـ «الحكيم» فوجىء باتهامات سعودية له بالمسؤولية عن انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا، وقيل له انه هو من حشر الرئيس الحريري في «الزاوية» واجبره على الذهاب الى هذا الخيار، عندما وقع تفاهم معراب مع التيار الوطني الحر وتبنى ترشيح رئيسه الذي لم يوفر فرصة حتى الآن لتأكيد انتمائه الى «المعسكر الايراني»… طبعا رفض جعجع هذه الاتهامات وقدم عرضا لتلك المرحلة منتقدا اداء رئيس الحكومة الذي عمل من وراء «ظهر الجميع» وذهب لمفاوضة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، واضعا حلفاءه امام الامر الواقع، مؤكدا ان الحريري هو من وضعه في «الزاوية» واضطره الى اتخاذ القرار بدعم «الجنرال»…
وحيال تفعيل المواجهة مع حزب الله، لم يبد جعجع اي حماسة في هذا الملف، واخبر من التقاهم في بيروت انه شرح بشكل واضح للسعوديين الاختلال الكبير في موازين القوى على الساحة اللبنانية بعد ان تحول الحزب الى قوة اقليمية تتجاوز قدرة اي طرف لبناني على مواجهته، منبها السعوديين الى مسالة شديدة الاهمية تتعلق بعلاقة المؤسسة العسكرية مع حزب الله، ولفت الى ان ما يجب ان تعرفه المملكة ان العلاقة بين الطرفين تجاوزت مرحلة التنسيق الى التكامل، ولا تظن ان في اي مرحلة من المراحل يمكن تحييد الجيش او اعتباره جزءاً من منظومة معادية لحزب الله… وانتهى النقاش عند هذه الحدود وتوصل السعوديون الى خلاصة مفادها عدم وجود استعداد من قبل الحلفاء المسيحيين لتجاوز حدود سياسة الاعتراض الحالية ضد الحزب، في وقت كان «الشغل الشاغل» للجميل وجعجع تحقيق نتائج وازنة على الساحة المسيحية في الانتخابات النيابية المقبلة.. وهذا ربما ما يفسر نعتهم من قبل السبهان «بالجبناء» خصوصا ان هذه الاجواء لم تختلف عن استنتاجاته التي توصل اليها خلال زيارته الاخيرة الى بيروت..
الحريري ـ جنبلاط وترقب النتائج…
في هذ الوقت تؤكد اوساط سياسية بارزة دقة هذه المعلومات، وتشير الى ان رئيس الحكومة سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط كانا يترقبان نتائج هذه اللقاءات في السعودية، وهما عبرا بشكل منفصل عن ارتياحهما الى موقفي الجميل وجعجع، لانهما رفعا عنهما الحرج ازاء المطالب السعودية، ومن الواضح ان الرجلين لا يرغبان ايضا بأي تصعيد داخلي، فجنبلاط يتحلى بواقعية متناهية تصل الى حدود التنسيق في الكثير من الملفات الحيوية مع الحزب، ولا يرغب ابدا بعودة العلاقات الى مرحلة التوترات، وكذلك يدرك الرئيس الحريري حدود القدرة لديه في ظل ازمته في الساحة السنية، وبقائه على رأس الحكومة احد المكاسب التي لا يريد خسارتها… وفي هذا السياق تؤكد تلك الاوساط ان رئيس مجلس النواب نبيه بري «لعب» دورا محوريا في زيادة الاطمانان لدى الحريري وجنبلاط خلال اللقاء الثلاثي الاخير في كليمونصو، وعمل على طريقته في «احتواء» الرجلين بعد ان بلغه وجود نوع من «التوتر» بعد خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي تحدث فيه عن «قطع يد» كل من ستمتد يده الى لبنان…
-الديار-