أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


البابا فرنسيس مرحباً بالقادمين من‏ لبنان والأراضي المقدّسة ‏والشرق الأوسط: لم يخلق المسيحي للملل، لا تدعوا الإحباط ينال منكم، الله يفاجئنا دائماً

– الرجاء هو انتظار يقظ..لا يمكن للمسيحي أن يكون متشائماً (ar.zenit.org)
– الاستسلام ليس فضيلة مسيحيّة.. ما من شخص يبني السلام ولا يخاطر في نهاية الأمر بسلامه الشخصي..
– الشخص الخانع لا يبني السلام إنما هو كسول.. والشجاعة هي حمل الخير

***

Pèlerinage-du-pape-François-à-Aparecida-2013-capture-CTV

“لا تدعوا الإحباط ينال منكم”. كان هذا تشجيع البابا فرنسيس الذي وجّهه ضمن رسالة مصوّرة للشعب البرازيلي، لمناسبة عيد سيدة أباريسيدا في 12 تشرين الأول، بحسب ما نقلته لنا آن كوريان من القسم الفرنسي في زينيت.

في التفاصيل، ولمئوية اكتشاف عذراء أباريسيدا الثالثة، “شفيعة البرازيل وملكته”، على يد صيّادين عام 1717، طلب البابا في رسالته من المؤمنين أن يكونوا فرحين وممتنّين: “فليظهر هذا الفرح الذي ينبع من قلوبكم، وليصل إلى كلّ أقاصي البرازيل، خاصة الضواحي الجغرافية والاجتماعية والوجودية”.

كما وأكّد الأب الأقدس في الرسالة أيضاً أنّ “الله يفاجئنا دائماً”، مضيفاً أنّه لا يمكن للمسيحي أن يكون متشائماً. “اليوم، البرازيل بحاجة إلى رجال ونساء مليئين بالرجاء وثابتين في الإيمان، وشهوداً لكون الحبّ الذي يظهر في التضامن والمشاركة أقوى وألمع من ظلمات الأنانية والفساد”.

في السياق عينه، غرّد البابا على حسابه على موقع تويتر عاهداً بالبرازيليين العاطلين عن العمل للعذراء: “لقد تمّ إيجاد تمثال سيدة أباريسيدا على يد عمّال فقراء؛ واليوم، فلتبارك العذراء بوجه خاص من يبحثون عن عمل”.

لقراءة الخبر من المصدر: (إضغط هنا)

***

النص الكامل للمقابلة العامة لقداسة البابا فرنسيس مع المؤمنين يوم الأربعاء 11 تشرين الأول 2017

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

  • أودّ أن أتوقّف اليوم عند بُعدٍ من أبعادِ الرجاء ألا وهو الانتظار اليقظ.
    فموضوع اليقظة هو أحد ركائز العهد الجديد.
  • يسوع يعظ تلاميذه:
    – “لِتَكُنْ أَوساطُكُم مَشدودة،
    – ولْتَكُنْ سُرُجُكُم مُوقَدَة،
    – وكونوا مِثلَ رِجالٍ يَنتَظِرونَ رُجوعَ سَيِّدِهم مِنَ العُرس،
    – حتَّى إِذا جاءَ وقَرَعَ البابَ يَفتَحونَ لَه مِن وَقتِهِم” (لو 12، 35- 36).

في هذه الفترة التي تأتي بعد قيامة يسوع، والتي تتناوب خلالها باستمرار لحظاتٌ هادئة وأخرى مؤلمة، فإن المسيحيين لا يسترخون أبدًا.

pape-francis

  • الإنجيل يوصي بأن يكونوا مثل الخدّام الذين لا ينامون أبدًا،
    إلى أن يعود سيّدهم.
  • إن هذا العالم يتطلّب منّا المسؤولية، ونحن نتحمّلها كلّها وبمحبّة.
    يريد يسوع أن تكون حياتنا مفعمة بالاجتهاد، ألّا نتقاعس، كي نقبل بامتنان وذهول كلّ يوم جديد يعطينا الله إياه.
  • كلّ صباح هو صفحة بيضاء يبدأ المسيحيّ بكتابتها بالأعمال الصالحة.
    لقد نلنا الخلاص بفعل الفداء الذي تمّمه يسوع، لكنّنا ننتظر الآن ملء ظهور ربوبيته: عندما يصبح الله أخيرًا كُلَّ شَيءٍ في كُلِّ شيَء (را. 1 قور 15، 28). فما من شيء أكثر يقينًا، في إيمان المسيحيّين، من هذا “الموعد” –هذا الموعد مع الرب، عندما يعود. وعندما يأتي هذا اليوم، نريد نحن المسيحيّون أن نكون مثل أولئك الخدام الذين قضوا الليل وأَوساطُهم مَشدودة، وسُرُجُهم مُوقَدَة: يجب أن نكون مستعدّين للخلاص الآتي، مستعدّين للقاء. هل فكّرتم كيف سيكون اللقاء بيسوع عندما يأتي؟ سوف يكون عناقًا، وفرحًا عظيمًا، فرحًا هائلًا! علينا أن نحيا ونحن ننتظر هذا اللقاء!

لم يُخلق المسيحيّ للملل؛ إنما هو صبور.

  • ويعلم أيضًا أن هناك سرّ نعمة مخفيّة خلف رتابة بعض الأيام المتشابهة.
    هناك أشخاص قد أصبحوا، بفضل مثابرة محبّتهم، مثل آبار تروي الصحراء. فما من شيء يحدث عبثًا، وما من وضع يجد المسيحيّ نفسه منغمسًا فيه هو مضادّ بالكامل للمحبّة. وما من ليلٍ يطول لدرجة أن يجعله ينسى فرحة الفجر. وكلما ازداد ظلام الليل، كلما قَرُب الفجر. فإن بقينا متّحدين بيسوع، لن يشلّنا برد الأوقات الصعبة؛ حتى وإن تكلم العالمُ بأسره ضدّ الرجاء، وإن قال إن المستقبل سوف يحمل الغيوم السوداء وحسب، فالمسيحيّ يعلم أن في هذا المستقبل بالذات هناك عودة المسيح. لا أحدَ يعلم متى سوف يحدث هذا، لكن يكفي أن نفكّر بأن هناك يسوع الرحيم في نهاية تاريخنا كي يكون لدينا الثقة، ولا نلعن الحياة. كلّ شيء سوف ينال الخلاص. كلّ شيء. سوف نتألّم، وسيكون هناك أوقات غضب وسخط، لكن ذِكرى المسيحِ الحلوة والقديرة سوف تزيل تجربة التفكير بأن هذه الحياة هي خاطئة.

فبَعد أن عرفنا المسيح، لا يمكننا إلّا أن ندقّق بالتاريخ بثقة ورجاء. يسوع هو مثل البيت، ونحن داخل هذا البيت، وننظر إلى العالم عبر نوافذ هذا البيت. لذا فنحن لا ننغلق على أنفسنا، ولا نبكي بكآبة على ماضٍ من المفترض أن يكون ذهبيّ، إنما ننظر دومًا إلى الأمام، إلى مستقبلٍ ليس صنع أيدينا وحسب، إنما وقبل كلّ شيء، هو انشغال العناية الإلهية الدائم. وكلّ ما هو مُبهَم سوف يصبح يومًا ما منيرًا.

  • ولنفتكر أن الله لا ينكر ذاته. أبدًا. الله لا يخيب أبدًا. ومشيئته تجاهنا ليست غامضة، إنما هي مشروع خلاص واضح المعالم: فالله “يُريدُ أَن يَخْلُصَ جَميعُ النَّاسِ ويَبلُغوا إِلى مَعرِفَةِ الحَقّ” (1 طيم 2، 4). لذا فلا يجب أن نستسلم لتدفّق الأحداث بتشاؤم، كما لو كان التاريخ قطارًا فقد السيطرة. الاستسلام ليس فضيلة مسيحيّة. وليس مسيحيًّا أيضًا عدم الاكتراث أو الاستسلام إزاء مصيرٍ يبدو لنا وكأنّه لا مفرّ منه.

إن الذين يبعثون الرجاء في العالم ليسوا أبدًا أشخاصًا خانعين. فيسوع يوصينا بانتظاره دون أن نقف مكتوفي الأيدي: “طوبى لأُولِئكَ الخَدَم الَّذينَ إِذا جاءَ سَيِّدُهم وَجَدَهم ساهِرين” (لو 12، 37). فما من شخص يبني السلام ولا يخاطر في نهاية الأمر بسلامه الشخصي، حاملًا مشاكل الآخرين. الشخص الخانع لا يبني السلام إنما هو كسول، هو شخص يريد الاسترخاء. بينما أن المسيحي يبني السلام حين يخاطر، حين تكون له الشجاعة على حمل الخير، الخير الذي وهبنا إياه يسوع، الخير الذي أعطانا إياه بمثابة الكنز.

إننا نكرّر، في كلّ يوم من حياتنا، تلك الصلاة التي عبّر عنها التلاميذ الأوائل في لغتهم الآرامية بكلمة “مارانا تا” التي نجدها في آخر آية من الكتاب المقدّس: “تَعالَ، أَيُّها الرَّبُّ يَسوع” (رؤ 22، 20). إنها لازمة كلّ وجود مسيحيّ: إننا لسنا بحاجة لشيء في عالمنا، سوى لعناق المسيح. ويا لها من نعمة إذا سمعنا صوته في الصلاة، خلال الأيام الصعبة من هذه الحياة، يجيب ويطمئننا: “هاءَنذا آتٍ على عَجَل” (رؤ22، 7)!

* * * * * *

الكتاب المقدس:

مِن إنجيل ربنا يسوع المسيح بحسب القديس لوقا (12، 35 – 38، 40)‏

في ذلك الوقت قال يسوع: “لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً، وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجِعُ مِنَ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ. طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدِمُهُمْ. وَإِنْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّانِي أَوْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّالِثِ وَوَجَدَهُمْ هَكَذَا، فَطُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ. … فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ)).

* * * * * *

تابع الأب الأقدس اليوم تعليمه حول الرجاء المسيحي متوقفا عند بعد مهم من أبعاد الرجاء وهو الانتظار‏ ‏اليقظ. المسيحي لا يستسلم للاسترخاء، وإنما هو مثل الخادم الذي لا ينام أبدا إلى أن يعود معلمه، أي المسيح. ‏لا أحد يعلم متى ستكون هذه العودة، لكن ما من شيء أكثر يقينا، في إيمان المسيحيين، من هذا ‏‏”الموعد”. لذا ‏فعلى المسيحي أن يكون دائم الاستعداد للقاء بالرب ولقبول الخلاص. يكمن سر طول أناة المسيحي في اتحاده ‏بيسوع الذي يعطيه القوة لتخطي الأوقات الصعبة لأنه على يقين بعودة المسيح برغم الغيوم السوداء أو الألم. ‏من عرف المسيح لا ينغلق على ذاته بل ينظر دوما إلى الأمام، إلى ‏مستقبل ليس من صنع أيدينا وحسب، ‏وإنما، وقبل كل شيء، هو بين يدي الرب الذي يريد أن يخلص جميع الناس ويبلغوا إلى معرفة الحقّ.

* * * * * *

أرحب بمودة بالحاضرين الناطقين باللغة العربية، وخاصة بالقادمين من‏ لبنان ومن الأراضي المقدّسة ‏ومن الشرق الأوسط. يقوم رجاؤنا على اليقين بعودة المسيح وعلى الاستعداد اليقظ للقائه. لذا فلا يجب أن ‏نستسلم بتشاؤم لتدفق الأحداث‏، كما لو كان التاريخ قطارا فقد السيطرة. إن الاستسلام ليس فضيلة مسيحية. ‏ ‏ليبارككم الربّ جميعا ويحرسكم من الشرير!‏

لقراءة الخبر من المصدر (إضغط هنا)

Jesus-Lebanon

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2017
© Copyright – Libreria Editrice Vaticana‏