– بعض أكلة الحقوق لا زالوا في مناصبهم… (سحر القبرصي)
***
لطالما كان التنوع كلمة السّر لكل تطور يطاول الشعوب و البلدان و كان تبادل الأفكار و الكفايات و الخبرات من أبرز السمات التي تُضفي على كل مهمة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو تربوية طابعاً من التميز و تقودها الى نجاح محتّم. فالدولة ليست فقط فكرة عقلية وأخلاقية و مدنية و لا حتى واقعاً سياسياً بحتاً إنما هي عبارة عن مجموعة من التجارب الانسانية المختلفة . و من هنا فإن رزوح لبنان حالياً تحت ظاهرة التمديد يعدّ من أكثر المخاطر التي تطاول مفهوم الديمقراطية و يشكل عائقا في وجه كل نية في التغيير و التقدم.
كلية العلوم الاقتصادية – الفرع الثاني هي واحدة من الحالات الشاذة التي يستحق طلابها و أساتذتها و حاملو الشهادات العليا فيها تسليط الضوء على انتهاكٍ يطاول سدّة العمادة. فهي تعاني من تسلط و استبداد عميد وصل إلى قبة المسؤولية بفعل المحاصصة الطائفية و لم يستمر في احتلال منصبه سوى من خلال ممارساته الإلغائية تجاه منافسيه من الكفايات العلمية ومن أبناء مذهبه، مستفيداً من مجموعة خروقات فاضحة شابت الانتخابات التي انتهت بتكليفه للقيام بمهام العمادة. والمفارقة تقع بنكرانه الجميل لمن كان لهم الباع الأكبر في تكليفه بمنصب العمادة. فأروقة الجامعة تشهد على ما فَعَله بالعميد السابق الدكتور غسان شلوق يومَ تَمَكَن ولم يعد بحاجة لخدماته، حيث أدى الخلاف وتراشق التهم فيما بينهما إلى فضح المستور و الصفقات التي مررت من تحت الطاولة بغية قطع الطريق على مجموعة من زملائه من نفس المذهب و ذلك بتعليق ملفات تقييم أبحاثهم بما أظهره المرشح الوحيد عن طائفته. أضف الى ذلك مجموعة من المخالفات القانونية حيث جاء المرسوم الجمهوري رقم 897 بتاريخ 16/06/2017 ليعرض الرتب الحقيقية الحالية والسابقة للعميد المُكلَّف الدكتور خليل الفغالي ولزملاء متواطئين معه، قبلوا زوراً وتزويراً انتحال صفة تَرَفُّعِهم مباشرةً من رتبة معيد إلى رتبة أستاذ، بموجب إفادةٍ صادرة في 26/07/2017 مَكَّنَت أحدهم من غير الأهلية المطلوبة، ليس فقط من الحصول على رتبة أستاذ، بل من إدراج العميد السابق لاسمه زوراً على لائحة المرشحين المقبولين لمنصب عميد، قاطعا الطريق على زملاء آخرين منافسين في الإنتخابات بما يشكل تلاعبا فاضحا بالملفات الأكاديمية و اختراقا واضحا للحقيقة و الشفافية المرجوة من عميد مؤتمن على مستقبل جيل من الطلاب.
وحدِّث و لا حرج عن مآثر العميد فغالي الفاضحة التي بات يعرفها الطلاب قبل الزملاء و المتمثلة في قدرته الخارقة على تطويع العمل الأكاديمي بما يخدم مصالحه الشخصية. فخلال رئاسته لقسم المحاسبة والتدقيق في الفرع الثاني في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال لأكثر من 15 سنة متتالية اعتمد أسلوبا إلغائيا تجاه حاملي شهادة الدكتوراه أو التائقين إلى هذه الشهادة من طلابه في هذين الاختصاصين لإبقاء نفسه المرشح الوحيد لهذه المسؤولية. وهذا ليس سوى مشهد وحيد من مسلسل التمديد و التسلط الطويل إذ أضحى في مرحلة معينة عميد الكلية بالتكليف ومنسق الماستر البحثي ورئيس قسم في آن واحد. ولم يتوان مؤخراً عن إلغاء الانتخابات لرئاسة القسم الذي يهيمن عليه منذ سنوات وتعيينه صورياً أحد حملة الدبلوم من زملائه الطيعين لاستبداده، على الرغم من وجود زملاء مؤهلين لهذه المسؤولية في الفرع المذكور. كما ولم يتوان سابقاً عن التعدي على زملاء منافسين له في رئاسة القسم ومنعهم من التعليم تحت حجج واهية، مستفيداً من صمت العميد السابق الدكتور غسان شلوق وتواطئه وحمايته له ما أدى الى طي الشكوى المقدمة ضده من أحدهم أمام المجلس التأديبي و اخفائها في أدراج الجامعة المنسية .
أما اليوم فإن الخوف يسيطر على أهل الكلية الذين باتوا متخوفين من أطباعه وممارساته واستبداده بأمرهم وأمر عائلاتهم، حيث إنه يستخدم سياسته الإلغائية تجاه كل من يعارض تياره السياسي وتجاه كل من يقف بوجه ممارساته ومطامعه في مسك مفاصل الكلية. فأسلوب التهديد والوعيد هو أسلوبه و هدفه الأوحد هو إبعاد كل الكفايات و منعها من الوصول إلى مراكز المسؤولية في مجالس الفروع ومجلس الكلية و التي من شأنها تهديد استمراريته في منصبه الحالي بالتكليف أو إعادة اختياره في الانتخابات المقبلة.
من هنا يطرح الزملاء في الكلية السؤال حول ماهية ومدى التغطية السياسية التي يتمتع بها و التي تشكل غطاء لكل مفاسده وكل الخروقات التي يقوم بها على المستويين الإداري والأكاديمي. فاحتلاله لمهام لجنة دراسة طلبات الأساتذة الجدد و تحكمه بقرار إقصاء من هم من غير أوساطه لهو خير دليل على حالة ديكتاتورية بعيدة عن مفهوم و أسس دولتنا. فعندما تصل به الأمور لتعيين لجان علمية وبحثية بطريقة استنسابية للقيام بمهام تفوق مؤهلاتها العلمية يكون من الواجب التحذير الجدي.
لكل هرم رأسه و ملجأ أهل الكلية الوحيد بات مقام الرئاسة في الجامعة اللبنانية آملين في وضع حد لممارسات هذا العميد واستبداده وإدارته الاستنسابية والكيدية للكلية، وفرضه على الطلاب والأساتذة والموظفين تعليماته الشخصية وشروطا لا تمت بصلة للقوانين المرعية الاجراء. الوثائق كثيرة و الأدلة دامغة و ليست بحاجة إلا إلى قرار جريء يرفع الغطاء عن المخالفين. فيُترَك القرار الأقوى للنزاهة و المناقبية في تحقيق العدالة و بالتالي التنوع و التقدم على الصعيد التربوي .