أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


خاص – النبيه لم يكن نبيها هذه المرة بموضوع مالية الدولة (نسيم بو سمرا)

– حبكة ما يخفيها وزير المال لإجراء قطع حساب مع تسوية…

***

أزمة كنا بغنى عنها لولا الحسابات السياسية الضيقة والمزايدات الشعبوية وتسجيل النقاط، وهذه الحسابات لطالما ارتبطت بالعلاقة المتأرجحة بين الرئاستين الأولى والثانية، مع العلم ان هذه العلاقة تمر بهبات باردة وأخرى ساخنة، إلا انه لا يجوز ان تصل الأمور بينهما الى هذا التباعد الكبير، وبخاصة ان غياب “الكيميا” بينهما هو على أمور حساسة كما هو حاصل في الشأن المالي بعدما باتت حسابات الدولة مكشوفة بسبب قرار المجلس الدستوري إسقاط قانون الضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، ونشير في هذا السياق الى ان قرار المجلس الدستوري قرار حق، استند الى مبررات دستورية لا تحتمل الاجتهادات بشأنها، وهو نهج أرساه العهد الجديد بتحرير الرئيس ميشال عون المجلس الدستوري من الضغوط والتدخلات السياسية، اما تذرع الرئاسة الثانية بتعدي الرئاسة الأولى على صلاحياتها فحجة ساقطة لأن المجلس الدستوري قام بواجباته في هذا الاطار وهو ما لم تعتد عليه الطبقة السياسية من قبل.

إذا في سياق الأزمة الحالية التي وصلنا اليها بعدما باتت سلسلة الرتب والرواتب الذي انتظرها اصحاب الحق ل 25 عاماܳ، في مهب الريح، وذلك لعدم امكان تمويلها بعدما اسقط المجلس الدستوري قانون الضرائب، إلا لشهر او اثنين على الأكثر في حال طلب مجلس الوزراء سلفة من مجلس النواب لدفع الرواتب، في وقت ما كنا لنصل الى هذه المعضلة اليوم لو استمعوا الى رأي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بأن الموازنة يجب ان تصدر قبل سلسلة الرتب والرواتب وتتضمن الايرادات المخصصة للسلسة، لا إقرار قانون الايرادات قبل السلسلة، غير ان المشكلة اليوم باتت في مكان آخر بعدما أدلى به وزير المال علي حسن خليل في جلسة مجلس الوزراء امس، بأن هناك فضيحة مالية منذ العام 2003 حيث لا تظهر سجلات 80 في المئة من الهبات والقروض المقدمة الى الدولة اللبنانية، ما يعني عمليا ان وزارة المال تقوم بتسديد قروض لا تعرف ما هيتها وأين صرفت، وهذا ما كان ليحصل بالطبع لو كان هناك قطع حساب غير الموجود منذ العام 2003، ويعني ايضا من الناحية القانونية بحسب الخبراء ان لا يمكن إقرار موازنة للعام الجاري قبل إجراء قطوعات الحسابات منذ العام 2004 وحتى العام 2017، وهنا تكمن المشكلة إذ ان دفع الرواتب للموظفين وفق سلسلة الرتب والرواتب متوجب منذ بداية تشرين الأول المقبل، ويشير الخبراء الى ان هناك حلان لا ثالث لهما:

الأول إصدار الموازنة التي تتضمن ايرادات السلسلة بحسب ما طلب المجلس الدستوري في توصيته، وهذا بات مستحيلا من دون قطع حساب، وهو الأمر الذي تطالب به الرئاسة الثانية، او تعليق الماة 87 من الدستور التي تنص على اصدار قطع حساب سنوي تستند اليه الموازنة، بحسب ما يطالب تكتل التغيير والاصلاح، وهذا يعني إصدار الموازنة الراهنة من دون قطع حساب على ان يصار الى إعطاء وزارة المال فترة معقولة تمتد الى موعد موازنة العام المقبل، ولمرة واحدة، لتتمكن من اصدار قطوعات الحسابات عن السنوات الماضية.

وبانتظار عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من زيارته الفرنسية، لحل هذه المعضلة إذ لم يتوصل مجلس الوزراء امس الى اتفاق في هذا الاطار ورمى الكرة في ملعب الرئيس عون، وفي حين ان الرئيس من واجبه الحفاظ على الدستور واحترام تطبيقه غير انه كان حذر مسبقا من الوصول الى ما وصلنا اليه، وعلى الرغم انه قام بالتوقيع على السلسلة كي لا يقال انه ضد اعطاء موظفي الدولية حقوقهم، لكنه اعلن بوضوح ان الموازنة هي الأساس التي تضم واردات السلسلة، مع العلم ان الرئيس استمع الى اصحاب الشأن وجمعهم في قصر بعبدا على طاولة حوار قرَّب بواستطها وجهات النظر بين أصحاب الشأن أي أرباب العمل والعمال، وقد أقر قانون الضرائب لاحقا آخذا بعين الاعتبار جميع وجهات النظر، إلا ان النبيه لم يكن نبيها هذه المرة وأصر على اقرار السلسلة قبل الموازنة، لندخل اليوم في هذا النفق الذي سيخرجنا منه حتما الرئيس عون كما عوَّدنا دائما، وهو سيستمع غدا الى آراء جميع الوزراء ليبني على الشيئ مقتضاه.

Billiards
( تمريرات متبادلة بين فاسدي 14 و 8 آذار )

اما النقطة التي تؤشر الى حبكة ما يخفيها وزير المال فهو كشفه امس في مداخلته في مجلس الوزراء ان بات مستحيلا بعد غياب 80 بالمئة من سجلات وزارة المالية المتعلقة بالهبات والقروض، إجراء قطع حساب من دون تسوية، وهنا نستذكر مبلغ ال 11 مليار ليرة التي صرفها رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة من دون قيود، ويخشى ان تشمل التسوية التي يقترحها وزير المال هذا المبلغ ما يعني عودة نغمة عفا الله عما مضى والتي يرفضها الرئيس عون والتيار الوطني الحر، وكتاب الابراء المستحيل ما زال مفتوحا على الطاولة ونتيجته هي رفض إجراء تسويات على السرقات وهدر المال العام، وهذه التسوية التي لمح اليها أمس يشتم منها ذلك، ويعيد تذكيرنا بالعلاقة التشاركية القائمة منذ ما بعد الطائف بين الحريرية السياسية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وهنا تكمن خطورة هذا الطرح غير “النبيه”.